من المؤكد أن فتح الطريق الساحلي يعد تطورا مهما وإيجابيا كونه من مؤشرات تراجع النزاع ومن ناحية تسهيل الانتقال للمواطنين بين مدن الشرق والغرب، وانتقال البضائع، كما أنه ضروري لدعم الانتخابات العامة المقرر إجراؤها في كانون الأول (ديسمبر) المقبل.
فتح الطريق الساحلي هو من بين بنود الاتفاق الأمني الذي تم التوقيع عليه من قبل لجنة 5+5 في تشرين الأول (أكتوبر) 2020م، وهو أيسر البنود وأكثرها قابلية للتطبيق، إلا أن جدلا دار حول آلية تنفيذه، وجاء التصلب في الموقف أولا من جهة غرفة عمليات سرت الجفرة، التابعة لحكومة الوحدة الوطنية، حيث إنها اعتبرت فتح الطريق محفوفا بالمخاطر في ظل استمرار تمركز المرتزقة الفاغنر الروس في سرت، واستمرار تدفقهم وتدفق العتاد والذخيرة إليهم.
بالمقابل، كان موقف حفتر متصلبا أيضا حيال فتح الطريق الساحلي والسبب هو ربما المحافظة على حالة التوتر واستخدام الطريق كورقة ضغط وهو يبحث عن تموقع سياسي وعسكري بعد التوافق على تشكيل السلطة التنفيذية في شباط (فبراير) الماضي.
مما لا شك فيه أن تراجع كلا الطرفين عن مواقفهما المتصلبة حيال فتح الطريق الساحلي جاء نتيجة للضغوط الدولية، فالبعثة والأطراف الدولية المعنية بحلحلة الأزمة بذلوا جهدا للوصول إلى هذه النتيجة، حيث لعب السفير الأمريكي دورا في زحزحة الطرفين عن موقفهما الأولي، وكان له ما أراد.
من المؤكد أن فتح الطريق الساحلي يعد تطورا مهما وإيجابيا كونه من مؤشرات تراجع النزاع ومن ناحية تسهيل الانتقال للمواطنين بين مدن الشرق والغرب، وانتقال البضائع، كما أنه ضروري لدعم الانتخابات العامة المقرر إجراؤها في كانون الأول (ديسمبر) المقبل.
السلطة التنفيذية الجديدة في طرابلس تنظر إلى هذه الخطوة نظرة تقليدية، بمعنى أنها ترى فيها تطورا مهما يمكن أن تعتبره إنجازا سياسيا لها لا أكثر، فيما ينظر إليها حفتر نظرة براغماتية، ذلك أن حلحلة الملفات الخلافية قد يسهم في إجراء الانتخابات في موعدها، والذي يبدو أنه يحرص عليها طمعا في أن تحقق له مراده في الوصول إلى كرسي الحكم في ظل الاعتقاد بأنه لا وجود لمنافس حقيقي للفوز بالانتخابات الرئاسية.
من جهة أخرى، فإن حفتر سيظهر بمظهر المستجيب للضغوط الدولية لدفع المسار السياسي خطوات إلى الأمام، وفي حال فشل المسار السياسي وتم تعطيل الانتخابات، فستكون الفرصة سانحة أمام حفتر لممارسة مغامرته المفضلة وهي الحرب، أي أنه سيكون مستفيدا في كلا الحالين.
حفتر ظهر متماهيا مع الموقف الدولي في تصريحه بالأمس بخصوص فتح الطريق الساحلي بدعوته إلى ضرورة خروج المرتزقة من البلاد، وهو تصريح مختلف عما كان يردده بالتركيز على الوجود التركي في الغرب الليبي والتهديد بإخراج القوات التركية "المستعمرة" بالقوة، ويمكن أن يفهم من الصيغة الجديدة في الخطاب أن حفتر يتجه إلى التملص من الوجود الروسي في البلاد، وذلك في ظل التصعيد في الخطاب بين واشنطن وموسكو مؤخرا، وحديث الرئيسين الأمريكي والروسي عن احتمال وقوع مواجهة والاستعداد لها.
التوتر الذي ارتفعت وتيرته بين الدولتين العظميين يمكن أن ينعكس إيجابا على الأزمة الليبية، إذ لا يمكن أن تتحول العلاقة إلى شكل من أشكال الصدام المسلح بعد التصعيد في الخطاب السياسي والإعلامي كما هو حاصل اليوم وتقبل واشنطن وحلفائها أن يكون لموسكو موطئ قدم في منطقة لا تبعد إلا بضع مئات من الكيلومترات عن قواعد أمريكية في أوروبا.
على صعيد آخر، قد يدفع الخوف من أن يأخذ التصعيد بينهما منعطفا خطيرا إلى تفاهمات وقائية يكون من نتائجها إخراج المرتزقة الروس من المناطق التي يتمركزون فيها في وسط وجنوب البلاد وحتى شرقها.
ربما في ظل هذا المناخ الدولي الملبد نفهم ترحيب حفتر بفتح الطريق الساحلي وتماهيه مع المطلب الدولي لإخراج المرتزقة من البلاد، وسيكون الاختبار الحقيقي لموقف حفتر وتصريحه بالأمس وقوع تطور مهم في موقفه تجاه المرتزقة الروس، ربما حفتر غير قادر على إخراجهم، إلا أنه سيكون أكثر وضوحا في موقفه من وجودهم في مناطق نفوذه.
إذا حَلَقوا للتوانسة بِلُّوا لِحاكُم يا سوادنة
ليبيا.. العدالة والبناء بعد نتائج انتخابات رئاسة الحزب