تهدد الدعوى القضائية بين ولي العهد السعودي
محمد بن سلمان، والمسؤول
السابق بالاستخبارات
سعد الجبري، بكشف وثائق وأسرار حكومية أمريكية شديدة
الحساسية، ما قد يضطر واشنطن لتدخل نادر في القضاء.
وتركز القضيتان في المحاكم الأمريكية والكندية
على اتهامات بالفساد وجهتها شركات مملوكة للسعودية ضد سعد الجبري، مسؤول
الاستخبارات السابق، الذي عمل لفترة طويلة وعن كثب مع مسؤولين أمريكيين في عمليات
سرية لمكافحة الإرهاب.
ويسلط النزاع القانوني الضوء على خصومات على
مستوى عال من العائلة المالكة السعودية، لكن واشنطن تخشى أن تؤدي المواجهة المريرة
في قاعة المحكمة إلى كشف أسرار حكومية أمريكية شديدة الحساسية.
وقالت وكالة الأنباء الفرنسية إن دعوى نادرة
تقدمت بها وزارة العدل الأمريكية إلى محكمة ماساتشوستس، في أبريل/ نيسان، أشارت
إلى نية الجبري "ذكر معلومات متعلقة بأنشطة الأمن القومي ذات الصلة".
وجاء في الدعوى أن "الحكومة الأمريكية
تدرس ما إذا كانت ستشارك في هذا الإجراء وكيف يمكنها فعل ذلك، بما في ذلك، إذا لزم
الأمر وأمكن التطبيق، تأكيد الامتيازات الحكومية ذات الصلة"، دون مزيد من
التفاصيل.
وفي دعوى ثانية بعد شهر، طلبت وزارة العدل من
المحكمة مزيدًا من الوقت لأن مسائل الأمن القومي تتطلب أحكاما "دقيقة
ومعقدة" من قبل كبار المسؤولين".
وجاء في الدعوى أن الحكومة مستعدة "لتقديم
مزيد من المعلومات" للمحكمة سرا.
ويقول خبراء قانونيون إن بإمكان واشنطن التذرع
بـ"امتياز أسرار الدولة"، الذي سيسمح لها بمقاومة أمر من المحكمة
بالكشف عن معلومات قد تعد مؤذية للأمن القومي للولايات المتحدة.
وفي العام الماضي، زعم الجبري في دعوى قضائية
أخرى أن محمد بن سلمان أرسل فريق اغتيالات من "فرقة النمر" لقتله في
كندا، حيث يعيش في المنفى، بينما يحتجز اثنين من أبنائه للضغط عليه للعودة إلى
الوطن.
واتخذ الخلاف منعطفًا جديدًا في مارس/ آذار،
عندما اتهمت شركة "سكب" القابضة المرتبطة بالدولة السعودية الجبري
باختلاس 3.47 مليار دولار، أثناء عمله في وزارة الداخلية تحت قيادة محمد بن نايف،
وطلبت من محكمة ماساتشوستس تجميد أصوله العقارية في بوسطن، البالغة 29 مليون دولار.
جاء ذلك بعد أسابيع من رفع العديد من الشركات المملوكة
للدولة السعودية دعاوى قضائية، ضد الجبري في تورنتو بشأن مزاعم مماثلة. وأعلنت
محكمة كندية في وقت لاحق تجميدا عالميا لأصول الجبري.
وبينما نفى الفريق القانوني للجبري ارتكاب أي
مخالفات مالية، قال إنه ضحية لتردي العلاقة بين محمد بن سلمان ومحمد بن نايف، الذي
لم يُشاهد علنًا منذ اعتقاله في مارس/ آذار عام 2020.
وشركة "سكب"، التي تقول ملفات
المحكمة إن محمد بن نايف أنشأها عام 2008، كانت جزءًا من شبكة من الشركات التي
وفرت غطاء لعمليات الأمن السرية مع الولايات المتحدة.
ومن أجل إثبات براءته، ستحتاج المحكمة إلى
التحقيق في الشؤون المالية لـ"سكب"، بما في ذلك كيفية استخدامها في
"تمويل البرامج الحساسة" التي نفذت بالشراكة مع وكالة الاستخبارات
المركزية، ووكالة الأمن القومي ووزارة الدفاع الأمريكية، وفقًا لمذكرة قدمها
الجبري.
وقال مصدر مقرب من مسؤول المخابرات السابق، إن
"الدكتور سعد لن يفضح أبدا مشروعات مكافحة الإرهاب السرية التي أنقذت آلاف
الأرواح، بمن فيهم أمريكيون".
وأضاف: "لسوء الحظ، فإن ثأر محمد بن سلمان
الأعمى ضد الدكتور سعد قد حاصره في موقف يُضطر فيه إلى القيام بذلك، من أجل الدفاع
عن نفسه في المحكمة".
وبينما تدرس وزارة العدل اتخاذ خطوات لمنع أي
إفشاء لأسرار الدولة في ولاية ماساتشوستس، لم يتضح بعد كيف يمكن أن تفعل الشيء
نفسه في محكمة أونتاريو، التي ليس لها تأثير مباشر عليها.
وأقر المصدر المقرب من الجبري بأن أي كشف
للمعلومات يمكن أن يعرض للخطر "من شارك في عمليات (مكافحة الإرهاب) ويكشف عن
مصادر وأساليب عمليات مماثلة في المستقبل".
وقال مسؤول سعودي إن الدعاوى القضائية
"بين أطراف خاصة" و"الحكومة السعودية ليست منخرطة".
وكرر مصدر مقرب من القيادة السعودية مزاعم فساد
بمليارات الدولارات، واتهم الجبري بـ"تسميم العلاقات السعودية الأمريكية".
وأعرب العديد من المسؤولين الأمريكيين الذين
عملوا إلى جانب الجبري عن دعمهم له، واعترف بعضهم بأنه كان مطلعاً على معلومات
حساسة.
وكتب المسؤول السابق في وكالة المخابرات
المركزية، فيليب مود، في إفادة خطية مشفوعة بيمين في محكمة أمريكية: "عمل
الدكتور سعد بشكل مباشر على الأقل مع وكالة المخابرات المركزية، ومكتب التحقيقات
الفيدرالي ووزارة الأمن الداخلي والبيت الأبيض ووزارة الخارجية ووزارة الخزانة".
وأضاف: "عندما كانت لدى الولايات المتحدة
معلومات استخباراتية أو تكتيكية قابلة للتنفيذ، أعطيناها للدكتور سعد".
وقالت وزارة العدل في دعواها في أبريل/ نيسان،
إنها تتوقع التواصل مع الجانبين لفهم مواقفهما، مما يشير إلى أنها حريصة على تسوية
خارج المحكمة.
وقال دانييل هوفمان، المدير السابق لقسم الشرق
الأوسط في وكالة المخابرات المركزية: "الشيء الأكثر أهمية بالنسبة لي هو أن
محمد بن سلمان يحتجز أطفال الدكتور سعد، ومن ثم فهو بالأساس يبتزه. هذا يتناقض إلى
حد كبير مع القيم الإنسانية للولايات المتحدة".