بادر الرئيس الأمريكي جو بايدن بالاتصال بنظيره الصيني شي جينبينغ الجمعة الفائتة الموافق للعاشر من أيلول (سبتمبر) الحالي.
المكالمة التي امتدت 90 دقيقة في عمر الزمن لم تفضِ إلى توافق الزعيمين على لقاء قريب يجمعهما أسوة باللقاء الذي جمع بوتين ببايدن في جنيف حزيران (يونيو) الماضي؛ فالرئيس الصيني بحسب التسريبات لم يبدِ حماسة للقاء نظيره الأمريكي بايدن؛ خصوصا أن السياق العام للاتصال يرتبط بالانسحاب الأمريكي من أفغانستان ومحاولة احتواء آثاره السلبية على الولايات المتحدة الأمريكية.
الكثير من المياه جرت منذ الاتصال الأول الذي جمع بايدن بالرئيس الصيني شي قبل سبعة أشهر وامتد لساعتين حينها؛ فاحتجاجات هونغ كونغ فقدت زخمها في حين فقدت أمريكا حماستها لقضية الأيغور المسلمين في إقليم تركستان الغربية (شينجيانغ)؛ كما تراجع ملف الأمن السبراني والاتهامات المتبادلة بين البلدين بهذا الخصوص وغاب ملف كورونا مؤقتا عن المشهد؛ ليطفو إلى السطح مشهد فوضى الانسحاب الأمريكي من أفغانستان بتداعياته الجيوسياسية السلبية على الولايات المتحدة الأمريكية وعلى حلفائها وشركائها في الناتو والباسفيك (اليابان وكوريا الجنوبية وأستراليا) والمحيط الهندي.
الرئيس الصيني "شي" غير معني بتهدئة المخاوف الأمريكية التي تبعت الانسحاب من أفغانستان أو التخلي عن الفرص التي يوفرها الانسحاب في الآن ذاته؛ فالصين لا زالت تعاني من آثار السياسية الأمريكية التي تستهدفها في ملف التجارة وأمن الباسفيك وجنوب شرق آسيا والمحيط الهندي؛ ما يجعل من جدول أعمال بايدن وأجندته أقل إثارة لاهتمام الصين.
فالصين لم تتجاوز الآثار السلبية لأجندة لقاء مدينة أنكوريج في ألاسكا آذار (مارس) من العام الحالي 2021 بين وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن وأرفع مسؤول دبلوماسي في الحزب الشيوعي يانغ جيشي؛ لقاء سمم الأجواء ولم يسهم في توفير بيئة إيجابية لتواصل الحوار الذي انقطع على مستوى الوفود الدبلوماسية والرؤساء لأشهر طويلة بين الاقتصادين الأكبر في العالم.
الرئيس الصيني "شي" غير معني بتهدئة المخاوف الأمريكية التي تبعت الانسحاب من أفغانستان أو التخلي عن الفرص التي يوفرها الانسحاب في الآن ذاته؛ فالصين لا زالت تعاني من آثار السياسية الأمريكية التي تستهدفها في ملف التجارة وأمن الباسفيك وجنوب شرق آسيا والمحيط الهندي؛
الانسحاب الأمريكي من أفغانستان أعاد صياغة الأجندة الصينية والأمريكية؛ بإضافته مساحة جديدة للحراك الجيوسياسي والاقتصادي للصين وتعزيزه في وقت كانت أمريكا تأمل أن يتحول إلى عبء جيوسياسي واقتصادي على بكين يعزز أجندة أنكوريج الباسفيكة وممرات الدائرة القطبية؛ مفارقة يصعب على الصين تجاهلها أو إغفالها في بناء استراتجيتها للتعامل مع الملف الأفغاني والفشل الأمريكي المرافق له.
تحولات مهمة طرأت على العلاقة الأمريكية الصينية لا يمكن مناقشتها في إطار التعاون لاحتواء آثار الانسحاب الأمريكي من أفغانستان بل في إطار المساحة الجديدة التي أضافت للصين أفقا جيواقتصاديا وسياسيا جديدا؛ فالأمر لا يتعلق بالتعاون بل بضرورة البحث عن سبل لتقاسم النفوذ والاعتراف بنظام تعددي يراعي التحولات الحاصلة بعد الانسحاب الأمريكي من أفغانستان.
فالرئيس الصيني عاد وأكد في مكالمته مع بايدن على ضرورة إرساء منظومة دولية جديدة تعترف بمكانة الصين كقوة عالمية بقوله لبايدن إن "مستقبل العالم ومصيره يعتمدان على قدرة الصين والولايات المتحدة على إدارة علاقاتهما بشكل صحيح. هذا هو سؤال القرن الذي يتعين على البلدين الإجابة عنه" جدول الأعمال الذي يرغب شي بمناقشته مع بايدن في المستقبل.
ختاما .. الصين لم تعد معنية بمناقشة الملفات والسقوف التي تم طرحها في أنكوريج قبل أشهر دون مراعاة للتحولات الجيوسياسية التي تبعت الانسحاب الأمريكي من أفغانستان؛ ما يعني ضرورة إعادة جدولة برنامج أعمال البلدين ليتناسب مع التطورات الجديدة التي دفعت بايدن للمبادرة بالاتصال بنظيره الصيني؛ مسألة غابت عن الاتصال فغاب عنها فرصة الاتفاق على قمة بين بايدن والرئيس الصيني شي؛ ما يعني أن الصين ماضية في تعزيز مكانتها الدولية دون النظر في المحاذير والمخاوف الأمريكية.
hazem ayyad
@hma36
عندما تنصف الوثائق الأوروبية جماعة "الإخوان المسلمون"
في الاستدارة الأردنية نحو دمشق
أسئلة الهند الحائرة ما بعد الانسحاب الأمريكي من أفغانستان