قالت عائشة روزالي، وهي شابة بريطانية اعتنقت الإسلام مؤخرا، إن حياتها بالكامل تغيّرت للأفضل عقب اعتناقها الإسلام، حيث كانت حياتها سابقا تتمحور حول صناعة الأفلام والتمثيل وغيرها، وحصلت على جوائز في هذا المجال بالفعل، بينما اليوم أصبحت حياتها كلها تتعلّق بالإسلام، والسعي لتطبيقه على أكمل وجه، ومحاولة نشر رسالة الإسلام بصورة جيدة.
وروت روزالي، في مقابلة خاصة مع "ضيف عربي21"، بدايات وظروف اعتناقها الإسلام أثناء وجودها في تركيا خلال الفترة الماضية، رغم أن هذا كان آخر شيء توقعته في حياتها، مُشدّدة على أنها لن تتراجع يوما ما عن اعتناقها الدين الإسلامي، فهذا غير وارد بالمرة، خاصة أن صلتها بالله باتت قوية جدا.
وأوضحت روزالي أن هناك الكثير من المفاهيم المغلوطة التي يتم ترويجها في الغرب حول الدين الإسلامي، وهي غير صحيحة تماما، مثل الزعم بأن "المسلمين يكرهون غير المسلمين، ويريدون قتلهم، وأن الإسلام يُشجع التطرف والإرهاب، بينما هذا لا يمت للحقيقة بصلة، فالإرهاب لا علاقة له بالدين"، داعية إلى التعرّف على الإسلام من خلال مصادره الأصلية والموثوقة، ومن خلال علماء المسلمين الحقيقيين الذين كرّسوا حياتهم لدراسة الإسلام.
وتاليا نص المقابلة مع "ضيف عربي21":
في البداية.. نود أن نتعرف عليكم. من هي عائشة روزالي؟
اسمي عائشة روزالي، وُلدت في كامبردج في المملكة المتحدة، ولكنني أعيش في لندن خلال العامين الماضيين مع عائلتي، وكان اعتناق دين الإسلام آخر شيء توقعته. كنت أعمل في مجال التمثيل، لذلك أردت أن أكون ممثلة منذ وقت طويل جدا. لقد تدربت في لوس أنجلوس، وقمت بالعديد من الوظائف على خشبة المسرح سواء في الأفلام أو البرامج التلفزيونية أو حتى خلف الكاميرا. أردت أن أصبح مخرجة في وقت قصير، وأن أعمل بالإخراج وصناعة الأفلام، وحتى الكتابة أيضا.
كانت حياتي بأكملها متمحورة حول صناعة الأفلام منذ أن كنت أبلغ من العمر حوالي 14 عاما، ولم أفعل أي شيء آخر، وكان ذلك جيدا بالنسبة لي في ذلك الوقت، لكن بعد ذلك أصبحت مسلمة.
لماذا اعتنقتِ الدين الإسلامي؟
لقد اعتنقت دين الإسلام عندما كنت في تركيا، ولم يكن لديّ أي نية للدخول في الإسلام. كنت أتجول فقط في الأرجاء وأزور المناطق السياحية، لقد كنت تائهة حقا في ذلك الوقت. هناك آية في القرآن يقول فيها الله: "وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدَىٰ"، وهذا مُطابق جدا لحالتي، لأنني كنت تائهة للغاية، كنت أكثر ضياعا من أي وقت مضى في حياتي كلها عندما كنت في تركيا.
حينها قمت بزيارة جامع السلطان أحمد أثناء تواجدي هناك، ولم يكن لدي أي نية للتدين أو دخول الإسلام، لا شيء من هذا القبيل. كنت متواجدة هناك من أجل السياحة فقط قبل أن أدخل المسجد، اشتريت حجابا من متجر محلي متخصص في بيع الحجابات، ثم ارتديت الحجاب ودخلت المسجد، وأتذكر أنني كنت مصدومة ومتوترة وخائفة للغاية، لأنني سمعت أشياء كثيرة عن الإسلام في وسائل الإعلام، والتي كانت سلبية للغاية، لكني بحمد الله دخلت إلى المسجد ثم جلست واكتفيت بالمشاهدة.
لقد كنت أشاهد الناس فقط، وربما بقيت أشاهدهم لمدة ساعة تقريبا، وكنت أحمل في جيبي مسبحة، لأن صديقتي طلبت مني شراءها كهدية لها، لكنني لم أكن أعرف أنها مسبحة صلاة في ذلك الوقت. لقد اعتقدت أنها تعمل على تخفيف التوتر، لأنني رأيت الكثير من الأشخاص يستخدمونها، وقلت في نفسي حسنا ربما يمكنك استخدامها إذا كنت متوترا. وأتذكر أنني أخرجت المسبحة من جيبي وبحثت على محرك البحث غوغل. وقد أرشدني الله في تلك اللحظة للذهاب إلى غوغل والبحث عما "تفعله بمسبحة الصلاة هذه، ثم قرأت أنه يجب عليك أن تقول "سبحان الله"، و"الحمد لله"، و"الله أكبر" 33 مرة.
لذلك، قلت في نفسي حسنا سأجرب ذلك. أتذكر أنني جلست في المسجد، وبدأت في قول "سبحان الله (...)". كنت أنسى كيف أقولها، لهذا كنت أنظر إلى غوغل، لأكرر قولها. كنت أذكر الله، كما تعلمون. لم أكن مسلمة حتى، كنت أفعل ذلك فقط.
أتذكر أنني قبل مغادرة المسجد، قلت في نفسي ربما سآخذ نسخة إنجليزية من القرآن ثم قلت في نفسي مرة أخرى "لا". لا أعرف لماذا؟ لأنني لن أقرأه، فلا فائدة من ذلك، لم آخذ النسخة المجانية، وكنت على وشك مغادرة المسجد، ولكنني سمعت الأذان لأول مرة، وكانت تلك اللحظة مؤثرة بالنسبة لي، لأنني أتذكر فقط التوقف في الشارع، وكان صوت الأذان عاليا جدا وجميلا للغاية، ولم أستطع أن أصدق ما كنت أسمعه شعرت برعشة وغرابة بعض الشيء.
أتذكر أنني أخرجت هاتفي من جيبي لمحاولة الدخول إلى تطبيق خرائط غوغل للعودة إلى الفندق، لأنني كنت على بُعد ساعة منه، عندما مشيت. لم يكن لدي أدنى فكرة عن كيفية العودة، وفجأة نفدت بطارية هاتفي، وتوقف هاتفي عن العمل الذي كانت شحنة بطاريته حوالي 50%، وكنت خائفة جدا، وأتذكّر في تلك اللحظة بينما كنت أقول في نفسي: يا الله إن كنت حقيقيا، ساعدني لأعود إلى الفندق. أذكر أن الحمل كلّه قد انزاح عن كتفي، وأذكر في تلك اللحظة أني شعرت بالعلو وبأنني حرّة من نزوات الدنيا وكل شيء.
تمكّنت من العودة إلى الفندق، وعندما عدت أخذت نسخة باللغة الإنجليزيّة من القرآن وشرعت في قراءتها، وهكذا انطلقت رحلتي، وحتى بعد أن بدأت أقرأ القرآن لم أدخل دين الإسلام إلى أن أكملت قراءة القرآن كاملا أي بعد بضعة أشهر من شروعي في القراءة، وحرصت على أن أجري أبحاثي أولا وتعلّمت كيفيّة الصلاة، وكنت أرتدي الحجاب حينها، وفعلت كلّ ما يتطلّبه الأمر لأصبح مسلمة قبل أن أنطق بالشهادة. والحمد لله، نطقت بالشهادة بعد أشهر.
كيف اختلفت حياتكِ من عالم السينما إلى الإسلام؟
كان الوضع مختلفا بالنسبة إليّ، لأن حياتي سابقا كانت تتمحور حول صناعة الأفلام والتمثيل وغيرها، واليوم أصبحت حياتي كلها تتعلّق بالإسلام، وسعي لأطبّق دين الإسلام على أكمل وجه، ومحاولة نشر رسالة الإسلام بصورة جيّدة. لقد أصبحت هذه حياتي الآن، ولا أفعل أي شيء غير ذلك.
هذا الطريق مُرضٍ للغاية، لأن الرضاء الذي تشعر به بفضل هذا الإنجاز يفوق أي رضاء شعرت به من قبل. وفزت بجائزة في المهرجانات، وجائزة أفضل ممثّلة، وجائزة امرأة العام وغيرها من الجوائز الصغيرة في مهرجانات الأفلام قبل أن أصبح مسلمة.
الرضاء حينها كان رائعا، لكنه سرعان ما تلاشى، وعلى الرغم من أن تلك كانت حياتي حينها، وكنت فخورة بها جدا إلا أنها تلاشت بسرعة.
الرضاء الذي تشعر به من صلاة واحدة يعادل الرضاء بالجوائز التي كنت أتلقاها، لأن الله يكافئك جيدا عندما تفعل أشياء باسمه وبنيّة حسنة وبنيّة المساعدة وفعل الخير يجعلك ذلك تشعر بالرضاء الشديد، إنه لأمر رائع حقا أن يساعدك ذلك على التخلص من القلق على الرغم من أنه يجدر بي أن أقلق أكثر، لأن لدي جمهورا كبيرا على اليوتيوب.
أنا على يقين بأن الله معي، وأيا كان ما سيحدث فهو مُقدّر. وهذا جزء من امتحان الله لي، ولن يبتليني الله بما يفوق قدرتي، وهذا يزيح حملا ثقيلا من على كتفيك.
كيف كانت ردود الفعل بين الأهل والأصدقاء بعدما اعتنقتِ الدين الإسلامي؟
كانت ردّة فعل عائلتي وأصدقائي مختلفة. لقد كانت والدتي في البداية متخوّفة من الأمر. كانت تريني بعض المعلومات التي تجدها على غوغل التي تشوّه صورة الإسلام، وتحذّرني من أن هذه حقيقة الإسلام الذي أريد أن أعتنقه.
لقد ساعدني ذلك نوعا ما، لأنه توجّب عليّ حينها أن أفسّر لها الأمر، وأن ما تقرأه لا يصوّر حقيقة المسلمين والإسلام، وتوجّب عليّ أن أجد بعض الآيات القرآنية أو الأحاديث لأواجهها، وقد ساعدني ذلك على أن أقوّي إيماني، والذي كان مفيدا للغاية، لكن ردّة فعلها لم تكن بالضرورة إيجابية، لأن أغلب ما كانت تعرفه عن الإسلام كان من وسائل الإعلام، لذلك تطلب الأمر الكثير من الإقناع، لكنّها الآن الحمد لله أصبحت تتفهم الأمر.
هل من المحتمل أن تتراجعي عن اعتناق الدين الإسلامي في أي مرحلة أم لا؟
أعتقد أنه لا يمكنني أن أعود كما كنت في السابق إن شاء الله. هذا لا يخطر ببالي حتى. هذه هي حياتي، وأعتقد أنه إن أراد الله لسبب ما، أن يأخذ هذا الإيمان مني فأعتقد أنني حينها لن أكون مسلمة، لكن هذا لن يحدث، وأنا على يقين من ذلك. صلتي بالله باتت قوية جدا، والحمد لله.
كيف تنظرون إلى صورة الإسلام لدى الغرب؟ وهل هناك مفاهيم مغلوطة كثيرة يتم ترويجها حول الدين الإسلامي؟
نعم هناك الكثير من المفاهيم المغلوطة. عندما تعيش في الغرب تجد أن هناك صورة تُروّجها وسائل الإعلام عن الإسلام - ليس كل وسائل الإعلام - والحقيقة أن هذا النوع من الأحكام الغريبة عن الإسلام تختلف كثيرا عن حقيقة الإسلام. ونعم هناك الكثير من الناس الذين يعتقدون أن المسلمين يكرهون غير المسلمين، ويريدون قتلهم، وهناك الكثير من المفاهيم الخاطئة الرهيبة حول هذا الدين بالفعل، ولكن الكثير من الناس في الغرب يعرفون الفرق كذلك.
من الصعب قول هذا، لكن من بين الاعتقادات الخاطئة الكثيرة التي واجهتها عندما أصبحت مسلمة هو التغلب على فكرة أن المسلمين "إرهابيون"، وهذه واحدة من أهم الأفكار الخاطئة، وقد يستغرق الأمر بعض الوقت لإخراج هذه القناعة من رأسك.
على الرغم من أني كنت أقرأ القرآن، وأرى هذا الجمال والصدق والحق، إلا أنني كنت ما أزال عالقة في تلك العقلية. لذا فقد تطلب الأمر الكثير من القناعة للتخلص تماما من ذلك. والشيء الوحيد الذي ساعدني هو التعلم، فهو الطريقة الوحيدة للخروج من تلك العقلية. لكن ما يحدث هو توظيف للإرهاب بشكل سياسي، والحقيقة أن الإرهاب لا علاقة له بالدين بأي حال من الأحوال.
ما هي رسالتكم إلى الغرب في ظل الموقف السلبي لدى البعض من الإسلام؟
رسالتي إلى كل من يشاهدني سواء كان مسلما أو غير مسلم: فقط اقرأ حول هذا الدين، وشاهد بعض العلماء والمسلمين الحقيقيين مثل المفتي إسماعيل بن موسى منك، ونعمان علي خان، وغيرهما. فقط شاهدهم وانظر ما سيقولونه عن الإسلام.
لا تتعلم أشياء عن الإسلام من أناس غير مسلمين كأني مثلا سأتعلّم الفيزياء من شخص يدرس الدراما، وهذا بلا جدوى. إذا كنت تريد تعلم مادة ما، فتعلم عن شخص يفهم كثيرا في ذلك الموضوع. تابعوا هؤلاء العلماء والأشخاص الذين كرّسوا حياتهم لدراسة الإسلام، شاهدوا فيديوهاتهم، وخاصة المفتي منك. إنه يعرف الكثير وهو عالم يعيش ويتنفس بالإسلام.
خذوا العلم من مصادر موثوقة، من أناس يعرفون الكثير عنه، وليس أناسا يتحدثون عن الإسلام لأنهم رأوا بعض الأخبار. صحيح يوجد بعض العلماء الذين ليسوا جيدين بما فيه الكفاية. ابحثوا عن الأفضل، وتعرفوا على الدين من خلالهم.
في الواقع، أنصحكم بقراءة القرآن، ومتابعة المحاضرات الدينية. أعتقد أن هذه هي رسالتي إن أردتم أن تعرفوا المسلمين حقا. فقط تعلموا واقرؤوا، ولا تسمعوا ما يقوله الناس، لأن الناس يرددون ما يسمعونه من أشخاص آخرين. لذلك، تعلموا من المصدر.