نشرت صحيفة "MEE" البريطانية، تقريرا ناقش
أسباب تحول قطر إلى وسيط بين الولايات المتحدة وطالبان، وميزات الدولة الخليجية
الصغيرة التي أثبتت نفسها في المنطقة رغم المعوقات.
وجاء في التقرير الذي أعدته دانيا عقاد، "في خريف عام 2010، بعد تسع سنين من الحرب التي
قادتها الولايات المتحدة في أفغانستان، جلس ثاني أعلى قائد في الطالبان على الجانب
الآخر من الطاولة التي جلس إليها مسؤولون من أفغانستان ومن حلف شمال الأطلسي في
مدينة قندهار".
وفي لقاءات
سابقة، بما في ذلك لقاء حضره رئيس أفغانستان حينذاك حامد كرزاي في قصره بمدينة
كابول، تقدم الملا منصور بمطالب خفيفة أثارت الدهشة مقابل إبرام صفقة سلام تحقق
المصالحة في البلاد.
قال لهم إن
بإمكان القوات الأجنبية، مصدر الخلاف الرئيسي مع الجماعة، البقاء في أفغانستان وأن
حركة الطالبان لن تطلب مناصب في الحكومة.
جاءت
المحادثات في لحظة كانت الولايات المتحدة وحلفاؤها يبحثون حينها عن سبيل للخروج
مما كان يشار إليه حتى في ذلك الوقت بالحرب الأبدية. بدأ بعض المسؤولين آنذاك
يدركون بأن مثل هذا الأمر يتطلب تفاهماً مع الطالبان.
المشكلة
الوحيدة هي أن الملا منصور لم يكن عضواً في حركة الطالبان، وأغلب الظن أن الرجل
الذي غادر وهو يحمل في جعبته مئات الآلاف من الدولارات التي أغدقتها عليه وكالات
الاستخبارات الغربية لم يكن سوى صاحب دكان في باكستان.
كان ذلك حدثاً
محرجاً جداً وصفه أحد المسؤولين في حديث مع الصحفيين بالإخفاق المهول بينما قال
عنه متحدث باسم الطالبان: "إن الأمريكيين وحلفاءهم في غاية الغباء، ويمكن لأي
شخص أن يخدعهم."
ولكنه حدث
يساعد في الإجابة على سؤال كيف ولماذا أصبحت دولة خليجية صغيرة، لا تكاد توجد لها
أي مصالح في أفغانستان، وسيطاً محورياً بين الولايات المتحدة وحركة الطالبان.
البحث عن شخص
يمكنك الوثوق به
بحلول عام
2010، نفس السنة التي شمر فيها الملا المزيف منصور عن ساعديه، غدت الولايات
المتحدة وحلفاؤها الغربيون في أمس الحاجة إلى فتح قناة اتصال مع الطالبان.
قبل ذلك بعام،
في سنة 2009، خرج الجندي الأمريكي بووي بيرغدال من نقطته العسكرية المتقدمة في
إقليم باكتيكا شرقي أفغانستان، وخلال ساعات وقع أسيراً في أيدي الطالبان.
حينذاك، علقت
لوحة داخل مقر القيادة المركزية في فلوريدا مباشرة بعد النقطة الأمنية لعد الأيام
التي يمضيها في الأسر. وكان الجيش الأمريكي يتعرض لضغوط متزايدة من أجل تحرير
الجندي وإعادته إلى وطنه. لكن المشكلة كانت تكمن في أن الولايات المتحدة لم يكن
لديها سبيل للوصول إلى آسريه والتحدث معهم.
لم يكن
الباكستانيون أهلاً للثقة. وأما السعوديون والإماراتيون، وكلاهما كانا في مراحل
مختلفة على استعداد للعب دور الوسيط، فكانوا قد دعموا الطالبان في التسعينيات،
ولذلك لم يكونوا من وجهة النظر الأمريكية محايدين. ثم كان هناك الأفاكون.
يقول كريستيان
كوتس أولريخسن، الزميل المتخصص في الشرق الأوسط لدى معهد بيكر للسياسة العامة في
جامعة رايس: "كان هناك أشخاص يأتون بشكل عشوائي ويقولون نحن نمثل الطالبان.
وكانوا يحصلون على كميات كبيرة من المال ثم يختفون."
حينذاك ذكرت
صحيفة نيويورك تايمز في تقرير لها حول الملا المزيف منصور أن أحداً لم يكن قد شاهد
الملا محمد عمر، زعيم الطالبان في أفغانستان، منذ سنين، ولم يكن أحد من المسؤولين
الذين يمثلون الولايات المتحدة أو حلف شمال الأطلسي أو حتى الحكومة الأفغانية قد
رأى بشكل شخصي أحداً من زعماء الحركة الآخرين.
يقول أولريخسن
إن وجود بعض من قيادات الطالبان في بلد حليف يعرف لهم فيه عنوان بدا للأمريكان
أمراً منطقياً، وخاصة أن قطر أثبتت أن بإمكانها تدبير ذلك.
ويضيف
أولريخسن: "لربما رأت الولايات المتحدة مصلحة في حالة حماس من وجود خالد مشعل
في الدوحة حيث يمكنها الوصول إليه لو دعت الحاجة إلى ذلك، ولو حتى من خلال وسطاء،
مقارنة بوجوده في دمشق، على سبيل المثال."
أعربت قطر عن
رغبتها في المساعدة. وكان الصحفي ستيف كول قد أورد من قبل في كتاب له بعنوان
"المديرية إس" نشر في عام 2018 تفاصيل ومعلومات خاصة عن المفاوضات،
ومنها أن الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني قال للأمريكيين إنه ما كان ليخدع كما خدعوا.
ونقل المؤلف عن أمير قطر حينذاك قوله للأمريكان: "قد يخدعونكم أنتم، ولكن مع
كل الاحترام، ليس بإمكان الطالبان خداعي أنا."
كان لدى
الدولة الخليجية سجل حافل بالوساطات – من لبنان إلى اليمن إلى السودان، حيث طورت
قطر ذلك الدور خلال التسعينيات كوسيلة لتمييز نفسها إقليمياً، جزئياً رجاء أن تصبح
في موقع مهم لا تستغني عنها القوى التي قد تلجأ إليها وتطلب منها المساعدة في حل
الأزمات التي قد تنشب مستقبلاً. بل لقد ورد ذكر هذه المهمة في دستور البلد ضمن الحديث
عن غايات سياسته الخارجية.
ولكن بحلول
عام 2013، عندما كان مقرراً للمحادثات أن تبدأ في الدوحة، كانت قطر تتطلع إلى
ترسيخ دورها كوسيط بعد أن انجرت خلال الربيع العربي نحو القيام بدور كان
"أقرب إلى التدخل" في كل من ليبيا وسوريا، كما يقول أولريخسن.
هذا بالإضافة
إلى أن حركة الطالبان كانت قد أكدت بوضوح، في تصريحات عامة وأخرى خاصة، أنها تفضل
العمل مع قطر.
وبحسب ما
يقوله كول فإن طيب أغا، ممثل الجماعة الذي شارك في المحادثات التي أفضت أخيراً إلى
فتح حركة الطالبان مكتباً سياسياً في الدوحة، كان قد أخبر المسؤولين الأمريكيين
بأن الحركة ما كانت لتفتح مكتباً "في أي بلد لديه قوات عسكرية في أفغانستان،
أو في أي بلد مجاور، أو في أي بلد يمكن أن يؤدي فتح المكتب فيه إلى ردود أفعال
صاخبة ضد الحركة".
وأضاف:
"كان اختيار المملكة العربية السعودية، على سبيل المثال، سيثير رد فعل سلبيا من قبل إيران. وحكومتا الإمارات العربية المتحدة وتركيا كانتا قريبتين جداً من
باكستان. فكان لابد من قطر."
البحث عن
مصالحة
بحلول عام
2013، كان ما يزيد عن عشرين ممثلاً لحركة طالبان وبعض أفراد عائلاتهم يعيشون في
مجمع خاص بهم خارج مدينة الدوحة. كانوا يشاهدون من حين لآخر في الفنادق لحضور
لقاءات، أو في مجمعات الأسواق للتسوق، ولكنهم كانوا في معظم الأحيان، كما يقول
المراقبون، يلتزمون ببعضهم البعض داخل مقر إقامتهم.
كان الهدف هو
تحقيق المصالحة في أفغانستان من خلال تيسير المفاوضات بين الحكومة الأفغانية وحركة
الطالبان.
يقول أندرياس
كريغ، كبير المحاضرين في كلية الدراسات الأمنية في كينغز كوليج التابعة لجامعة
لندن، والذي راقب عن كثب بعض المفاوضات التي جرت على مدى سنين: "ثمة الكثير
جداً من تقلبات الدهر صعوداً وهبوطاً عبر السنين، حيث لا تعرف بتاتاً متى ستحين
لحظة الانفراج، أو ما إذا كانت مثل تلك اللحظة من الانفراج ستأتي على
الإطلاق."
كانت إحدى
لحظات الهبوط هي لحظة الانطلاق الفعلي للمكتب السياسي في الثامن عشر من يونيو /
حزيران من عام 2013.
حينها كان
مسؤولو وزارة الخارجية يتابعون من واشنطن وكؤوس الشمبانيا في أياديهم، حسب ما
يقوله كول، التغطية الحية لقناة الجزيرة بينما كانت تعرض صور ممثلي طالبان وأحد
نواب وزير الخارجية القطري وهم وقوف خلف منصة مكسوة بالزهور أمام لافتة ضخمة كتب
عليها "إمارة أفغانستان الإسلامية"، وهو الاسم الرسمي لأفغانستان حينما
كانت تحت حكم الطالبان.
في الخارج
رفرف علم الجماعة الأبيض وقد ارتفع إلى أعلى الصاري، ثم بعد ذلك خفض إلى منتصفه من
وراء جدار.
ويذكر أن
الرئيس الأفغاني حامد كرزاي – الذي لم يكن يثق بقطر وحامت الشكوك في رأسه
بشأنها – لم يوافق على المحادثات إلا شريطة عدم استخدام حركة الطالبان المكتب
كمنصة سياسية، ثم ما لبث أن انسحب من المفاوضات بعد أقل من يوم من ذلك.
وكانت إحدى
لحظات الصعود – على الأقل من وجهة نظر الأمريكان والطالبان – هي تلك التي شهدت
تبادل الأسرى في مارس / آذار من عام 2015، والتي تم حينها تحرير بيرغدال مقابل
خمسة من أعضاء الطالبان كانوا محتجزين في سجن غوانتانامو بيه، غدوا جميعاً الآن
جزءاً من حكومة الطالبان الوليدة في كابول.
لم يقتصر
الأمر على تحرير بيرغدال بعد خمس سنين من الأسر القاسي، بل شكل تبادل الأسرى إجراء
مهماً في بناء الثقة بالنسبة للولايات المتحدة بعد الصخب الذي أحاط بفتح المكتب
السياسي.
يقول
أولريخسن: "أثبت ذلك أن مكتب الطالبان في قطر بإمكانه إلى حد ما الوفاء بما
تعهدوا به. فقد كانوا موضع ثقة إلى حد أنهم لم يتقاعسوا عن الوفاء بما قالوا إنهم
سيقومون به."
أزمة الخليج
من وجهة النظر
القطرية، اكتسب دور المحاور والمضيف للطالبان أكبر قيمة له ما بعد حصار يونيو /
حزيران من عام 2017 الذي فرضه على البلد خصومه في الإقليم.
فقد قامت كل
من الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية والبحرين ومصر بقطع
العلاقات التجارية والدبلوماسية مع قطر وحظرت عليها العبور من مجالاتها الجوية
عقاباً لها على ما ادعوا أنه دعم قطر للجماعات المتشددة وعلاقاتها بإيران، من بين
عدد من التهم الأخرى.
وقعت حالة من
الذعر في قطر بالذات، كما يقول أولرخسن، عندما بدا الرئيس الأمريكي دونالد ترامب
كما لو أنه يبعث بإشارات إلى كل من المملكة العربية السعودية والإمارات العربية
المتحدة عبر تغريداته في السادس من يونيو / حزيران – أي بعد يوم واحد من بدء فرض
الحصار – مفادها أن بإمكانهم أن يفعلوا كل ما يريدون.
فقد غرد ترامب
يومها قائلاً: "خلال زيارتي الأخيرة إلى الشرق الأوسط، صرحت بأنه ما عاد
بالإمكان استمرار التمويل للأيديولوجيا المتطرفة، فأشار الزعماء إلى قطر –
انظر!".
وغرد أيضاً
يقول: "من الجميل أن نرى مردود الزيارة إلى المملكة العربية السعودية واللقاء
مع الملك وزعماء خمسين بلداً. قالوا إنهم سيتخذون موقفاً صارماً من تمويل التطرف،
وكانت الإشارات كلها تتجه نحو قطر. ربما ستكون هذه بداية نهاية الرعب
والإرهاب."
يقول أولرخسن:
"شكل ذلك صدمة، لأن قطر منذ عام 1990، ومثلها في ذلك جميع دول الخليج، ما
فتئت ترى أن العلاقة مع الولايات المتحدة هي أساس شراكتها الأمنية والدفاعية معها،
وكان صادماً جداً أن توجه سهام الريبة فجأة إلى ذلك."
قامت قطر منذ
ذلك الحين بتكثيف جهودها لتعزيز مكانتها داخل واشنطن، فدفعت في عام 2017 ثلاثة عشر
مليون دولار لمؤسسات أمريكية تعمل في اللوبي – وهي ثلاثة أضعاف المبلغ الذي كانت
قد دفعته في العام السابق – وأنفقت عشرة ملايين دولار أو أكثر كل عام منذ ذلك
الحين، كما يقول بن فريمان، مدير بادرة الشفافية حول النفوذ الأجنبي داخل مركز
السياسة الدولية، وهو منظمة غير ربحية.
وكانت
الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية قد زادتا من إنفاقهما على
نشاطات اللوبي في عام 2016. قال فريمان، في إشارة إلى ذلك الشارع في واشنطن الذي
تنتشر فيه مؤسسات اللوبي: "ومن ذا الذي خرج رابحاً من الحصار؟ إنه شارع
كيه."
بالإضافة إلى
زيادة إنفاقها على اللوبي بعد بدء الحصار، دشنت قطر، ودفعت تكاليف، توسعة أدخلتها
على قاعدة العديد الجوية، والتي تعتبر أكبر مرفق عسكري للولايات المتحدة في منطقة
الشرق الأوسط، وزادت التعاون حول القضايا في كافة أرجاء الحكومة الأمريكية لضمان
تجاوز العلاقة مع الولايات المتحدة ساكن البيت الأبيض وألا تكون مرتبطة به.
يقول دايف ديس
روشيه، المسؤول السابق في وزارة الدفاع وفي البيت الأبيض والأستاذ في جامعة الدفاع
الوطني: "كان الحصار بمثابة دعوة للاستيقاظ. كان الحصار حدثاً مبدلاً
للأحوال."
الخروج من
أفغانستان
من الأوراق
التي كانت قطر ممسكة بها دورها كقناة تواصل بين الولايات المتحدة والطالبان.
بعد ما يقرب
من مرور ثلاث سنين على تغريداته، بات ترامب بحاجة إلى أن تحاول البلد الوفاء بما
كان قد وعد به أثناء حملته الانتخابية من إنهاء الحرب في أفغانستان. وفي العام
الماضي في الدوحة، وقعت الولايات المتحدة مع حركة الطالبان اتفاقاً يقضي بانسحاب
جميع القوات الأمريكية بحلول شهر مايو / أيار من هذا العام.
كانت الصفقة
أبعد ما تكون عن المصالحة الأفغانية التي كان مرجواً التوصل إليها في الدوحة، فقد
غابت الحكومة في كابول تماماً عن الحدث.
بل لقد تساءل
البعض عما إذا كان مثل هذا الاتفاق ضرورياً من حيث الأساس، ومن هؤلاء سارة تشايس،
وهي صحفية غطت أحداث سقوط نظام الطالبان لصالح الإذاعة الوطنية في الولايات
المتحدة ثم عملت بعد ذلك مستشارة لكبار المسؤولين في الجيش الأمريكي حول الشأن الأفغاني.
وكانت قد كتبت
سارة تشايس مؤخراً تقول: "ما الذي كان يحول بيننا وبين أن ننسحب بشكل أحادي –
وهو ما قمنا به على كل حال في نهاية المطاف؟ ما الذي تم انتزاعه من الطالبان مقابل
إجبار الحكومة الأفغانية على إطلاق الآلاف من مقاتلي العدو، ضمن تنازلات أخرى،
ومنح الطالبان أكثر من عامين لكسب الزعماء المحليين إلى صفهم قائلين لهم: سوف
تغادر الولايات المتحدة فلم لا تنضمون إلينا؟".
وقد يتساءل
البعض – كما فعل الكثير من الأفغان والأمريكان آنذاك – حول الحكمة من استبدال
بيرغدال بخمسة من الشخصيات الرئيسية في الطالبان لتجنب بقاء عنصر أمريكي رهينة
بأيديهم إذا كان مئات الأمريكان سيبقون محشورين داخل كابول خلال الأسابيع القليلة
الماضية.
وهناك من
يلومون قطر ويحملونها المسؤولية عن تمكين الطالبان وتعزيز موقفهم.
وفي ذلك غرد
جوناثان شانزير، نائب رئيس قسم الأبحاث في مؤسسة الدفاع عن الديمقراطية:
"كانت قطر هي من نسق هذه الكارثة، بدءاً باستضافة سفارة الطالبان إلى توفير
إطار للمحادثات وانتهاء بتصنيف الطالبان حركة أكثر اعتدالاً. كانت تلك الكارثة من
صنع القطريين."
نصر في
العلاقات العامة
ولكن إذا ما
أخذنا بالاعتبار انتقال سفارة الولايات المتحدة وسفارات العديد من البلدان
الأوروبية إلى الدوحة، والتصريحات التي أدلى بها وزير الخارجية الأمريكي أنطوني
بلينكن، فإن جهود قطر واستمرارها في لعب دور قناة الاتصال مع الطالبان يمثل ذلك
كله نجاحاً باهراً للبلد في مجال العلاقات العامة.
وفي ذلك يقول
كريغ: "تأملوا فيما تنفقه بلدان الخليج بشكل عام في واشنطن. لقد أنفقت عشرات
الملايين من الدولارات على مدى سنين رسوماً لشركات اللوبي سعياً منها لضمان ترتيب
لقاء مع شخص ما."
ويضيف:
"إسكان {الطالبان} في مجمع، وتوفير سيارة لهم وتزويدهم ببعض المال كمصاريف؟
أقصد إن هؤلاء الناس ليسوا من النوع الذي ينفق ببذخ، فهم لا يعيشون نمط حياة يتسم
بالرغد والرفاهية. ولذلك فإن الاستثمار فيهم لو تأملت في الأمر عوائده جمة."
يوافق على ذلك
فريمان، الذي يرصد نشاط اللوبي داخل واشنطن، ويقول: "إن وجودهم في هذا الوضع
قيمته عظيمة جداً بالنسبة لهم. إلا أن قطر لم تصل إلى هذا الوضع إلا بفضل عملية
التأثير التي تمارسها."
ويضيف:
"وجدت قطر نفسها في وضع غاية في الصعوبة في الولايات المتحدة أثناء الحصار،
ثم لم تلبث قطر أن دشنت عملية لوبي كبيرة خاصة بها، فلم يطل بها المقام حتى
استعادت رضا ترامب... بالنسبة لي، لا يمكنك الفصل بين الاثنين."
لو تجاوزنا
العناوين الصحفية، فإن القبول الذي حظي به دور قطر في أفغانستان سوف يعني أن الباب
الذي يفضي إلى الاستثمارات الغربية المربحة – وربما من بعد في أفغانستان – يبقى
مفتوحاً على مصراعيه أمام البلد الذي بات يملك في لندن وحدها من العقارات أكثر مما
تملكه الملكة نفسها.
ولربما الأهم
من ذلك كله أن ثمة إحساسا بأن قطر ستكون في وضع أكثر أمناً في أي أزمة قد تنشب في
المستقبل بسبب ما باتت تدين لها به القوى الكبرى في العالم.
وفي ذلك يقول
كريغ: "لو نشبت أزمة أخرى – فيما لو قررت المملكة العربية السعودية والإمارات
العربية المتحدة ليس فقط حصار قطر بل وربما القيام بعملية عسكرية ضدها – فالأغلب
أن الأمريكان هذه المرة سيعارضون أو سيواجهون، حتى بشكل أوسع، مقارنة بما كان عليه
الحال في عام 2017."
ولكن مع
الجوائز يستمر تدفق المخاطر. فلو أعادت حركة الطالبان فرض نظام حكمها الفظيع، فإن
ارتباط قطر بالمجموعة قد يلحق بها إضراراً جسيمة – وقد يصلب مواقف أولئك الذين
يزعمون بأن الدولة في قطر تمكن للإرهابيين.
رغم أن قاعدة
العديد الجوية دائمة ولا يمكن نقلها، إلا أن مركز القيادة "سنتركوم"
الموجود حالياً في قطر يمكن نقله بين عشية وضحاها، على سبيل المثال، وخاصة أن قائد
سنتركوم مقره الآن في فلوريدا.
يقول أولرخسن:
"ها نحن أمام حكومة جديدة للطالبان لا يبدو أنها تشمل الجميع أو تمثل أحداً
سوى أنفسهم."
ويضيف:
"فيما لو عادت الأمور إلى نمط لا يصدق من نظام الحكم القمعي فإن أي ارتباط به
قد يكون سيئاً. هذه واحدة من المخاطر، ولن نعرف يقيناً مآل ذلك إلا بعد عام أو
عامين من الآن."
NYT: قطر في مركز الضوء العالمي.. نجاحات دبلوماسية ورياضية
الغارديان: إخفاق لبريطانيا بأفغانستان وكارثة عسكرية وسياسية
فاينانشال تايمز: داعمو القاعدة يعودون للسلطة بعد 20 عاما