بعد سنوات من ملاحقة رجل الأعمال صفوان ثابت، مؤسس "جهينة" للألبان والعصائر ونجله سيف، تثار مخاوف من نية النظام في مصر الاستيلاء على الشركة.
وأعلنت وزارة الداخلية المصرية، في بيان، الخميس، أن قطاع الأمن الوطني تمكن مما أسماه "إجهاض مخطط يستهدف إعادة إحياء نشاط تنظيم جماعة الإخوان المسلمين من خلال العمل على إيجاد مصادر تمويل أنشطتها، بالقبض على يحيى مهران عثمان كمال الدين".
ووصفه البيان بأنه "إحدى الأذرع الرئيسة لصفوت ثابت" الذي وصفته بـ"القيادي الإخواني"، وبأنه "كلف الأول باستغلال شركاته في عمليات نقل وإخفاء أموال الجماعة، واستثمار عوائدها لصالح أنشطتها، في محاولة للتحايل والالتفاف على إجراءات التحفظ القانونية المتخذة ضد الكيانات الاقتصادية المملوكة للتنظيم".
وقبل يومين، أدانت منظمة العفو الدولية استمرار اعتقال السلطات المصرية ثابت ونجله سيف؛ بسبب مقاومتهما طلبات جهاز أمني ضدهما.
اقرأ أيضا: أمنستي: مصر تعتقل رجلي أعمال قاوما طلبات أمنية تعسفية
وقالت في التقرير الذي نشرته على موقعها الإلكتروني، إن "مصر تسيء استخدام قوانين مكافحة الإرهاب، من أجل احتجاز رجل أعمال بارز وابنه بشكل تعسفي، في ظروف ترقى إلى التعذيب، وذلك انتقاماً منهما، لرفضهما تسليم أصول شركتهما".
وطبقا للتقرير الصادر، ذكر مصدر على علمٍ بأعمال شركة "جُهينه" أن مسؤولاً مصرياً كبيراً كان قد طلب من صفوان ثابت، قبل وقت قصير من القبض عليه، التنازل عن جزء من شركته لصالح كيان مملوك للحكومة.
الجيش وصناعة الألبان والعصائر
وتعد شركة جهينة للمواد الغذائية، التي تأسست عام 1983، أكبر شركة مصرية في إنتاج الحليب والزبادي والعصائر، وتصدر إنتاجها إلى أسواق كثيرة في الشرق الأوسط وأمريكا والدول الأوروبية، وحصلت على شهادات جودة محلية وعالمية.
وربط مراقبون بين ما وصفوه بخطة ممنهجة من أجل تدمير أو ابتزاز وتفتيت الشركة وبين مساعي السيسي الحثيثة منذ العام الماضي، لإنشاء منظومة متكاملة لمراكز تجميع الألبان على مستوى البلاد تحت إدارة وإشراف القوات الجيش المصري.
اقرأ أيضا: ماذا وراء محاولة نظام السيسي "القضاء" على شركة ألبان؟
من جهته، قال رئيس المكتب السياسي بالمجلس الثوري المصري، عمرو عادل: "لا يمكن للديكتاتوريات ولا النظم الاستبدادية الاستمرار دون صناعة عدو واضح يمكن تحميله كل فشلها وتجاوزاتها، وأصبحت الجماعات الإسلامية، وعلى رأسها جماعة الإخوان المسلمين، هي شماعة النظام".
وأضاف لـ"عربي21" أنه "في غياب العدالة يصبح هذا الأمر أسهل على النظام الاستبدادي"، مشيرا إلى أن "تغاضي المجتمع الدولي عن الانتهاكات الصارخة يؤدي إلى المزيد من الكوارث، لم تكن جهينة الأولى ولن تكون الأخيرة".
رسالة هروب من مصر
ووصف عضو لجنة الشؤون الدستورية والتشريعية بالبرلمان سابقا، ممدوح إسماعيل، البيان بأنه "جريمة تلفيق واضحة المعالم من الكيدية والتدبير الواضح، فمن المعلوم مسبقا أن صفوان ثابت ليس لديه أي علاقة بتنظيم جماعة الإخوان، ولكن الهدف هو رغبة العسكر في الاستيلاء على شركته تحت بند الكيانات الإرهابية، والقضاء جاهز للقرارات".
وأكد لـ"عربي21" أن "احتفاظ أي شركة بأموال سائلة في أي مكان لا يعد تهمة، ولكن من الأساسيات في القانون إثبات علاقة المال بالدليل القطعي بجريمة قانونية، وهو ما لم يستطع بيان التلفيق للداخلية أن يكتبه، لأنه لا يوجد، وصعب أن يوجد حتى بالتلفيق، لذلك لجأ الملفق إلى اصطناع دليل آخر هو وجود ذخائر حتى يصطنع دليلا شكليا إرهابيا".
وأشار إلى أن "حيازة ذخائر (دون كلمة أسلحة) وعملات أجنبية جريمة شخصية للحائز فقط، ولا يستلزم مطلقا علاقتها بصفوان ثابت صاحب شركة جهينة، وحتى لو أقاموا ألف دليل على ملكية صفوان ثابت لهما، فلا يستلزم ذلك أنه على علاقة بجماعة الإخوان، إنما تبقى جريمة شخصية".
وختم بالقول: "هذه رسالة خطيرة للمستثمرين.. سارعوا بالهرب من مصر".
إفساح الطريق للجيش
واعتبر الخبير الاقتصادي علاء السيد، أن بيان الداخلية "مضحك، وهناك شكوك حول المبلغ وحول الذخائر، وما تم ذكره لا يتماشى مع حجم أعمال جهينة الضخمة، وما علاقة الذخائر بالقضية وأصحاب القضية في الحبس إلا إذا كان البيان كله تلفيق".
مضيفا لـ"عربي21": "أن الهدف هو الاستيلاء على شركة وأموال جهينة التي تستحوذ على نصيب الأسد في مبيعات سوق الألبان والعصائر، ولا يمكن نجاح مشروع السيسي للألبان في ظل وجود شركة جهينة؛ لذلك يجب تخريب الشركة وإسقاطها، أولا لإفساح المجال للجيش، وبالتالي بات على المستثمرين الشرفاء ترك البلاد والحفاظ على استثماراتهم، فأموال أي مستثمر مستهدفة من هذا النظام".
وفي تعقيبه، قال عضو لجنة الصناعة والقوى العاملة بمجلس الشورى المصري سابقا، طارق مرسي: "قضية صفوان ثابت وكل قضايا رجال الأعمال تمثل الصورة الأخرى للدولة المصرية بعد الانقلاب".
وأضاف لـ"عربي21" أن "القضية هي صورة فجة من طبيعة شخصية السيسي التي صبغت النظام المصري الحالي، وهيمنت على الدولة وقننت سلوكها في الابتزاز وابتلاع الأعمال ورواد الأعمال".
واعتبر مرسي أن "القضية هي في ظاهرها ذبح الرجل لعدم قبوله بالتنازل عن ممتلكاته للسيسي وجلاوذته، وهي جريمة في واقع مصر الحالي الذي فرضه السيسي على الجميع بأنه الدولة، وأنه المالك لكل شيء، ورجال الأعمال هم جزء من هذه الفلسفة".
أكبر مجمع سجون بمصر على النمط الأمريكي.. هكذا علق مغردون
بينيت يلتقى السيسي.. هل يقدم ما لم يقدمه نتنياهو؟
ماذا ينتظر مصر من مخاطر على الهوية بعد كلام السيسي؟