نشر موقع لوريون لو جور الفرنسي تقريرا، سلّط فيه الضوء على الوضع الحالي في الرقة، المدينة التي دمّرتها الحرب ضد تنظيم الدولة.
وقال الموقع في تقريره الذي ترجمته "عربي21"، إنه بعد أكثر من ثلاث سنوات من استعادة المدينة من تنظيم الدولة، ما زالت "لؤلؤة الفرات" تبدو كما لو أنها تتخبط بين الحياة والموت.
وأضاف: "كل يوم، قبل حلول الظلام بقليل، ينبض مقهى النوفرة بالحياة. في هذا المكان، يلتقي شباب الرقة، لم يغادر عزت الموح بلدته عند وصول تنظيم الدولة إليها، ويشدد هذا الأب البالغ من العمر 29 عامًا: "لا أستطيع أن أبتعد عنها لفترة طويلة".
عاش هذا الشاب الخوف في مواجهة هؤلاء الجهاديين القادمين من العراق وتونس والشيشان وحتى فرنسا، الذين كانوا يضيقون الخناق على السكان.
ويروي موح قائلا: "كنت أدخن في الحمام سرًا لأنه المكان الوحيد الذي لا تطل فيه النافذة على الشارع مباشرة". لم يفر هذا الشاب أصيل الرقة إلا بعد أن كثّف التحالف الدولي غاراته الجوية منتصف عام 2017.
اليوم، يكافح هذا الشاب من أجل إعادة إعمار الرقة، وهي المدينة التي دمرت بنسبة 80 بالمئة في المعركة الأخيرة ضد تنظيم الدولة، مع عشرات الناشطين الشباب، وقبل ثلاث سنوات، أنشأ عزت الموح جمعية "رؤية". لكن المنح المقدمة من المنظمات غير الحكومية الدولية بدأت تقل بشكل متزايد.
يتساءل أحمد عبود، وهو عضو آخر في الجمعية، قائلا: لماذا نسي العالم الرقة؟ من جانبه، تحدث عزت الموح قائلا: "بدأت أفقد الأمل. أتساءل عما إذا كانت هذه المنظمات الدولية ستعود يومًا ما لإعادة إعمار مدينتنا حتى تعود الحياة إلى ما كانت عليه فيما مضى". في الرقة، يبدو أن الألم تحول الآن إلى يأس.
"خبز بصلصة الطماطم فقط"
أضاف الموقع أنه، منذ أكثر من ثلاث سنوات، كانت ليلى مصطفى، وهي كردية تترأس المجلس المدني للمدينة، تأمل في الحصول على مزيد من المساعدة من المجتمع الدولي. وقالت: "أعيد بناء 50 بالمئة من المدينة، وشبكة المياه، لكن العديد من الأحياء ما زالت دون كهرباء".
تسيطر قوات سوريا الديمقراطية على هذه المدينة، وهي تحالف عربي كردي. تم وضع حواجز يشرف عليها جنود أكراد عند كل مدخل لتأمينه.
وما زالت خلايا تنظيم الدولة موجودة. لكن نقاط التفتيش هذه تخلق توترات، إذ يضطر سكان الرقة في بعض الأحيان إلى الانتظار ما يقرب من نصف ساعة لدخول مدينتهم أو مغادرتها.
يقع التحقق من كل هوية وفحص السيارات. وعند اجتياز هذه الحواجز، يتعرض الشباب السوريون، الذين تتراوح أعمارهم بين 19 و 30 عامًا، لخطر الاعتقال والنقل إلى الثكنات إذا لم يُنهوا خدمتهم العسكرية الإجبارية مع قوات سوريا الديمقراطية.
اقرأ أيضا: أنباء عن اعتزام روسيا إنشاء قاعدة جوية لها في الرقة السورية
لذلك، لا يغادر المئات من شباب الرقة المدينة، وهو ما يجعلهم محرومين مرة أخرى من الحرية التي خرجوا من أجلها إلى الشوارع قبل عشر سنوات في بداية الثورة السورية.
ويضيف التقرير: "في الأشهر الأخيرة، عادت العديد من العائلات للعيش هنا. بعد أن أنهكتها ثلاث سنوات من الحياة في مخيمات اللاجئين، واستقر الكثير منهم تحت أنقاض منازلهم القديمة. وفي حي مستشفى الرقة السابق، دمرت جميع الطوابق العليا من المساكن بسبب عنف الضربات الجوية التي نفّذتها قوات التحالف الدولي.
لم يقم أحد بإزالة الأنقاض. تتدلى القضبان المعدنية وتهدد الكتل الخرسانية بالسقوط. في الطابق الأرضي مما تبقى من المباني، كانت الملابس معلقة في قضبان النوافذ القديمة.
في الصباح الباكر، يخرج عشرات الأطفال من تحت الأنقاض لشراء كوب من الحليب الساخن من التاجر المتنقل، ثم يتوجه البعض بعد ذلك إلى المدرسة، ولكن ليس جميعهم.
عادت سلمى الأحمد إلى الرقة بعد فرارها خلال الأشهر الأخيرة من الحرب في عام 2017. وهي تعيش الآن مع أطفالها الخمسة في شقة تشققت جدرانها بفعل القذائف والرصاص: "لا أحد يهتم لأمرنا". وأضافت: "علينا إصلاح الشوارع وإزالة الأنقاض حتى لا نرى مدينتنا في مثل هذه الحالة".
يعمل زوجها خارج المدينة ولا يعود إلى المنزل كثيرًا. يوميا، يتعين على سلمى إطعام بناتها الثلاث وولديها. "اتصلت بزوجي هذا الصباح لأخبره أنه ليس لدي ما أقدّمه للأطفال. فقط، الخبز بصلصة الطماطم. لم يعد بإمكاني شراء الزيتون والجبن وأشياء من هذا القبيل".
"جميعكم تكذبون! سوف تفرون جميعا"
ينضم إبراهيم، البالغ من العمر 65 عامًا، كل صباح إلى مجموعة أصدقائه في الباحة الأمامية لمتحف الرقة.
حظر تنظيم الدولة بيع الكتب وأغلقت قاعات العروض. اليوم، يحلم إبراهيم بإحياء الثقافة هناك: "أود إعادة المسرح للأطفال. لكن ليس لدي ما يكفي من المال، فأنا أعيش على التبرعات. أشعر بحزن شديد عندما أرى الأطفال الذين يعيشون تحت الأنقاض. أود أن أعيد لهم البسمة".
يناقش أصدقاء ابراهيم القدامى مستقبل المدينة. جميعهم كانوا تحت سيطرة تنظيم الدولة وخضعوا للقواعد التي فرضها الجهاديون. ماذا سيفعلون إذا سيطرت منظمة إرهابية أخرى على المدينة مرة أخرى في يوم من الأيام؟ رد خمسة منهم بكل فخر: "سنبقى مجددا!".
أما محمد عزو، البالغ من العمر 72 عاما، وهو مرشد سابق في متحف الرقة، فقد علّق قائلا: "جميعكم تكذبون! أنا أخبركم، سوف تفرون جميعًا. لن نكون قادرين على عيش حرب أخرى". ولكن إلى أين؟
NYT تكشف تفاصيل لقاء الأسد بصحفيين.. "طلب إلغاء برامج طعام"
التايمز: هل يمكن أن يصنع بوتين "سلاما" في الشرق الأوسط؟
WP: عالم سوري سرب أسرار البرنامج الكيماوي لـ"CIA"