تعرضت دورية أمريكية في سوريا للرشق بالحجارة من قبل
مجموعة موالية لحزب العمال الكردستاني، في حين أجرى وفد أمريكي رفيع المستوى زيارة
إلى مناطق "الإدارة الذاتية" التابعة لقوات سوريا الديمقراطية (قسد) في
شمال شرقي سوريا، والتقى مع قيادات الأخيرة.
وأوضحت وزارة الخارجية الأمريكية أن الوفد ضم القائم
بأعمال مساعد وزير الخارجية جوي هود، ونائب مساعد وزير الخارجية الأمريكية والممثل
الخاص بالنيابة لسوريا إيمي كترونا، ونائب المبعوث الخاص لسوريا ديفيد براونشتاين،
ومدير مجلس الأمن القومي للعراق وسوريا في البيت الأبيض زهرة بيل.
وقال هود إن الولايات المتحدة ملتزمة بدعم التحالف
الدولي لمحاربة تنظيم الدولة، ودعم الاستقرار في شمال شرقي سوريا.
وسبق الزيارة استقدام الولايات المتحدة تعزيزات
عسكرية وصفت بـ"الضخمة" إلى مناطق سيطرة "قسد" عبر الأراضي
العراقية.
وتشير الزيارة وفق الكاتب والمحلل السياسي فراس
علاوي، إلى دعم إدارة جو بايدن لـ"قسد".
وأضاف لـ"عربي21" أن الزيارة تهدف إلى
استكشاف المنطقة في ظل عمل إدارة بايدن على صياغة استراتيجية جديدة في سوريا، حيث
يتم العمل على إعادة ترتيب إدارة المنطقة بما يتناسب مع المتغيرات الإقليمية
والدولية الحاصلة، وكذلك مراعاة حالة الاحتقان الشعبي ضد "قسد" في مناطق
سيطرتها.
كما رجح علاوي أن يكون الوفد الأمريكي قد ناقش
انتخابات النظام السوري الرئاسية، المقررة بعد أيام.
من جانبه، قال رئيس "الهيئة السياسية في
الحسكة"، محمود الماضي، إنه لم تنقطع زيارات المسؤولين الأمريكيين إلى شمال وشرق سوريا،
وربما زادت هذا العام، إلا أنه لم يعلن عن مدلول هذه الزيارات سوى التنسيق مع
"قسد" لمحاربة تنظيم الدولة، رغم أن الأخير انتهى منذ العام 2019.
واستدرك في حديثه لـ"عربي21" قائلا:
"لكن لأول مرة يصل إلى المنطقة وفد بهذا المستوى متمثل بالقائم بأعمال مساعد
وزير الخارجية جوي هود ونائب مساعد وزير الخارجية".
وعن دلالات ذلك، أعرب الماضي عن اعتقاده بأن هدف
الزيارة مرتبط بـ"مسرحية الانتخابات الرئاسية" المقررة في 26 من أيار/ مايو
الحالي، حيث تريد الولايات المتحدة التأكيد على منع تنظيمها في المناطق التي تسيطر
عليها "قسد"، إلى جانب الوقوف على مدى تطبيق العقوبات على النظام وفق
قانون قيصر، والذي خرقته "قسد" في بداية هذا الشهر، عندما زودت النظام
بالنفط أمام مرأى القوات الأمريكية المتواجدة في المنطقة.
ولم يصدر عن "قسد" تعليق واضح على أهداف
الزيارة، باستثناء تأكيد القائد العام لـ"قسد" مظلوم عبدي، أن قوات
التحالف الدولي ستبقى في المنطقة لتحقيق النصر على تنظيم الدولة وتمكين الإدارة
الذاتية، وذلك بعد الزيارة. ورفض أكثر من مسؤول في "قسد" الرد على
تساؤلات "عربي21" حول هذه الزيارة.
وقال عبدي، إنه عقد اجتماعاً "بنّاء" مع وفد رفيع من وزارة الخارجية الأمريكية. وأوضح في تغريدة على حسابه في تويتر أنه "تم
التأكيد على بقاء قوات التحالف الدولي في المنطقة لتحقيق النصر الكامل على داعش ودعم الاستقرار وتمكين الإدارة الذاتية".
دورية أمريكية
من جهة أخرى، أظهر تسجيل فيديو قيام شبان بإلقاء
الحجارة على عربات مدرعة تحمل العلم الأمريكي خلال مرورها في القامشلي الخاضعة
لسيطرة "قسد" في شمال شرق سوريا، وهم يهتفون "آبو آبو"، وهو
الاسم الذي يرمز به أنصار الحزب إلى مؤسسه المسجون في تركيا عبد الله أوجلان، في
حين ظهر عناصر مسلحون يقفون على جانب الطريق دون أن يحاولوا منع المتظاهرين من رشق
الحجارة.
وقالت المنظمة في بيان: "رشقت الشبيبة المشاركة
في المسيرة الراجلة دورية أمريكية مؤلفة من أربع آليات عسكرية بالحجارة وعبوات
المياه، في جل آغا بريف القامشلي، تعبيرا عن غضبهم واستيائهم لما تبديه القوات من
دعم للاحتلال التركي بصمتها"، بحسب البيان الذي نقلته مواقع كردية.
من جهته، أدان قيادي في قوات سوريا الديمقراطية
(قسد)، والتي تهيمن عليها الوحدات الكردية المنبثقة عن حزب الاتحاد الديمقراطي، مهاجمة
الدورية الأمريكية.
وقال القيادي ريدور خليل إن هذا التصرف يسيء لحزب
العمال الكردستاني، مضيفا في منشور على صفحته في فيسبوك: "قيام حركة الشبيبة
برشق دورية للتحالف الدولي بالحجارة وتوجيه الشتائم لها وهي برفقة قوات سوريا
الديمقراطية في دورية روتينية، عمل غير مسؤول ويشوه صورة الإدارة الذاتية التي
تعمل الشبيبة الثورية تحت اسمها ووفق قوانينها، كما أنها تسيء إلى سمعة حزب العمال
الكردستاني (PKK) ونضاله المشروع في الدفاع عن نفسه"، حسب قوله.
وفي ما يبدو ردا على ظهور عناصر قسد في الفيديو دون
أن يحاولوا منع رشق الحجارة، قال خليل إن "على الإدارة الذاتية وأجهزتها
ومؤسساتها المعنية ضبط هذه التصرفات ومحاسبة مرتكبيها"، في إشارة إلى الإدارة
التي أعلن مجلس سوريا الديمقراطي (مسد)، الذي يهيمن عليه حزب الاتحاد الديمقراطي
الكردي والذي ينظر إليه باعتباره الفرع السوري لـ"PKK"، تشكيلها
في شمال شرق سوريا.
وأكد "مسد" أن "القوات الأمريكية يجب
أن تبقى حتى نهزم داعش بالكامل، ويجب أن يبقوا حتى نجد حلاً للأزمة في سوريا"،
بحسب ممثل المجلس في واشنطن بسام صقر الثلاثاء.
وقال لوكالة سبوتنيك الروسية إن "تنظيم داعش لا
يزال يشكل تهديداً كبيراً، خصوصاً خلاياه النائمة".
ولفت إلى أن "قسد" تحتجز نحو خمسة آلاف
مقاتل أجنبي، بسبب رفض الدول التي ينتمون إليها استعادتهم. ويحتجز غالبية هؤلاء في
مخيم الهول الذي يضم العديد من الأوروبيين.
وشكا من أن بعض الدول ترغب باستعادة الأطفال دون
أمهاتهم، وهو أمر "غير مقبول من وجهة نظر مسد"، كما قال.
احتجاجات
ويأتي هذا بينما شهدت المنطقة احتجاجات واسعة بعد
رفع أسعار المحروقات في مناطق الإدارة الذاتية بنسب وصلت إلى 300 في المئة.
وبرر الرئيس المشارك لـ"مسد" رياض درار
القرار بأنه يحقق فوائد عدة. وكتب على حسابه في فيسبوك أن رفع الأسعار سيؤدي إلى
"وقف التهريب نحو المناطق والدول المجاورة، وتخفيض استفادة الفئات الميسورة
من الدعم على حساب الطبقات الكادحة والفقيرة".
ورأى أن القرار سيخدم البيئة عبر تخفيض استخدام
الوقود للتشجيع على اللجوء لمصادر أخرى للطاقة، كما قال.
لكن درار لم يفته أن يؤكد أن "رفع الأسعار سيؤمن
دخلاً إضافياً محترماً للإدارة للصرف على القطاعات الأخرى".
وذكرت مواقع سورية أن ما لا يقل عن خمسة أشخاص قد
قُتلو كما أصيب آخرون، نتيجة إطلاق النار على المتظاهرين من قبل قوات قسد خلال الاحتجاجات
على رفع أسعار الوقود.
وتحت وطأة الاحتجاجات، أعلنت الإدارة الذاتية الأربعاء
عن إلغاء قرار رفع أسعار الوقود، والعودة إلى الأسعار التي كانت معتمدة قبل صدور
القرار يوم الاثنين.
ما وراء تمديد بايدن حالة الطوارئ الخاصة بسوريا لعام آخر؟