طُرحت حول فكرة الدعوة إلى
تيار وطني جديد في
مصر؛ حزمة من الأسئلة الجادة والتعليقات المهمة الجديرة بالنقاش، للمزيد من إنضاج الفكرة وسد الفجوات الحادثة والنقاط الناقصة، منها:
من هم مكونات هذا التيار؟ وما موقف الأحزاب والجماعات والكيانات الموجودة؟ ولماذا يهاجم البعض من أبناء الحركة الإسلامية الفكرة بضراوة؟ وما هي أهم ملامح هذا التيار الجديد؟ وما هي الفكرة الأساسية لهذه الدعوة؟ أليست الفكرة تكرارا لما يحدث من تكوين المجالس والكيانات والتحالفات والائتلافات، والنتيجة لا جديد عمليا؟ أليست الدعوة تمنح نظام
الاستبداد العسكري المزيد من الوقت للبقاء وتحكم على المعارضة القائمة بالفناء؟
أولا، التيار الوطني العام والمنشود ليس هو المخرج أو الحل الوحيد لما نحن فيه، فتعقد المشكلات والأزمات التي نعانيها أكبر من فكرة الحل الوحيد، لكنه أحد الحلول الداعمة والضمانات الآمنة في غياب دولة المؤسسات والقانون، كما أنه ليس بديلا عن مؤسسات الدولة بل هو أحد أعمدة خيمتها.
ثانيا، التيار الوطني المنشود ليس تنظيما دينيا ولا سياسيا ولا حقوقيا، إنما هو وعي عام بتجارب الماضي وتحديات الحاضر وطموحات المستقبل، هو مخزون المعارف والمعلومات والقيم والاتجاهات والمهارات والممارسات.
ثالثا، التيار الوطني الجديد يتكون من الفاعلين من أبناء الوطن بغض النظر على الفكر أو المعتقد. الخلفية
الوطنية هي الأساس الجامع، وهو يمثل حاضنة لكل ألوان وأطياف
التغيير والإصلاح.
رابعا، بمرور الوقت وزيادة البناء والتكوين والنضج يفرز منصات قيادية جديدة وليست بديلة، تكون بمستوى التحديات وحجم الطموحات، وتمتلك أدوات إعادة التوازن لمعادلة الصراع بعيدا عن الأدوار الوظيفية المفروضة فرضا على مكونات المشهد غير المشاركة في أدوات اللعبة وقوانينها، ولكنها مجرد لاعب يجتهد في إحراز النجاحات ويتم هدم اللعبة والبدء من الصفر.
خامسا، التيار الوطني العام هو الضمانة الحالية والحامية لإرادة الشعب وحقوقه المشروعة، حتى تكون لدينا دولة ومؤسسات حقيقية تقوم بدورها الطبيعي والوظيفي في هذا الميدان.
سادسا، التيار الوطني المنشود يكونه إنسان التغيير، الذي يحمل قيم التحرر لا التبعية، والعلمية لا العشوائية، والمشاركة لا الانقياد، والتفاعل والفعل لا المشاهدة ورد الفعل، حتى لا نكرر نمط جيوش وحشود التابعين لا الفاعلين، والمنفذين لا المفكرين، المدافعين المبررين على غرار جنود النظام وجنود التنظيم.
سابعا، التيار الوطني المنشود ليس بديلا لأحد، بل هو من نقاط الاستكمال المطلوبة والضمانات الواجبة لحراسة إرادة الشعب وقيم المجتمع وحقوق الناس، وهو تيار موجود في كل دول العالم المتحضر، داخل الأحزاب والمؤسسات والمنظمات، ولاؤه للوطن ولا أحد غير الوطن. (راجع إن شئت مناشدة ترامب لزعيم الأغلبية الجمهورية بعدم الموافقة على النتائج النهائية للانتخابات أملا في تعطيلها فرد عليه قائلا: سيادة الرئيس إنها أمريكا. وراجع إن شئت موقف الدكتور الشاوي عندما رفض حل الأحزاب في عهد عبد الناصر وقال للإخوان: "وستذكرون ما أقول لكم، اليوم الأحزاب وغدا الإخوان"، وقد كان).
ثامنا، التيار الوطني يحمي حقوق ووجود الكيانات القائمة، وتبقى حدودها وانتشارها مسؤوليتها الشخصية في إقناع الجماهير بالانضمام والتصويت.
تاسعا، التيار الوطني في صالح الكيانات الموجودة لأنه من نتائج جهدها وجهادها وليس ضدها، لكنه خطر على أنظمة الاستبداد والفساد والفشل.
خلاصات
• صندوق الانتخابات هو آخر الإجراءات للوصول إلى السلطة وليس أولها.
• غياب ضمانات حماية إرادة الناخبين أثناء وبعد التصويت يجعل من العملية الانتخابية سوطا بيد الاستبداد والفساد.
• حماية إرادة الناخبين مسؤولية مؤسسات الدولة أولا، لأنه لو ترك للناخبين لعمّت الفوضى وانتشر العنف (الانتخابات الأمريكية الأخيرة نموذجا).