على الرغم من مرور 6 سنوات على محاكمة المتهمين في القضية
المعروفة إعلاميا بـ"
كتائب حلوان"، إلا أن
القضاء المصري لم يصدر أحكاما
نهائية، تاركا نحو 216 متهما بيد السلطات الأمنية التي تسببت إجراءاتها في وفاة 9
متهمين حتى الآن.
وبإعلان وفاة المعتقل أحمد صابر محمود، مساء الأحد الماضي،
بسجن "العقرب شديد الحراسة 2"، والمحبوس احتياطيا منذ 7 سنوات على ذمة القضية؛
يرتفع عدد المتهمين المدرجين على ذمة هذة القضية، والذين ماتوا لأسباب متعددة إلى
9.
قضية "كتائب حلوان"، منظورة أمام محكمة جنايات
القاهرة الدائرة الأولى إرهاب برئاسة المستشار محمد شيرين فهمي، عقدت أولى جلساتها
بالعام 2015، والمتهم فيها 216 مواطنا مصريا، والمعتقل أغلبهم في سجن "العقرب
شديد الحراسة 1 و2".
وفي تقرير أعدته الشبكة المصرية لحقوق الإنسان، ووصل
"عربي21" نسخة منه، أكد أنها من أطول القضايا السياسية التي يجري النظر في
حيثياتها على مدار 6 سنوات، ولم يصدر فيها حكم الآن، برغم مرور 7 سنوات على اعتقال
معظم المتهمين.
وأكد التقرير أن السلطات الأمنية المصرية مارست خلال تلك
السنوات أقصى أنواع الضغط والتعذيب والانتهاكات بحق المتهمين، مستخدمة جميع الإجراءات
المتاحة قانونيا وإجراءات غير قانونية، حتى وصل الشعور العام لدى أغلب المتهمين بأنهم
"يريدوننا موتى".
وسجلت الشبكة 9 وفيات بين المتهمين هم كالتالي:
عماد حسن علي سلامة، توفي في 25 أيلول/ سبتمبر 2015 نتيجة
إصابته بالسرطان داخل محبسه بسجن "العقرب شديد الحراسة 1".
محمد عباس حسين جاد محمود صبره، تم تصفيته بمنطقة المعادي
بالقاهرة يوم 2 شباط/ فبراير 2016.
مصطفى طلعت أحمد، تم تصفيته على يد قوات الأمن بمصيف رأس
البر بدمياط يوم 6 حزيران/ يونيو 2016.
حسام حامد حسن علي، توفي بسجن "العقرب شديد الحراسة 2" يوم 20 آب/ أغسطس
2019.
جمعة محمد حسن جنيدى، الذي توفي داخل محبسه بسجن استقبال
طرة يوم 6 أيلول/ سبتمبر 2019.
عبد الرحمن يوسف أحمد محمد زوال، توفي بمحبسه في سجن طرة يوم 1 أيلول/ سبتمبر 2020.
أيمن أحمد عبد الغني حسانين، توفي في 10 كانون الأول/ ديسمبر
2020.
مصطفى يوسف أحمد مهدي، من سكان مدينة 15 مايو بحلوان.
أحمد صابر محمود محمد، عضو منتدب بشركة خاصة، 44 عاما، توفي
بسجن "العقرب شديد الحراسة 2" يوم 12 تموز/ يوليو 2021.
وكشفت الشبكة عن أسباب متعددة للوفيات تنوعت بين التصفية
المباشرة، والموت بالإهمال الطبي داخل الحبس، والإصابة بفيروس "كورونا"،
إضافة إلى الوفاة الطبيعية سواء بالحبس أو خارجه.
"الإهمال الطبي"
ورصدت حالة المعتقل جمعة محمد حسن بسجن استقبال طرة، نتيجة
إصابته بأزمة قلبية حادة كنموذج لما حدث مع المعتقلين على ذمة القضية، إذ جاءت وفاته
إثر اقتحام قوات الأمن للزنزانة، وقيامها بالتفتيش المفاجئ بشكل مفزع.
وقامت إدارة مباحث السجون وضباط الأمن الوطني وعناصر من الشرطة،
مدججين بالأسلحة، بإطلاق قنابل الغاز، ما أدى لإصابته بأزمة قلبية حادة، فيما تركه
رجال الأمن دون إسعاف، ليتم نقله لاحقا وبعد استغاثة زملائه لمستشفى السجن التي أعلنت
وفاته.
"مشاهد صادمة"
صور قاسية وصادمة ظهرت للمعتقل عماد حسن علي قبل الاعتقال
وبعد الوفاة، كشفت عن حجم معاناته، الذي قاده للموت بسجن "العقرب شديد الحراسة 1"،
نتيجة الإهمال الطبي لإصابته بسرطان المعدة داخل محبسه، وبسبب عدم تلقيه العلاج، وتوفي
في النهاية داخل مستشفى القصر العيني بالقاهرة في أيلول/ سبتمبر 2015.
"الموت بمقابر التأديب"
الحبس الانفرادي في زنزانة التأديب غير الآدمية ذات السمعة
السيئة، والتي لا يوجد بها شيء من مقومات الحياة كانت كفيلة بإنهاء حياة المعتقل عبد
الرحمن يوسف أحمد محمد زوال، بعد قضائه ثلاثة أيام متتالية بها، حرم خلالها من الهواء،
ودورة المياه، والتريض، وأشعة الشمس، بالإضافة للإحساس بالظلم.
"تعذيب حتى الموت"
التعذيب حتى الموت كان مصير المعتقل حسام حامد حسن علي،
35 عاما، وذلك بعدما قررت إدارة سجن "العقرب شديد الحراسة 2" إيداعه زنزانة
التأديب الانفرادية، عقابا له بعد دخوله في إضراب مفتوح عن الطعام، تعبيرا عن رفضه
للانتهاكات المتواصلة، وحرمانه من الزيارة ورؤية أسرته.
وبحسب زملاء له، فإن إدارة السجن استمرت في التعدي عليه وتناوبت
على ضربه وتعذيبه داخل زنزانة التأديب، ورفضت إدخال الطعام ومياه الشرب والعلاج إليه
رغم استغاثاته المستمرة، حتى وجدوه ميتا في زنزانته.
وتشير مصادر الشبكة المصرية لحقوق الإنسان، إلى أن ضابط أمن
الدولة أحمد فكري هو المسؤول الأول عن عمليات التعذيب داخل سجن "العقرب شديد
الحراسة 2".
"تنكيل متواصل"
لم يقتصر التنكيل على منع المعتقلين على ذمة القضية من الزيارة
لأكثر من 5 أعوام، فقد أصدر القاضي محمد شيرين فهمي، حكما بالحبس سنة لقرابة 109 متهمين بقضية "كتائب حلوان" بداعي إهانة القضاء، بسبب أدائهم للصلاة في جماعة، ليحكم
عليهم جميعا بالسجن لمدة عام يبدأ منذ تاريخ الحكم.
"حبس الأطفال"
أغلب المعتقلين على ذمة القضية من فئة الشباب، وهناك من تم
اعتقالهم وهم أطفال، ورغم ذلك جرى إيداعهم مع باقي المتهمين بسجن الكبار بعد ضمهم للقضية،
في مخالفة صريحة لقانون الطفل.
يوسف سمير ضمن هؤلاء الأطفال، والذي اعتقل في 2014، وهو طالب
بالصف الثالث الإعدادي، وممنوع من الزيارة منذ تشرين الأول/ أكتوبر 2017.
وقالت المنظمة الحقوقية، إن المعتقلين على ذمة القضية تعرضوا
لألوان مختلفة من التنكيل شملت الاتهامات الفضفاضة، والمنع من الزيارة، وأوضاع السجن
المزرية، وحبس الأطفال تحت السن القانوني، واستمرار نظر القضية لأكثر من 6 سنوات.
وتطالب الشبكة بإعادة النظر في أوضاع المحتجزين، والاحتكام
إلى مواد الدستور والقانون، ولا سيما ما يتعلق بالأطفال المحبوسين على ذمة القضية،
بعيدا عن الاعتبارات الأخرى التي لا تلقي بالا لحقوق المواطنين أو أحكام القانون.