تعرض عدد من الصحفيين الفلسطينيين
خلال الأيام الماضية للاعتداء والقمع على يد الأجهزة الأمنية التابعة للسلطة في
رام الله، وذلك أثناء تغطيتهم المسيرات المنددة باغتيال الناشط السياسي المعارض للسلطة
نزار بنات في مدينة الخليل فجر الخميس الماضي على يد عناصر من الأجهزة الأمنية.
وعبر الصحفيون عن إدانتهم لما
تعرضوا له من قمع وترهيب؛ حيث تم الاعتداء على معظمهم رغم ارتدائهم الزي الصحفي، كما
تمت مصادرة هواتفهم النقالة وتحطيم آلات التصوير الخاصة بهم.
الصحفية شذى حماد كانت واحدة
من عشرات الصحفيين الذين تم الاعتداء عليهم يوم السبت الماضي، حيث أصيبت في وجهها بجروح
بعد إصابتها بقنبلة غازية.
وقالت لـ"عربي٢١" إنها
أصيبت في حدود الساعة السادسة والنصف بقنبلة غازية تم إلقاؤها باتجاهها مباشرة خلال
تغطية تظاهرة انطلقت في رام الله رفضاً لاغتيال الناشط السياسي نزار بنات.
وأوضحت أن شظايا القنبلة أصابت
وجهها بشكل مباشر في منطقة حساسة جداً أسفل العين، ما تسبب بجرح ونزيف، وتم نقلها إلى
مجمع فلسطين الطبي التابع للسلطة بسيارة إسعاف، وهناك كانت مماطلة متعمدة بتقديم العلاج
للمصابين جراء قمع الأجهزة الأمنية.
وأشارت إلى أنها قبل ذلك تعرضت
لاعتداء من قبل عناصر أمنية باللباس المدني، إذ حاول أحدهم سرقة هاتفها النقال وعندما
لم يتمكن ألقاه على الأرض ما تسبب بكسر فيه.
وفي يوم الأحد عانت شذى بشكل
كبير من مضاعفة الإصابة، وأصيبت بانهيار عصبي جراء ما شاهدته من قمع ومنع الصحفيين،
حيث تمت محاصرتهم وكان حمل أي هاتف أو كاميرا ممنوعا بشكل كامل.
وأضافت: "كانت العناصر الأمنية
تهددنا بشكل مستمر بإيماءات جسدية بعيونهم ويراقبوننا باستمرار وبدقة".
واعتبرت حماد أن ما حصل كان اعتداء
ممنهجا ومقصودا تجاه الطواقم الصحفية؛ وهو يأتي ضمن عملية قمع ممنهجة للحريات وخاصة
حرية الإعلام وذلك منذ عام ٢٠١٧ حيث فرض قانون الجرائم الالكترونية وحُجبت عشرات المواقع
الإخبارية، مبينة أنه يأتي في سياق استمرار استدعاء الصحفيين وتهديدهم على خلفية عملهم
الصحفي وآرائهم السياسية وكتاباتهم على مواقع التواصل الاجتماعي.
وتابعت: "قمع الصحفيين كان
يهدف لحجب الحقيقة ومنع توثيق ما يدور من تصعيد للقمع من قبل السلطة وأجهزتها الأمنية،
وهذا ما لاحظناه حيث بدأ القمع يوم السبت بقمع واستهداف الصحفيين وملاحقتهم وتهديدهم
وتكسير معداتهم؛ وذلك كله نابع من خوف السلطة من الإعلام ودوره في كشف كم الانتهاكات
التي تمارس خلال قمع التظاهرات السلمية".
وأوضحت: "في يوم الأحد تمت
محاصرة الصحفيين في مربع على دوار الساعة ومنعهم من التغطية بشكل كامل وملاحقتهم من
قبل العناصر باللباس المدني، وكان الوضع مخيفا جداً حيث شعروا بالخطر والتهديد
وخاصة أنهم كانوا يراقبونهم ويترصدون أي حركة يقومون بها".
ورأت حماد أن ما حصل يوم الأحد
يبدو مؤشرا واضحا لتصعيد قمع الصحفيين ومنعهم من التغطية من خلال عناصر بلباس مدني
وملثمين وذلك لتتهرب السلطة والأجهزة الأمنية من هذه المسؤولية.
وأكدت أن "مطالب الصحفيين
اليوم، وربما لم تعد مطالبة بل مسعى على الصحفيين انتزاعه، هو أخذ مساحة آمنة يستطيعون
من خلالها ممارسة مهنتهم الصحفية وأن تقوم السلطة بالتوقف عن استهدافهم وتركهم لممارسة
مهمتهم"، لافتة إلى أن "الصحفيين يوثقون يوميا انتهاكات الاحتلال ومستهدفون
طوال الوقت منه؛ ولا يوجد صحفي إلا وأصيب من الاحتلال، وأن منعهم من السلطة هو عرقلة
لتغطية انتهاكات الاحتلال".
وختمت قائلة: "سنويا يوجد
صحفيون فلسطينيون مرشحون للحصول على جوائز دولية وعالمية، ودائما نحن نحصل على هذه الجوائز،
وأنا حصلت على جائزة العام الماضي وكنت أول فلسطينية تحصل عليها ومن العرب القلائل
الذين يحصلون عليها؛ وهذا تأكيد على مهنيتنا العالية كصحفيين فلسطينيين محليين وصحفيين
نعمل مع جهات دولية. اليوم على السلطة احترامنا كطواقم صحفية عالية المهنية ولنا مكانتنا
على الصعيد الدولي، وهو ما نلاحظه اليوم من اهتمام كبير ورفض لما تعرضنا له كصحفيين
من قمع".
اقرأ أيضا: متظاهرات برام الله يتلقين تهديدات بعد سرقة هواتفهن
قطع البث
اللافت في قضية الاعتداء على
الصحفيين هو أن المراكز الطبية "الحكومية" تعاملت مع الإصابات بشكل بطيء
دون اكتراث لخطورة بعضها، كما رفضت الطواقم الطبية تسجيل الإصابات على أنها اعتداءات
على يد الأجهزة الأمنية بل على أنها تمت من قبل مجهولين، على حد قول صحفيين.
الصحفي إبراهيم الرنتيسي مراسل
قناة "تي آر تي" العربية قال لـ"عربي٢١" إنه تواجد يوم الجمعة
على دوار المنارة لتغطية المسيرات التي دعا لها النشطاء تنديدا باغتيال نزار بنات.
وأوضح بأنه في تمام الساعة السادسة
وخمسين دقيقة هاجم عناصر من الأجهزة الأمنية باللباس المدني المكان وشرعوا بقمع الصحفيين
وقالوا لهم بالحرف "أي كاميرا تُرفع سنكسرها ونضرب من رفعها".
وأشار إلى أن بعض الصحفيين كانوا
يخرجون حينها برسائل مباشرة عبر الهواء فتم منعهم وقطع البث، كما توجهوا إلى مركبات
البث وأجبروها على قطع أي بث للمسيرات.
وأضاف: "كان هدفهم الصحفيين
بالدرجة الأولى؛ كانوا يبحثون فقط عن الكاميرات ويقومون بتكسيرها إذا تم رفعها والتصوير بها، وكذلك تعرضنا للتهديد ورفع العصي في وجوهنا لمنعنا من ممارسة عملنا".
وطالب الرنتيسي بالحماية للصحفيين
في مثل هذه الأحداث، وتوفير حرية العمل الصحفي التي تعهدت بها الحكومة الفلسطينية في
الضفة.
وقال إن الصحفي الفلسطيني يتعرض
لأبشع أنواع الانتهاكات على يد الاحتلال، حيث يتم اعتقاله وملاحقته وتحطيم معداته الصحفية
واستهدافه لطمس الحقيقة. متسائلا: "لماذا يتكرر هذا الاعتداء معنا ولكن على يد
الأجهزة الأمنية الفلسطينية التي من المفترض أن توفر لنا الحماية الكاملة والجو المريح
للعمل والتغطية؟".
وأكد أن ما تعرض له الصحفيون
خلال الأيام الماضية يجب ألا يتكرر مجددا؛ وأن يكون نقطة انطلاق لحماية الحقوق الصحفية
التي كفلتها المواثيق والقوانين الدولية.
وكان الصحفيون انتقدوا دور نقابة
الصحفيين في الضفة الغربية التي اكتفت بنشر بيان تدين فيه ما حصل معهم دون القيام بخطوات
جدية لضمان حقوقهم؛ كما تساءل بعضهم عن دور نقيب الصحفيين في كل هذه الأحداث التي لم
يُسمع له فيها أي تعليق، ليتبين أنه "مسافر حاليا".
وبناء على ذلك قاموا على عاتقهم
بتنظيم وقفة أمام مقر الأمم المتحدة للمطالبة بتوفير حماية دولية لهم من اعتداءات الأجهزة
الأمنية، بينما وقعوا على عريضة لتقديمها إلى رئيس الحكومة محمد اشتية يطالبون فيها
بضمان حقوقهم وتوفير الحماية لهم.
وكانت مجموعة أخرى من الصحفيين
اجتمعت مع ممثلين عن الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان ومؤسسة "الحق" و"مركز
القدس للمساعدة القانونية" ونقلوا لهم شهادات عما تعرض له عدد من الصحفيين، كما
تم التأكيد لهم على توفير طبيب شرعي قانوني لإصدار تقارير طبية قانونية معتمدة للصحفيين
الذين تعرضوا للاعتداء لاستخدامها في المحاكم.
منظمة: استخدام السلطة قوات مدنية ضد المحتجين يضر بالسلم
قوات الاحتلال تقتحم سجن النقب وتقمع الأسرى الفلسطينيين
50 مسؤولا أوروبيا سابقا ينددون باتهام الجنائية بمعاداة السامية