نشر
موقع "
ميدل إيست مونيتور" البريطاني تقريرا تناول فيه أوجه الشبه بين النهج
الاحتلالي الذي اتخذته الولايات المتحدة في كل من أفغانستان وفلسطين.
ويقول
الموقع في تقرير للكاتب داوود عبد الله، ترجمته "عربي21"، إن الولايات المتحدة أدركت أن تشكيل
جيش أو جهاز أمني لخدمة مصالح قوة محتلة ليس بالمهمة السهلة، وهو ما أثبتته الأحداث
الأخيرة في أفغانستان. وقبل 14 عامًا فقط، هُزمت قوات الأمن التي تمولها الولايات المتحدة
بقيادة محمود عباس في غزة.
وعلى
الرغم من الاختلافات التاريخية والجغرافية الواضحة، إلا أن هناك أوجه تشابه مؤكدة في
التجارب الأمريكية في كل من أفغانستان وفلسطين.
بعد
هزيمة حركة
طالبان في تشرين الأول/ أكتوبر 2001، رفضت إدارة بوش المبادرات المتكررة
لإشراكها في تسوية سياسية. وبعد أقل من شهرين، عرض كبار قادة طالبان على الرئيس الأفغاني
الجديد، حامد كرزاي، إلقاء أسلحتهم للانضمام إلى العملية السياسية. وقد رفض وزير الدفاع
الأمريكي دونالد رامسفيلد ذلك.
مع ذلك،
استمرت طالبان خلال الفترة الممتدة بين عامي 2002 و2004 في الضغط على كرزاي، والذي
ضغط بدوره على الولايات المتحدة لفتح حوار سياسي. لكن تلك الجهود قوبلت برفض توجته
واشنطن بحظر على أي تواصل مع الجماعة.
في فلسطين،
كان موقف إدارة بوش تجاه المقاومة - وبالأخص حماس - أكثر عدائية. ومن المثير للسخرية
أن نهجه ازداد عدائية بعد فوز الحركة في انتخابات عام 2006 التي كان ينبغي أن تكون
حافزًا للتغيير الديمقراطي. وعقب الانتخابات، سعت حماس إلى ضم منافستها السلطة الفلسطينية
في حكومة وحدة وطنية، لكن فتح رفضت رفضًا قاطعًا، امتثالا حسب الظاهر لأوامر الولايات
المتحدة.
يؤكد
الموقع أن سجل الولايات المتحدة المروع في عرقلة التجارب الديمقراطية في أفغانستان
وفلسطين يقتضي بأن تتحمل الدولة قدرًا من المسؤولية في زعزعة استقرار كلا البلدين.
وينبغي عليها تحمل تداعيات عزلها للخصوم السياسيين على تقويض الوحدة الوطنية؛ وسوء
استخدامها الأجهزة الأمنية على تأجيج المظالم والانقسامات المتجذرة.
بالنسبة
لفلسطين، قال الملازم وليام وارد، وهو أول منسق أمريكي للشؤون الأمنية، للجنة العلاقات
الخارجية بمجلس الشيوخ الأمريكي إن قطاع الأمن في السلطة الفلسطينية "مختل، مع
وجود زعماء قبليين منفصلين موالين لشخصيات معينة.. ليس لديهم أي تسلسل واضح للسلطة
ولا يستجيبون لأية قيادة مركزية".
بالمثل،
قال ستانلي ماكريستال، الجنرال المتقاعد من الجيش الأمريكي الذي عمل في أفغانستان كرئيس
أركان لقوة المهام المشتركة إن "الجيش الوطني الأفغاني، المدرب والمجهز إلى حد
كبير من قبل الولايات المتحدة، يعمل بشكل أساسي في نقاط التفتيش الثابتة في جميع أنحاء
البلاد والتي تكون عرضة لهجمات طالبان".
وفيما
يتعلق بالشرطة الوطنية الأفغانية، أشار الجنرال إلى أن "الفساد ينتشر فيها وقيادتها
ضعيفة، وتستخدم لحماية أعضاء البرلمان والمسؤولين الآخرين أكثر مما تستخدم لغرض إنفاذ
القانون والنظام".
يوضح
الموقع أنه عند هذا المستوى، ظهرت معضلة مشتركة واجهت قوات الأمن الوليدة في فلسطين
وأفغانستان، حيث طولبت بإرضاء جميع الأطراف. بينما كان لدى الفلسطينيين مهمة لا يحسدون
عليها وهي حماية المصالح الإسرائيلية والفلسطينية المتضاربة، كذلك كان على الأفغان
محاربة المتمردين ومطاردة أباطرة المخدرات ومنع زراعة الأفيون إلى جانب التنسيق مع
القوات الأمريكية لإخراج الهاربين من القاعدة في مناطق البشتون. نتيجة لذلك، لم تستطع
القوات تحقيق أي هدف.
بعد
كل الحروب وما صاحبها من موت ودمار، ما زالت أهداف الأمريكيين غير واضحة. في تشرين
الثاني/ نوفمبر 2003، أي الفترة التي تلت أحداث الحادي عشر من أيلول/ سبتمبر مباشرة،
ذكر الرئيس بوش أن "التزامنا بالديمقراطية يخضع للاختبار في الشرق الأوسط، وهذا
هو محور تركيزي، ويجب أن يكون محورًا للسياسة الأمريكية لعدة عقود مقبلة".
الآن،
وبعد عقدين من الزمان، استعادت طالبان السيطرة على أفغانستان بأكملها، واستجاب جو بايدن
لذلك قائلا إن "مهمتنا في أفغانستان لم تكن أبدًا خلق ديمقراطية مركزية".
ومن
ناحية أخرى، كان للجنرال ماكريستال رؤية مختلفة لمهمته هناك. في مقال كتبه مؤخرا لمجلة
"فورين أفيرز"، أكد ماكريستال أن غزو أفغانستان كان "لتدمير القاعدة
وإسقاط نظام طالبان"، ثم تابع أن المهمة "جاءت لتشمل إقامة دولة أفغانية
تدافع عن سيادتها وتحتضن الديمقراطية وتثقف النساء وتشن حملة ضد إنتاج الأفيون".
يختم
الموقع بأن الاحتلال العسكري، مهما كانت أصوله أو قناعاته، يتعارض بطبيعته مع الحرية
والتنمية، ولا مهرب من النتائج المترتبة عليه المتمثلة في خلق المقاومة ومنع ترسخ الديمقراطية.
وتعد فلسطين وأفغانستان أمثلة بارزة على ذلك. بعد عقدين من الزمن، فقدت الولايات المتحدة
موضعها في أفغانستان. وبالمثل، قريبا ما ستدرك واشنطن عبثية دعمها للاحتلال الصهيوني
في فلسطين.