يقترب موعد
بدء الأعمال في مشروع قناة إسطنبول الذي يتوقع استكماله خلال خمس سنوات. وأعلن وزير المواصلات والبنى التحتية التركي، عادل كارا إسماعيل أوغلو، قبل أيام، أنهم سيضعون في نهاية حزيران/ يونيو حجر الأساس لأول جسر من الجسور الستة التي ستربط بين ضفتي القناة. ومن المقرر أن ينتهي بناء تلك الجسور قبل البدء في حفر القناة حتى لا يتعطل سير المرور في المنطقة بسبب أعمال الحفر.
المعارضة التركية التي يقودها حزب الشعب الجمهوري، تسعى جاهدة إلى عرقلة المشروع وإيقافه بكل سبل ممكنة، وعلى الرغم من أن المشروع سيعود على البلاد بفوائد كبيرة. وبلغت معارضة حزب الشعب الجمهوري مستوى غير مسبوق ليتجرأ رئيسه، كمال
كليتشدار أوغلو، على تهديد الشركات والبنوك وحتى الدول لمنعها من المشاركة في تمويل المشروع وإنجازه والاستثمار فيه.
بلغت معارضة حزب الشعب الجمهوري مستوى غير مسبوق ليتجرأ رئيسه، كمال كليتشدار أوغلو، على تهديد الشركات والبنوك وحتى الدول لمنعها من المشاركة في تمويل المشروع وإنجازه والاستثمار فيه
كليتشدار أوغلو في حديثه لإحدى وسائل الإعلام التركية قال إنه يحذر الشركات والبنوك والدول كيلا تشارك في مناقصات قناة إسطنبول، مضيفا أنهم في حال فوزهم في الانتخابات ووصولهم إلى الحكم، سيوقفون كافة تلك
المشاريع الكبيرة، وسيراجعون علاقات
تركيا مع الدول المساهمة في مشروع القناة وتمويله، ولن يدفعوا مستحقات الشركات المشاركة في أعماله.
هذه التصريحات تأتي ضمن الحرب النفسية التي يشنها حزب الشعب الجمهوري للحيلولة دون إنجاز مشروع قناة إسطنبول. ومن المؤكد أن الاستثمارات الأجنبية في مثل هذه المشاريع تكون حقوقها محفوظة، وفقا للاتفاقيات والقانون الدولي. ومع ذلك، يمارس كليتشدار أوغلو جميع أساليب التخويف ليبعد المستثمرين قدر المستطاع عن المشاركة في المشروع، كما أن تهديداته موجهة بالدرجة الأولى إلى الرأي العام التركي والشركات المحلية. وبالإضافة إلى ذلك، فإن حزب الشعب الجمهوري بحاجة إلى الفوز في الانتخابات القادمة والوصول إلى الحكم حتى يتمكن من تنفيذ كل ما توعد به رئيسه.
الانتخابات الرئاسية والبرلمانية سيتم إجراؤها في صيف 2023، إن لم يقدم موعدها. وإن كانت المعارضة تطالب بإجراء انتخابات مبكرة، إلا أن ذلك احتمال ضئيل للغاية، في ظل تشديد حزب العدالة والتنمية الحاكم وحليفه حزب الحركة القومية؛ على ضرورة إجراء الانتخابات في موعدها المقرر. وتشير نتائج استطلاعات الرأي إلى أن أصوات الحزبين ما زالت متقدمة على أصوات المعارضة، كما أن تحالف الملة الانتخابي الذي يقوده حزب الشعب الجمهوري يعاني من خلافات قد تؤدي إلى تفككه.
من المعلوم أن تاريخ هذا الحزب مليء بمعارضة إنجاز مشاريع كبيرة، بدءا من جسور وسدود وإلى أنفاق ومطارات، إلا أن معارضته لقناة إسطنبول تكاد تصل مستوى الجنون، كما أن الأسباب التي يذكرها قادة الحزب لرفض المشروع متناقضة وغير مقنعة
السؤال الذي يطرح نفسه في ظل تصريحات كليتشدار أوغلو، هو: "لماذا يبذل حزب الشعب الجمهوري كل هذه الجهود لمنع تنفيذ مشروع قناة إسطنبول؟". ومن المعلوم أن تاريخ هذا الحزب مليء بمعارضة إنجاز مشاريع كبيرة، بدءا من جسور وسدود وإلى أنفاق ومطارات، إلا أن معارضته لقناة إسطنبول تكاد تصل مستوى الجنون، كما أن الأسباب التي يذكرها قادة الحزب لرفض المشروع متناقضة وغير مقنعة. وبالتالي، ما زال السؤال يبحث عن جواب.
هناك احتمالان، داخلي وخارجي، قد يكونان سبب معارضة حزب الشعب الجمهوري لمشروع قناة إسطنبول. الأول، أن الحزب ربما يرى أنه لن يتمكن من إسقاط حزب العدالة والتنمية إنْ نجح هذا الأخير في إنجاز المشروع العملاق. وبعبارة أخرى، أن حزب الشعب الجمهوري يحاول أن يمنع حزب العدالة والتنمية من تحقيق نجاح كبير يفتخر به أمام الناخبين ليحصل على أصواتهم وينتصر في المعركة الديمقراطية.
من الأفضل للإعلام التركي أن يحتفظ بتصريحات رئيس حزب الشعب الجمهوري، ويسأله بعد إعلان أسماء الشركات والدول المستثمرة في المشروع: هل سيكرر ذات التهديد أم تراجع عنه؟
الاحتمال الثاني، أنه يعارض مشروع قناة إسطنبول لصالح أجندات دول أخرى، على حساب المصالح الوطنية. ومن المؤكد أن هناك قوى دولية وإقليمية ستتضرر مصالحها بعد افتتاح قناة إسطنبول أو تتخوف من تقدم تركيا على منافسيها في المنطقة، وبالتالي تحرك عملاؤها في الداخل لترويج إشاعات كاذبة، وتحريض الشارع التركي ضد المشروع.
كليتشدار أوغلو يرى أن البنوك والشركات الأجنبية لن تموِّل مشروع قناة إسطنبول، ولن تشارك في إنجازه، إلا أن الحكومة التركية تقول إن المشروع لن يعاني من مشاكل التمويل، مؤكدة أن مراحل إنجازه ستتم وفق الجدول الزمني المخطط، وأن هذا المشروع العملاق سيضاف بعد خمس سنوات إلى المشاريع الكبيرة التي اكتملت في السابق رغم رفض المعارضة. ومن الأفضل للإعلام التركي أن يحتفظ بتصريحات رئيس حزب الشعب الجمهوري، ويسأله بعد إعلان أسماء الشركات والدول المستثمرة في المشروع: هل سيكرر ذات التهديد أم تراجع عنه؟
twitter.com/ismail_yasa