رأى نشطاء سوريون أن مواقف الإدارة الأمريكية من الأزمة السورية، غير واضحة حتى الآن بما فيه الكفاية، على الرغم من كارثية الوضع الذي يعيشه السوريون بعد عشرة أعوام على انطلاق ثورتهم المطالبة بالتغيير الديمقراطي.
فقد أكد أستاذ العلوم السياسية بجامعة السوربون الدكتور برهان غليون، أن الأزمة السورية تفاقمت ووصلت درجة من السوء لم يعد بعدها إلا الانفراج أو الموت الجماعي.
وقال غليون في تصريحات خاصة لـ "عربي21": "اشتدت الأزمة السورية إلى درجة لم تعد قابلة للاحتمال من طرف الجميع اللهم إلا إذا قبل المجتمع الدولي بالموت الجماعي للسوريين".
وأضاف: "هذا الوضع المأساوي الذي يعيشه السوريون يجب أن يستفز الإرادات في الداخل أولا قبل أن يستدعي إرادات الدول الكبرى، ذلك أن العالم الخارجي لن يهتم بالسوريين إذا لم يهتم السوريون بأنفسهم ويظهروا استعدادا للتفاهم مع بعضهم البعض".
وأكد غليون أنه متفائل بوجود ديناميكية داخلية للخروج من الحرب التي فرضها النظام، والتوجه نحو تشكيل إرادة داخلية قادرة على تغيير المشهد.
وأضاف: "أقول هذا وأنا مقتنع بأن الإدارة الأمريكية الجديدة بقيادة بايدن لن تفعل شيئا للسوريين إذا لم يظهروا هم أنفسهم دعمهم لقضيتهم، فإذا رأتنا أمريكا مستسلمين، فإنها لن تأتي لإنقاذنا.. أما إذا فرضنا أنفسنا فإنهم سيجدون أنفسهم مضطرين للاعتراف بوجود قضية سورية، على خلاف ما هو قائم اليوم حيث هناك شبه شعور بتراجع القضية السورية".
وأعرب غليون عن أسفه لعدم وجود إرادة دولية جادة لإنهاء الأزمة السورية، وقال: "لا توجد لا إرادة أمريكية ولا دولية للقيام بشيء جدي تجاه سوريا، لأن المجتمع الدولي يشك إلى اليوم بقدرة السوريين على التفاهم مع بعضهم البعض".
وعما إذا كان الحوار الأمريكي ـ الإيراني المرتقب يمكنه أن يكون على حساب حل الأزمة السورية، قال غليون: "من الممكن جدا أن يكون الحوار الأمريكي ـ الإيراني على حساب الملف السوري، لكن أعتقد أن الأمر أعقد بكثير من ذلك، فإذا كان الإيرانيون يعتقدون أن إدارة بايدن بها أشخاص لهم علاقة بحزب الله، فأعتقد أنهم واهمون، إذ لا توجد ضمانات لترتيب الأمور".
وأضاف: "لقد وضع بايدن 3 نقاط رئيسية في حواره مع إيران، وهي بالإضافة إلى الملف النووي، الصواريخ الباليستية والميليشيات الإيرانية المنتشرة في دول المنطقة، وقضية استخدام الإرهاب في السياسة".
من جهة أخرى رأى غليون أن واقع المعارضة السورية المشتت أفقدها الكثير من المصداقية، وأن الرهان بالأساس اليوم على الشعب السوري، وقال: "أعتقد أن تركيز الأمور على المعارضة السورية اليوم خطأ كبير، القضية قضية الشعب السوري بأكمله، وبالتالي عودة القضية إلى مكانها الطبيعي باعتبارها قضية شعب بأكمله، شعب يقف ضد الميليشيات ومتمسك بحكم ديمقراطي مدني".
وأكد أن نظام بشار الأسد لن يكون لا جزءا من الحاضر ولا من المستقبل، وقال: "نظام بشار لم يعد له أي قيمة واقعية إلا لجهة كونه ورقة إقليمية، أو قل مخلبا إيرانيا وإلى حد ما روسي لتخريب السلام ليس إلا"، على حد تعبيره.
من جهته رأى القيادي السابق في الائتلاف السوري المعارض ميشيل كيلو في حديث مع "عربي21"، أن "أمريكا ليست مستعجلة على حل الملف السوري، وأن إدارة بايدن لها هموم أكبر من سوريا بكثير، تسعى لحلها بطريقة مختلفة عن طريقة بايدن".
وأكد كيلو في حديث مع "عربي21"، أن "حصة أمريكا في سوريا مضمونة، وأنه لا توجد قوة دولية قادرة على تغييب واشنطن من سوريا، بل إن دور أمريكا الآن هو تعطيل روسيا في سوريا".
وأشار كيلو إلى أن "استراتيجية الروس في سوريا هي إبقاء الوضع على ما هو عليه، وأن بشار أمر واقع، وأن ذهابه سيفتح الباب أم صراع طائفي في سوريا متناسين أنه هو من أسس لهذا الصراع في سوريا".
وأضاف: "للأسف الشديد ستظل الأزمة السورية تراوح مكانها لفترة زمنية غير قصيرة، لأنه من غير المقبول سوريا بأي شكل من الأشكال القبول بنظام بشار الأسد، الذي كبد السوريين ويلات يصعب نسيانها لأجيال عديدة".
وتابع: "لا شك أن ما يجري في سوريا ليس فقط مشكلة سورية، وإنما هو مشكلة لكل دول الجوار.. ولا أعتقد أن شعبا فقد ما لا يقل عن وفاة مليون ونصف تحت التعذيب ومثلهم بالبراميل المتفجرة فضلا عن ملايين النازحين واللاجئين يمكنه بعد عقد من الصمود الأسطوري سيقبل بالعودة للعيش مع هذا النظام".
وأعرب كيلو عن قلقه لغياب ممثل حقيقي للشعب السوري، حتى وإن كان الأمريكيون والعالم ما زالوا يعترفون بالائتلاف وبهيئة التفاوض، وأكد أن غياب هذا الممثل الحقيقي والجامع من شأنه أن يزيد من تأجيل حل الملف السوري، وفق تعبيره.
ويشهد الملف السوري، حالة من الترقب الحذر بانتظار الخطوات الأولى التي ستتخذها الإدارة الأمريكية الجديدة، فيما تلوح مؤشرات على أن إدارة الرئيس جو بايدن، ستتجه لتبني استراتيجية مختلفة عن إدارة سابقه دونالد ترامب.
ويتقاسم النظام السوري المدعوم من إيران وروسيا السيطرة على الأراضي السورية مع المعارضة والأكراد.
ويستعد السوريون لإحياء الذكرى العاشرة لانطلاق ثورتهم ضد النظام في 15 آذار/ مارس 2011.
وأشارت عدة تقارير للأمم المتحدة خلال السنوات الماضية إلى ارتكاب النظام وحلفائه لجرائم حرب تمثلت في استخدام السلاح الكيماوي واتباع سياسة التجويع، والتهجير القسري والحصار والاعتقال التعسفي، والتعذيب، إضافة إلى القتل الممنهج والمتعمد لمئات الآلاف من المدنيين.
وحسب المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، فإن "6.7 ملايين مواطن سوري تحولوا إلى لاجئين"، حيث تستضيف تركيا وحدها 3.6 ملايين منهم، حسب أرقام رسمية.
ولم تفلح مفاوضات سياسية عقدت حول الأزمة السورية في عواصم دولية متعددة في التوصل إلى حل سياسي ينهي الحرب الدائرة في سوريا، ويحقق حلم الشعب السوري في الإصلاح السياسي المطلوب.
إقرأ أيضا: نظام الأسد يسيطر على شركة اتصالات "MTN".. لصالح من؟
اللجنة الدستورية السورية تراوح مكانها.. ما أبرز العراقيل؟
ما وراء تعديلات قانون تملك الأجانب للعقارات في سوريا؟
تونس.. منظمات وأحزاب تبحث عن حل للأزمة السياسية