قال مساعد المبعوث الأمريكي الخاص إلى السودان سابقا والمدير السابق للشؤون الأفريقية في مجلس الأمن القومي الأمريكي، كاميرون هاديسون، إن الإدارة الأمريكية لم تعلن بعد عن أي موقف صريح بشأن قضية سد النهضة الإثيوبي، وسيكون من الخطأ افتراض أنها اتخذت موقفا يدعم جانب بعينه.
وأشار هاديسون، في مقابلة خاصة مع "عربي21"، إلى أن "واشنطن تعتقد أنه بإمكانها الآن أن تلعب دورا بناءً في المضي قدما في محادثات سد النهضة، وتريد بشدة تجنب أي مزيد من التصعيد"، داعيا لتجنب الخيار العسكري الذي قال إنه "سيكون له هناك انعكاسات كارثية على المنطقة".
وأوضح أن "المجتمع الدولي لم يُمنح دورا كبيرا في مفاوضات سد النهضة حتى الآن. والاتحاد الأفريقي يقوم بما في وسعه، ولكن قدرته على خلق النفوذ والضغط على الأطراف محدودة".
وتاليا نص المقابلة :
كيف تنظر إلى أزمة سد النهضة الإثيوبي وما وصلت إليه حتى الآن؟
إنها ليست أزمة بعد. لا يزال التفاوض مستمرا رغم تعثره. بصراحة، الحديث عن أزمة يتجاهل ما حققه الطرفان بالفعل في مفاوضاتهما على مر السنين الماضية. والقضايا التي تُجري مناقشتها الآن ليست سوى الأمور القليلة المتبقية. ولا ينبغي تجاهل التقدم الذي حدث.
مَن المسؤول عن فشل المفاوضات برأيكم؟
لا يستحق الأمر محاولة إلقاء اللوم على أحد في هذه المرحلة، لأن ذلك سيجعل من الصعب فقط الوصول إلى حل وسط، خاصة أن جميع الأطراف تحاول ضمان تلبية مصالحها، فضلا عن أن هذا أمر طبيعي في أي مفاوضات.
ما تقييمكم لموقف إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن من أزمة سد النهضة؟ ولماذا يرى البعض أنها تنحاز إلى الجانب الإثيوبي؟
لم تعلن الإدارة الأمريكية بعد عن أي موقف صريح بشأن السد، وسيكون من الخطأ افتراض أنها اتخذت موقفا يدعم جانبا بعينه.
واشنطن تعتقد أنه بإمكانها الآن أن تلعب دورا بناءً في المضي قدما في المحادثات، وتريد بشدة تجنب أي مزيد من التصعيد، لكن لا ينبغي الخلط بين ذلك وبين الانحياز.
وماذا عن رؤيتكم للموقف السابق الذي اتخذته إدارة دونالد ترامب؟
طلب المصريون من إدارة ترامب تحديدا الانضمام إلى مفاوضات سد النهضة، ومن الواضح أنها انحازت إلى جانب مصر في المفاوضات، لدرجة أن إدارة ترامب علّقت أكثر من 100 مليون دولار من المساعدات الأمريكية لإثيوبيا كضغط لحملهم على التنازل في نقاط معينة، وقد كان هذا خطأ، لأن واشنطن لم يكن لديها مصداقية مع أيّ من الأطراف التي كانت محايدة وغير منحازة. وفي النهاية، أدى تدخل ترامب إلى نتائج عكسية على مصر.
ماذا لو قامت مصر بتوجيه "ضربة عسكرية" إلى سد النهضة؟ كيف تتصور ردود الفعل حينها؟
سيكون من الحماقة أن تشن مصر ضربات عسكرية ضد السد في هذه المرحلة. فمن المحتمل أن يؤيد الرأي العام الدولي مصر في هذه اللحظة، ولكن إذا قاموا بضرب سد النهضة فسوف يتم إدانتهم كمعتدين، وسيزداد الوضع سوءا.
هل أنت راضٍ عن موقف المجتمع الدولي من أزمة سد النهضة؟
لم يُمنح المجتمع الدولي دورا كبيرا في المفاوضات حتى الآن. والاتحاد الأفريقي يقوم بما في وسعه، ولكن قدرته على خلق النفوذ والضغط على الأطراف محدودة. وأرى إجمالا أنه ينبغي على المجتمع الدولي أن يتعاطى بجدية كبيرة مع هذه القضية، حتى لا تتدهور الأمور، لأنه في حال تأزم الأوضاع، وتم اللجوء إلى الخيار العسكري فستكون هناك انعكاسات كارثية على المنطقة.
هل تتوقع أن يلعب مجلس الأمن الدولي دورا ما في هذه الأزمة؟
هذا أمر محتمل. فقط إذا وافقت إثيوبيا. ومع ذلك، هناك دور لابد أن تلعبه الأمم المتحدة. فعندما تتهدد حياة الناس بالخيارات أو الردود العسكرية، تصبح مثل هذه القضايا تهديدا للسلم والأمن الدوليين، مما يتطلب استجابة والتدخل من الأمم المتحدة.
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي قام بتحميل ثورة 25 يناير 2011 مسؤولية أزمة سد النهضة.. هل تتفق معه في ذلك؟
من المؤكد أن إثيوبيا رأت في حالة الثورة المصرية الفرصة السانحة، والتي استغلتها لمصلحتها في الدفع بهذا المشروع إلى الأمام، والذي تمت مناقشته لسنوات عديدة من قبل، لكن من الواضح أن قضية هذا السد ظلت حاضرة لم تختفِ من الملفات الإثيوبية.
ما الذي ينبغي على دولتي مصر والسودان فعله لمواجهة أزمة سد النهضة؟ وما هي رؤيتكم لإنهاء تلك الأزمة؟
المطلوب حاليا هو الصبر لتجنب حدوث أي تفاقم للأزمة. وقد يقولوا إنهم كانوا صبورين بالفعل، ولكن الأمر ما زال يتطلب مزيدا من الصبر والمرونة أيضا. فكل طرف لديه فكرة أو تصور عن النتيجة المثالية التي يسعى إليها، لكن لا أحد من الطرفين مقتنع بأنه سيحققها.
وفي النهاية سيتعين على كل جانب التخلي عن شيء ما من الأمور التي يسعى إليها
وهذا هو معنى الحل الوسط.
إن سبب هذه الأزمة يرجع إلى أن أيّا من الجانبين لا يرغب وبشكل محدد في التفاوض الجاد والمثمر.