يواصل
الإسرائيليون في الأسابيع الأخيرة
استخلاص الدروس من
صفقة تبادل الأسرى السابقة في 2011، التي تم إنجازها في مثل هذه
الأيام من عام 2011 مع حركة
حماس، التي أجبرت الاحتلال على الرضوخ لشروطها القاسية، وسط
تقديرات بإنجاز صفقة جديدة مع الحركة، لإطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين لديها.
في الوقت ذاته، يعتقد ذات الإسرائيليين أن صفقة
غلعاد
شاليط ما زالت تشكل في الوعي الجمعي الإسرائيلي بعد مرور عقد كامل على
إبرامها "صدمة"، مما قد يضع صعوبات أمام إطلاق سراح المزيد من الأسرى
الفلسطينيين الكبار في الصفقة الجديدة، أو نفيهم إلى الخارج، كما حصل في الصفقة
السابقة.
نداف شرغاي الكاتب في صحيفة إسرائيل اليوم، ذكر
أن "الجهود جارية لتضييق الفجوات مع حماس، وقطع الجانبان شوطًا طويلاً في
محاولة لدفع إنجاز الصفقة، حيث وافقت إسرائيل على إطلاق سراح مئات الأسرى، بمن
فيهم من "حاولوا" تنفيذ هجمات مسلحة، لكنها ترفض حتى اللحظة طلب حماس
بالإفراج عن الأسرى المدانين بقتل إسرائيليين، وفي ضوء الدروس الماضية، لن يتم
ترحيل المفرج عنهم إلى الخارج هذه المرة، بل سيتم نقلهم لمنازلهم في الضفة
الغربية".
وأضاف في مقال ترجمته "عربي21" أن
"إبقاء الأسرى المفرج عنهم تحت سمع وبصر الأجهزة الأمنية الإسرائيلية سيكون
أفضل من تجربة الماضي، حين عاد معظمهم للنشاط المسلح، ونفذوا أعمالا عسكرية، مع
العلم أن حماس ما زالت غير مدركة أن شيئًا أساسيًا وعميقًا تغير في المجتمع
الإسرائيلي، لأن صفقة شاليط شكلت صدمة لعامة الإسرائيليين؛ الذين لم يعودوا
مستعدين لإطلاق سراح الأسرى "الملطخة أيديهم بالدماء".
هذا الحديث الإسرائيلي يعتمد على تسريبات
حكومية وأمنية مفادها أنها تسعى للتوصل إلى صفقة بأعداد عادية من الأسرى، وليسوا
من المتورطين بعمليات قتلت إسرائيليين، بناء على تحديث آخر تفاصيل المفاوضات من
رئيس الوزراء نفتالي بينيت ووزيري الحرب بيني غانتس، والخارجية يائير لابيد، حيث
تجري محاولات لإبرام صفقة شاملة مع حماس تتضمن إعادة إطلاق الأسرى مع إعادة إعمار
غزة، لكن الحركة ما زالت حتى اللحظة ترفض هذا الربط القسري.
التسريبات الإسرائيلية تتركز حول جملة من
الأسماء الخاصة بكبار الأسرى الفلسطينيين الذين تدور حولهم المفاوضات مع حماس، ومن
أهمهم: أحمد سعدات أمين عام الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، مروان البرغوثي القيادي
الفتحاوي، وقادة حماس العسكريين جمال أبو الهيجاء، محمد عمران، بلال عثمان، عباس
السيد، كريم وماهر يونس، وعدد من أسرى فلسطينيي48.
الجنرال عاموس غلعاد الرئيس السابق للدائرة
السياسية والأمنية بوزارة الحرب زعم أنه "لا توجد معلومات محددة حول عودة
جميع الأسرى الفلسطينيين المفرج عنهم إلى طريق العمل المسلح، هناك من عادوا، وهناك
من لم يعودوا، وهذا يتطلب استثمار الكثير من المعلومات الاستخباراتية، من أجل
الحصول على صورة أكثر اكتمالاً عن أوضاع الأسرى لدى حماس، لأن الصفقة السابقة
أظهرت خضوع إسرائيل بكاملها لمنظمة مسلحة معادية".
وأشار إلى أن "صفقة شاليط زودت حماس
بقيادتها الحالية، وهي أصعب بكثير من سابقتها، مما يعني أننا دفعنا ثمنا باهظًا،
فضلا عن ذلك فإن إطلاق سراح الأسرى الفلسطينيين مقابل جنود إسرائيليين له تأثير
سلبي على واقع الأمن الإسرائيلي، لأنه عندما تطلق سراحهم، فإنك تشجع العدو التالي على تنفيذ مزيد من الهجمات المسلحة كما رأينا في صفقة شاليط، ولذلك ينبغي أن يكون
التفاوض مع حماس في حده الأقصى قائما على استبدال جثث مقابل جثث فقط".
أما موتي كريستال مستشار وزير الحرب السابق
ورئيس الوزراء، وخبير التفاوض وإدارة الأزمات، فزعم أن "فرص التوصل إلى صفقة
الآن مع حماس تظهر منخفضة، وفي الوقت الحالي لا يبدو أن هناك مجالاً لاتفاق بين
إسرائيل وحماس، فالفجوات ما زالت كبيرة، ولا يوجد رأي عام في إسرائيل يقترب مما
كان عليه في أيام شاليط، كما أن إسرائيل ستكون مخطئة عندما لا تتبنى علانية توصيات
لجنة شمغار، وتحافظ على سريتها".
وينطلق الإسرائيليون المعارضون لإبرام صفقة
جديدة مع حماس من فرضية مفادها أن إعادة المئات من الأسرى الفلسطينيين الكبار
مقابل "جثث" الجنود المحتجزة لدى حماس، يمثل ضررًا استراتيجيًا
وتكتيكيًا لإسرائيل؛ لكنهم في ذات الوقت يعتقدون أنه ليس لديهم خيار سوى التكيف مع
الواقع، بما فيه الاستجابة لشروط حماس، رغم أن إسرائيل أصرت على عدم الحديث عن ذكر
أسماء بعض أولئك الأسرى حتى في صفقة شاليط، رغم التزام حماس تجاه هؤلاء الأسرى
ثقيلي العيار.