أثار إقرار لجنة بالبرلمان المصري قانونا يقضي بعزل موظفي الدولة بحجة انتمائهم لجماعة الإخوان المسلمين، وكل من يحمل أفكارا تخريبية ضد الدولة، انتقادات واسعة بعدم دستورية القانون، وتحذيرات حقوقية من مذبحة لجميع الرافضين لسياسات النظام العسكري الحاكم في قطاعات الدولة.
اللجنة التشريعية والدستورية بمجلس النواب، وافقت الأحد، من حيث المبدأ على مشروع قانون يقضي بفصل موظفي الدولة ممن تتهمهم جهة العمل بالانتماء لجماعة الإخوان المسلمين.
مختصون في القانون ومراقبون أكدوا لـ"عربي21"، أن القانون فيه تمييز عنصري بين المصريين ومخالف للدستور المصري ولباب الحقوق والحريات، وللمادة (53) والخاصة بالتمييز بين المصريين.
وقالوا إن القانون يأتي استجابة لمطالب صندوق النقد الدولي بتخفيض عدد موظفي القطاع الإداري في الدولة بهذه الحجة، محذرين من مذبحة قد تطال فيها تهمة الانتماء للإخوان الكثير من موظفي الدولة الرافضين لسياسات النظام وقراراته.
وعلى مدار نحو 8 سنوات اتبع النظام العسكري الحاكم سياسة التضييق على موظفي الحكومة المعارضين للنظام ومن أنصار جماعة الإخوان المسلمين، وتهديدهم بالفصل والاعتقال، فيما وقعت أشهر عمليات فصل الموظفين بحق 1070 معلما نهاية 2019.
وكانت الانتخابات التشريعية والرئاسية والاستفتاءات الشعبية التي عقدت نحو 5 مرات في عهد رئيس الانقلاب عبد الفتاح السيسي، هي الوسيلة لدى النظام لتصنيف المعارضين، حيث كانت الجهات الأمنية تطلب كشوفا بأسماء من لم يشاركوا بالانتخابات لتصفيتهم والتضييق عليهم.
ورصد مراسل "عربي21"، أسماء 5 موظفين بوزارة التعليم والأزهر والأوقاف بقرية واحدة بمحافظة الشرقية، اضطروا لترك وظائفهم والخروج المبكر لسن التقاعد بعد ممارسة رؤسائهم الضغوط عليهم وخوفا من الاعتقال أثناء ساعات العمل الرسمية، وهم: "ع.غ"، و"ف. ع"، و"ع. م"، و"ع. ع"، و"م. ن".
وعبر البرلمان المصري تزايدت مؤخرا المطالبات بتقليص عدد موظفي الدولة، والتي كانت إحداها على لسان وكيل مجلس النواب رجل الأعمال محمد أبوالعنين.
وفي آذار/ مارس 2021، قال بالجلسة العامة للبرلمان إن مصر بها 2443 جهة حكومية، يحكمها 6.4 ملايين موظف، مشيرا إلى أن كل 15 مصريا لهم موظف حكومي، وهذا حجم كبير مقارنة بدول العالم، مستشهدا بالمغرب وأكد أن كل 88 مواطنا لهم موظف.
وفي نيسان/ أبريل 2021، وإثر تكرار حوادث قطارات السكك الحديدية بالبلاد، اتهم وزير النقل الفريق كامل الوزير عناصر تابعة لجماعة الإخوان بالتسبب بتلك الحوادث، وطالب البرلمان بتغييرات في قانون الخدمة المدنية تمنحه صلاحية فصل 162 عاملا وفنيا بهيئة السكة الحديد بدعوى انتمائهم لجماعة الإخوان.
"تصفية المعارضين"
وحول مخاطر القانون على موظفي الدولة والمعارضين منهم لسياسات رؤسائهم ولسياسات النظام الحاكم، قال السياسي المصري والبرلماني السابق الدكتور عز الدين الكومي: "هذا القانون امتداد للقوانين الانتقامية التي صدرت عقب الانقلاب العسكري من كل المعارضين للنظام الانقلابي، حتى من غير المنتمين لجماعة الإخوان".
وفي حديثه لـ"عربي21"، أكد أنه "ذريعة يتم بها تصفية المعارضين بهذا الزعم السخيف، ومجرد وشاية من موظف على زميله بأنه منتم للإخوان كفيلة بإبعاده من وظيفته، أو مجرد اعتراض الموظف على سياسات إدارية يتم وسمه بهذه الصفة والتخلص منه".
وكيل لجنة حقوق الإنسان بمجلس الشورى السابق، لفت أيضا إلى أن الغرض من القانون هو "الإبقاء على الموظفين المستأنسين الذين لا يرون غضاضة بوجود نظام انقلاب عصف بآمال المصريين في العيش الكريم والحرية والعدالة الاجتماعية وعلى أهداف ثورة يناير".
وجزم بأن هذا "القانون مخالف للأعراف والقوانين والمواثيق الدولية التي تعطي الإنسان الحرية باعتناق ما يشاء من أفكار طالما يمارسها بطرق سلمية؛ فضلا عن مخالفته الصريحة للدستور الذي وضعته عصابة العسكر الذي يرفض التمييز بين المصريين بسبب اعتناقهم لأفكار معينة".
ويعتقد الكومي، القريب من جماعة الإخوان المسلمين، أن مصر على موعد مع مذبحة لموظفيها الحكوميين، موضحا أن "هذا القانون يأتي تتويجا للعلاقة المشبوهة مع صندوق النقد الدولي، والذي يفرض سياساته على النظام بحجة منحه القروض وجره لسياسات لم يجن المواطن من ورائها سوى الفقر والبطالة".
وأكد أن "القانون معيب ويمكن الطعن عليه بعدم الدستورية لأنه يهدر حقا هاما من الحقوق التي كفلها الدستور للمواطن؛ لكن النظام وبرلمان الجهات الأمنية يضربون بالحقوق والحريات عرض الحائط ظنا منهم أن القمع يطيل عمر النظام دون أخذ العبرة من نظامي ناصر، ومبارك".
"استقطاب.. وتمييز"
وفي رؤية قانونية قال السياسي والمحامي المصري مجدي حمدان: "هذا القانون يندرج تحت بند الاستقطاب المجتمعي والتمييز بين المصريين، ما يتنافى مع بند المادة 53 من دستور 2014، والتي تقضي بأن جميع المواطنين سواء، لا تفرقة بينهم في الشكل واللون والمذهب والعقيدة".
القيادي السابق بجبهة الإنقاذ، أكد بحديثه لـ"عربي21"، أن "هذا القانون يصنف المجتمع ويقسمه لفئات يختار منها ما يتواءم مع النظام، وهذا أمر مخالف لمبدأ المواطنة وباب الحقوق والحريات التي تميز المواطن عن أي شخص غير مصري".
وجزم بأن "القانون يخالف الدستور"، مضيفا: "وأربأ أن يمرر رئيس البرلمان حنفي الجبالي كرجل قانون دستوري هذا القانون الذي يقلل من شأن القضاء في مصر، ومن الشكل القانوني الذي تبنى عليه القوانين التي تخالف الدستور في شكله وجوهره".
ويعتقد الكاتب والمحلل السياسي، أنه خلال جولة واحدة في القضاء الدستوري يمكن إسقاط هذا القانون لأن هناك مخالفات كبيرة في شكله وتكوينه، وعلى الأغلب ستقضي المحكمة الدستورية بمخالفته للدستور".
وأكد أن النظام دائما ما يستخدم اسم جماعة الإخوان ويبني عليها أشياء كثيرة، متسائلا: "كيف يقوم بتصنيف هذا الموظف كشخص يحمل أفكارا تخريبية؟"، مبينا أن "الموضوع سيدخل في تأويلات وادعاءات شخصية للتخلص من الموظفين الأكفاء عبر المكائد".
ولفت إلى أن "الوظائف لا تبنى على العقيدة بل بالكفاءة والخبرة والمهنية وبالتالي فالقانون مخالف للبناء الوظيفي".
الأكاديمي المصري مصطفى السعيد، سخر من ذلك القانون بقوله: "إبداعات تشريعية".
الكاتب والمحلل السياسي أحمد حسن بكر، وصف القانون بأنه "تمييز عنصري، وغير دستوري"، مؤكدا أن "القانون يستجيب لمطالب صندوق النقد الدولي بتخفيض عدد موظفي القطاع الإداري في الدولة بهذه الحجة، ويخالف الدستور المصري والمادة 53".
CNN: دول عربية تستجيب لضغوط الصين وترحل مسلمي الإيغور
63 منظمة حقوقية تدعو السيسي لوقف الإعدامات والانتهاكات
"الشريف" ينشر مقاطع توثق مجزرة رابعة ردا على "الاختيار2"