سياسة تركية

عودة التوترات البحرية بين تركيا واليونان.. ما دور فرنسا؟

خلوصي أكار استنكر ما وصفه بالخطابات والأفعال العدوانية الصادرة عن اليونان تجاه بلاده- الدفاع التركية

صعدت اليونان في الآونة الأخيرة، من "أعمالها الاستفزازية" ضد تركيا في بحر إيجة وشرق المتوسط، بحسب ما ذكرته وسائل إعلام تركية أشارت إلى الاتفاق العسكري الأخير بين أثينا وباريس.

 

وقبل أيام قامت سفينة الأبحاث وتدعى "Na utical Geo" اليونانية بمحاولة انتهاك الجرف القاري لتركيا في شرقي كريت وجنوب غربي قبرص، بحسب صحيفة "يني شفق".

 

واستنكر وزير الدفاع التركي خلوصي أكار، الجمعة، ما وصفه بالخطابات والأفعال العدوانية الصادرة عن اليونان تجاه بلاده، مشددا على أنها محاولات بلا جدوى لتحقيق التفوق على تركيا.

وقال أكار إن "بعض السياسيين في اليونان يصعّدون التوتر بأفعالهم العدوانية وخطاباتهم (تجاه تركيا)؛ بدلا من إيجاد حل منطقي وعقلاني للمشاكل، بهدف تعطيل العلاقات الثنائية".

 

تدريبات قبالة إزمير.. وصورة استفزازية من نائب وزير دفاع اليونان

  

وبحسب تقرير لصحيفة "يني شفق" للكاتب محمد أجات، ترجمته "عربي21"، فقد أجريت تدريبات عسكرية في "جزيرة كويون" في بحر إيجة قبالة سواحل إزمير التركية، بمشاركة نائب وزير الدفاع اليوناني.

 

ولفتت إلى أن نيكوس هاردالياس نائب وزير الدفاع اليوناني الذي أشرف على المناورات، وقف مع جنوده والتقط صورة تظهر فيها ولاية إزمير خلفه، وقام بمشاركتها على حسابه في مواقع التواصل الاجتماعي وكتب: "كل جزيرة، وحتى كل جزيرة صغيرة، كل جزيرة صخرية، هي أرض يونانية وتابعة لليونان، نحن في كل مكان".

 

اقرأ أيضا: رئيس وزراء اليونان: لا نرغب في دخول سباق تسلح مع تركيا
 

فرنسا تقف خلف الأعمال الاستفزازية الأخيرة.. لماذا؟

 

وشددت الصحيفة، على أن فرنسا تقف خلف الاستفزازات الأخيرة من اليونان تجاه تركيا، حيث أبرمت اتفاقية مؤخرا بين أثينا وباريس.

 

وأكدت أن تركيا هي الهدف من اتفاقية الشراكة الاستراتيجية للتعاون في مجالات الدفاع والأمن، والتي تم التصويت عليها وتصديقها من قبل البرلمان اليوناني، وتنص على وقوف باريس إلى جانب أثينا في حالة وقوع هجوم على اليونان رغم نفي المعارضة اليونانية بشأن تفسيرات النص..

 

وأوضح أليكس تسيبراس وهو رئيس الوزراء السابق، ويمثل حاليا حزب المعارضة الرئيسي أن هذا الاتفاق لا يفرض التزاما بمساعدة فرنسا لليونان خلال أي توتر محتمل قد يحدث في الولايات القضائية البحرية مع تركيا.

 

وتتلقى فرنسا 7 مليارات يورو مقابل الطائرات المقاتلة "رافال" وفرقاطات من بلد يعاني من عبء ديون مرتفع، مثل اليونان، التي وصلت ديونها إلى 210 بالمئة من ناتجها المحلي الإجمالي، مع عدم وجود ضمانات لمشاركة صناعة الدفاع اليونانية.

 

ورأت الصحيفة، أن فرنسا تستغل "الرهاب اليوناني" من تركيا، وتجبر بلدا لا يستطيع التخلص من دوامة الديون الاقتصادية على شراء أسلحة جديدة بمليارات اليورو.

 

وأشارت إلى أن فرنسا تسعى لقيادة أوروبا من خلال استخدام القوة العسكرية، ولفتت إلى إلغاء أستراليا لاتفاقية الغواصة مع باريس التي تبلغ قيمتها 90 مليار دولار لصالح الولايات المتحدة، ما دفع فرنسا للتحول باتجاه اليونان وعقد اتفاقية فرقاطات مع اليونان.

 

واعتبر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أن خطوة الاتفاقية مع اليونان "خطوة أولى جريئة نحو استقلالية استراتيجية أوروبية".

 

ورأت الصحيفة، أن ما يجري يأتي ضمن الصراع على تولي القيادة المستقبلية لأوروبا، فبينما تريد ألمانيا الحفاظ على قيادة الاتحاد الأوروبي كعملاق اقتصادي، تدفع فرنسا الناتو للخروج من المعادلة الأوروبية من خلال هيمنتها العسكرية وفكرتها تأسيس "جيش أوروبا".

 

وأشارت إلى أن معضلة فرنسا أنها لم تجد أي دعم لأطروحتها من داخل أوروبا باستثناء اليونان، حيث لا يزال ينظر إلى وجود الناتو من العديد من الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي على أنه الإطار الأمني الأكثر ضمانا، وعند الحديث عن حلف شمال الأطلسي فهذا يعني الولايات المتحدة التي تعد المنافس الرئيس لفرنسا وليس ألمانيا.

 

ولفتت الصحيفة إلى البعد الاقتصادي أيضا للاتفاقية بين باريس وأثينا، موضحة أن جماعات الضغط التي تدير صناعة الأسلحة الفرنسية، تقوم بمهاجمة ماكرون والضغط عليه لبيع المزيد من الأسلحة وإنشاء المزيد من الأسواق العسكرية.

 

اقرأ أيضا: اليونان تتهم قوارب الصيد التركية باختراق مياهها الإقليمية
 

وأوضحت أن حصول فرنسا على مهمة زعامة من شأنها أن تهيمن على قوة دفاع أوروبا يعني تدفق أموال تفوق الأموال القادمة من اليونان 20 أو 30 ضعفا.

 

ورأت الصحيفة أن المطلوب دعوة المستثمرين الفرنسيين في تركيا للتحذير من تهور إدارة ماكرون، تجاه مواقفه ضد أنقرة.

 

محادثات استكشافية في أنقرة دون تفاصيل

 

والأربعاء، أعلنت تركيا انعقاد الجولة الـ63 من المحادثات الاستشارية مع اليونان، لبحث الوضع في بحر إيجة وشرق المتوسط.


وقالت وزارة الخارجية، في تغريدة عبر حسابها على تويتر: "عقدت اليوم الجولة الـ63 من المحادثات الاستشارية بين تركيا واليونان في أنقرة"، دون توضيح ما آلت إليه المباحثات.

 

الكاتب التركي سركان دميرتاش، أشار في تقرير على موقع "حرييت ديلي نيوز"، إلى أنه لا يوجد أمل في تحقيق أي اختراق في المشاورات التي عقدت.

 

الميدان يشير إلى تصعيد جديد

 

ولفت إلى أن الأوضاع الميدانية إلى تصعيد جديد، حيث بدأت اليونان وقبرص اليونانية بتحركات استفزازية في الأسابيع الماضية، من خلال إعلان الإنذار البحري "نافتكس"، في شرق المتوسط، وكان آخر الاستفزازات ما حصل من سفينة الأبحاث "Na utical Geo".

 

وأشار إلى أن المشكلة الأكبر هي أن لكل من تركيا واليونان أساطيلها البحرية في المنطقة ويمكن لدول مثل فرنسا بسهولة نشر بعض سفنها الحربية في شرق المتوسط لدعم اليونان كما فعلت العام الماضي، كما أن فكرة عقد مؤتمر إقليمي بمشاركة جميع الدول الساحلية والقوى الغربية في شرق البحر الأبيض المتوسط لا يمكن أن تتحقق أبدا بسبب رفض قبرص اليونانية وجود القبارصة الأتراك.

 

ولفت إلى أنه بالإضافة إلى المشكلة المستمرة، فإن استئناف قبرص اليونانية المخطط لأنشطة الحفر في البحر المتوسط يمكن أن يزيد من تدهور الوضع، وقد أعلنت تركيا وقبرص التركية بالفعل أنهما ستردان على كل عمل من هذا القبيل من جانب قبرص اليونانية لا يحترم حقوق القبارصة الأتراك.

 

واستنكر الكاتب، الموقف الأمريكي وموقف الاتحاد الأوروبي، اللذين يعربان عن مخاوفهما بشأن التوتر المحتمل في المنطقة بالتصريحات فقط بعيدا عن الأفعال.

 

وأضاف أن اليونان وقبرص اليونانية تريدان الاستفادة من الفراغ السياسي في الاتحاد الأوروبي برحيل المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل من المسرح السياسي الأوروبي، كما أن الدعم السياسي غير المشروط الذي يتلقونه من الرئيس الفرنسي ماكرون، الذي سيحاول استخدام تركيا في حملته الانتخابية، يشجع اليونان وقبرص اليونانية.

 

وشدد على أن أي تصعيدا تركيا يونانيا لن يؤدي إلا إلى إضعاف الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي "الناتو".