تبرأت دولة الإمارات بشكل رسمي من جريدة "العرب" الصادرة في لندن، التي يسود الاعتقاد بأنها ممولة من أبوظبي وموالية لتيارها السياسي، وذلك بعد أن هاجمت الصحيفة كلا من السعودية والكويت، ووجهت نقدا غير مباشر للمصالحة الخليجية التي تمت مؤخرا عقب القمة التي انعقدت في السعودية.
ومن المعروف على نطاق واسع في الوسط الإعلامي العربي أن جريدة "العرب" اللندنية كانت قد شهدت قبل سنوات تغيرات في الملكية والإدارة، وبعدها على الفور تبنت سياسات موالية لدولة الإمارات، ما أعطى انطباعا بأنها أصبحت ممولة من أبوظبي، فضلا عن أن أغلب الدول العربية تعتبرها صحيفة إماراتية، وتتعامل معها على هذا الأساس، بدليل أن الكويت قدمت احتجاجا رسميا لدولة الإمارات عما نشرته الصحيفة يوم السابع من كانون الثاني/ يناير الحالي، رغم أن الجريدة مسجلة في بريطانيا وتصدر من لندن.
وفي أحدث حلقات الهجوم على دول الخليج نشرت صحيفة "العرب" تقريرا على صفحة كاملة يوم السبت الـ16 من الشهر الحالي يُهاجم السعودية بأكملها، سواء الشعب أو القيادة، حيث عنونت لتقريرها (إنشاء المدن الذكية العربية لا يعني أن المجتمعات ذكية)، ووضعت صورة ضخمة خلف العنوان لمدينة الرياض ويظهر فيها "برج المملكة"، في إشارة واضحة على أن العنوان ومضمون التقرير يأتي ردا على إعلان ولي العهد السعودي محمد بن سلمان قبل أقل من أسبوع عن إطلاق مدينة "ذا لاين" الذكية كأحد مشاريع "نيوم" وضمن "رؤية المملكة 2030".
وكتبت الصحيفة في التقرير الذي اطلعت عليه "عربي21" إن "مشروع مدينة ذا لاين الذي أعلنت عنه السعودية سلط الضوء على المدن الذكية في العالم العربي. ووصفت المدينة الذكية بأنها "مدينة الخيال والأحلام والتي تعِد بمستقبل أكثر تحضرا ورقيّا وذكاء".. ولكن هل يعني إنشاء مدن عربية ذكية أن سكانها أذكياء بالضرورة؟".
وسارعت إدارة الصحيفة في وقت لاحق إلى تعديل العنوان والمقدمة عبر موقعها على الإنترنت، وحذفت أي إشارة تتضمن الإهانة للشعب السعودي أو التحقير من مشروع المدينة الذكية التي أعلن عنها الأمير محمد بن سلمان، لكن التقرير وصورة الصفحة المطبوعة من الصحيفة كانا قد انتشرا في أوساط السعوديين وأثارا غضبا واسعا.
واضطرت الإمارات سريعا إلى إعلان براءتها من جريدة "العرب" الصادرة في لندن، رغم أنها لم تفعل ذلك عندما تلقت احتجاجا من دولة الكويت على الإساءة التي نشرتها الصحيفة بحق الأمير الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح.
ونشرت مديرة الاتصالات الاستراتيجية في وزارة الخارجية والتعاون الدولي في الإمارات، هند مانع العتيبة، السبت، تغريدتين على "تويتر" تنفي فيهما وجود صلة بين بلادها وجريدة "العرب".
وكتبت العتيبة: "تستمر دولة الإمارات بالتعامل الإيجابي إعلاميا وسياسيا لعلمنا أنه في مصلحة المنطقة. ويستمر البعض في محاولاته أن يربط الإمارات بما لا صلة لها به"، حسب قولها.
وأضافت المسؤولة الإماراتية قائلة في تغريدة أخرى: "عبارات مستهلكة، ومن وحي الأزمات، مثل: المدعومة من الإمارات، وتابعة للإمارات، وغيرهما، أصبحت سلاح العاجز الذي لا يريد أن يرى الأمور على حقيقتها. ومثال على ذلك تحميل الإمارات لما ورد من جريدة العرب اللندنية التي ليست تابعة قطعا للإمارات"، على حد تعبيرها.
إساءة سابقة للكويت
وسبق أن تورطت الصحيفة ذاتها في الإساءة لأمير الكويت يوم السابع من يناير الحالي (2021)، أي في اليوم التالي لإنجاز المصالحة الخليجية، حيث عنونت على صفحتها الأولى: (أزمة داخلية تفاجئ أمير الكويت المنتشي بنجاح وساطته بين قطر والسعودية)، ونشرت تقريرا موسعا في صفحة داخلية يُقلل من شأن المساعي التي بذلها أمير دولة الكويت، وذلك على الرغم من الإشادة الواسعة بجهوده على المستويين الشعبي والرسمي.
ولاحقا لما نشرته جريدة "العرب" عن أمير دولة الكويت، قال مصدر مسؤول في وزارة الخارجية الكويتية إن الوزارة تواصلت على الفور مع نظيرتها الإماراتية، وأعربت لهم عن استيائها ورفضها للعبارات التي وردت في مقالة الجريدة المذكورة والتي تمثل إساءة لدولة الكويت ورموزها.
وأكد المصدر أنّ الوزارة قدّمت مذكرة رسمية تعبر عن موقف دولة الكويت بهذا الشأن.
إقرأ أيضا: غضب كويتي عارم من صحيفة "إماراتية".. غمزت بجهود الأمير
وأضاف المصدر أنّ المسؤولين في الخارجية الإماراتية عبّروا عن رفضهم القاطع لأي إساءة لتلك العلاقات أو لرموز دولة الكويت، وأكدوا أنه لن يكون مقبولا أو مسموحا أن يساء لمقامهم السامي. وأكد الإماراتيون ذلك الموقف بمذكرة رسمية تلقتها وزارة الخارجية الكويتية.
وبعد الإساءة لدولة الكويت، لم تنفِ دولة الإمارات صلتها بالصحيفة، فيما اضطرت الإمارات لنفي علاقتها بالصحيفة بعد الإساءة التي تعرضت للسعودية، خاصة أن بعض المتابعين وصفها بأنها إساءة مزدوجة طالت ولي العهد والشعب السعودي في آن واحد.
وبحسب معلومات جمعتها "عربي21" من مصادر متعددة في لندن، فقد كانت جريدة "العرب" اللندنية قد شهدت تحولات في الملكية والإدارة قبل عدة سنوات، ثم تبنت بعد ذلك سياسة تحريرية موالية لدولة الإمارات، وهو ما أشاع الاعتقاد بأنها أصبحت مملوكة لأبوظبي أو على الأقل ممولة منها.
وكانت جريدة "العرب" وموقع "ميدل إيست أون لاين"، وكلاهما مملوكان للشخص نفسه ويعملان في بريطانيا قد نشرا مزاعم تتعلق بزعيم حركة النهضة التونسية ورئيس البرلمان في تونس الشيخ راشد الغنوشي، وهي مزاعم قضت المحكمة العليا في لندن بأنها كاذبة، وفرضت عليهما نشر تكذيب لها في وقت لاحق والاعتذار علنا للغنوشي.
إقرأ أيضا: الغنوشي يكسب دعوى قضائية ضد موقع عربي نشر أكاذيب
إقرأ أيضا: الغنوشي يكسب قضية ضد "العرب اللندنية" بعد نشرها أكاذيب
9 بنود مهمة في "إعلان العلا".. وأخرى "غائبة"
قراءة إسرائيلية في مصالحة دول الحصار لقطر
تقرير استراتيجي: السعودية تعيش في مأزق بالمهرة اليمنية