قال الباحثان غرايم سميث وديفيد مانسفيلد في
مقال مشترك بصحيفة نيويورك تايمز، إن حركة
طالبان فازت بالجائزة
الاقتصادية الكبرى
بعد سيطرتها على أفغانستان.
ويوضح سميث ومانسفيلد أن تلك الجائزة متمثلة في
المسارات التجارية التي تشمل الطرق السريعة والجسور وممرات المشاة في أفغانستان،
ويشيران إلى أن تلك المسارات تعد بمثابة نقاط اختناق إستراتيجية للتجارة عبر جنوب
آسيا.
وأشارا إلى أن إفلاس أفغانستان أغرى بعض
المانحين الغربيين بالتفكير في ممارسة ضغوط مالية في شكل تلويح بحجب التمويل
لأغراض إنسانية وتنموية للتأثير على حكام البلاد الجدد. لكن تلك الآمال في غير
محلها، وفقا للباحثيْن.
ويقول الكاتبان، وهما أيضا خبيران في شؤون
أفغانستان وسبق لهما نشر دراسة عن الاقتصاد غير الرسمي أو المستتر لتلك الدولة، إن
حركة طالبان بعد أن وضعت يدها على مصادر الدخل “المجزية للغاية”، ومع استعداد دول
مجاورة مثل الصين وباكستان للتعامل التجاري معها أضحت بشكل مفاجئ بمنأى عن قرارات
الجهات الدولية المانحة.
ورغم أن ما سيأتي بعد ذلك في هذه الدولة يكتنفه
الغموض، فإن من المرجح أن تنجلي الأمور عن محاولة الغرب ممارسة نفوذ دون طائل.
ومن الأسباب التي تجعل المانحين الأجانب ينزعون
إلى المبالغة في إظهار مكانتهم في أفغانستان أنهم لا يفهمون طبيعة الاقتصاد غير
الرسمي والأموال الطائلة المخبأة في مناطق الحرب.
ويزعم الباحثان الغربيان أن الاتجار في الأفيون
والحشيش ومادة الميثامفيتامين المنشطة، وأنواع المخدرات الأخرى ليست هي النشاط
التجاري الأكبر الذي يمارس دون تدوين عائداته في الدفاتر المحاسبية، ذلك أن
الأموال الحقيقية تأتي من الحركة غير المشروعة للبضائع العادية كالوقود والسلع
الاستهلاكية.
ومن حيث الكم والعائد المالي، فإن الاقتصاد غير
الرسمي يجعل المعونات الدولية تبدو أصغر حجما بكثير. فعلى سبيل المثال، قدرت
الدراسة التي أجراها غرايم سميث وديفيد مانسفيلد عن ولاية نيمروز في أقصى جنوبي
أفغانستان ونشرها معهد التنمية لما وراء البحار هذا الشهر أن الضرائب غير الرسمية
التي يتحصلها مسلحون للسماح بعبور البضائع بشكل آمن، بلغت حوالي 235 مليون دولار
سنويا جُمعت لصالح حركة طالبان وشخصيات موالية للحكومة.
وعلى النقيض من ذلك، حصلت نيمروز على أقل من 20
مليون دولار في شكل مساعدات أجنبية في السنة. ويشير المقال إلى أن مكتب الجمارك في
زاراني هو الغنيمة الكبرى التي حصلت عليها طالبان بعد سقوط المدينة المحاذية
لإيران في يدها في أغسطس/ آب.
جاء في المقال أنه رغم أن مدينة زاراني كانت
تورد رسميا للحكومة مبلغ 43.2 مليون دولار قيمة رسوم جمركية سنويا -بالإضافة إلى
50 مليون دولار أخرى في شكل ضرائب مباشرة في عام 2020- فإن الدراسة اكتشفت وجود
مبلغ كبير من المال حصيلة تجارة لم يعلن عنها، لا سيما في الوقود، وهو ما يجعل
إجمالي العائدات الحقيقية من البضائع العابرة للحدود تصل إلى 176 مليون دولار في
السنة على أقل تقدير.
ويخلص الباحثان إلى القول إن المكاسب غير
المتوقعة من التجارة العابرة للحدود تجعل من طالبان بعد أن دانت إليها السلطة في
أفغانستان، طرفا تجاريا رئيسيا في منطقة جنوب آسيا، وهو ما يعني أن الأساليب
المعتادة لإخضاع الأنظمة المارقة للضغوط الدولية كالعقوبات والعزل أقل قابلية
للتطبيق في أفغانستان اليوم.