لا تقتصر أجواء العنصرية والكراهية بين الإسرائيليين على السجال السياسي، سواء بين اليهود والفلسطينيين العرب، أو بين اليهود أنفسهم، لكن هذه الأجواء السامة تنتقل إلى مجالات الفن والثقافة وآخرها الرياضة، وما تشهده الملاعب الكروية من تبادل اتهامات وإطلاق شتائم تعكس صراعاتهم الداخلية، ليس بالضرورة انطلاقا من الخلافات السياسية فقط، وإنما بسبب الانتماءات القطاعية والقومية.
وقد شهدت الأيام الأخيرة مباراة لكرة القدم بين أكبر فريقين كرويين في دولة الاحتلال، وهما بيتار القدس وهبوعيل تل أبيب، تخللها إطلاق أوصاف وشتائم غير مسبوقة، عبرت عن جزء لا يتجزأ من نسيج حياة الإسرائيليين، أو كما وصفها أحدهم تعبيرا عن قبائل المجتمع الإسرائيلي.
موتي شيكلار الإعلامي الإسرائيلي، والرئيس التنفيذي السابق لهيئة الإذاعة الإسرائيلية كتب في صحيفة يديعوت أحرونوت، مقالا ترجمته "عربي21"، أن "خطورة العنصرية المتفشية بين الإسرائيليين دفعت إلى وصف انتقال لاعب من فريق رياضي لآخر بأنه "خيانة" للهوية والفكرة، مما يشير إلى تغير خطير في هوية المجتمع الإسرائيلي".
وأضاف أن "هذه الظاهرة العنصرية باتت تخلق فراغا دخلت فيه جميع أمراض المجتمع الإسرائيلي، وتم التعبير عن بعضها بالعنف خلال تشجيع مباريات كرة القدم في الآونة الأخيرة، فضلا عن انتشار مظاهر العداء والكراهية بين مشجعي الفرق المتنافسة، التي تعكس الصراع الداخلي في المجتمع الإسرائيلي".
مع العلم أن تزايد هذه الخلافات لم تعد قائمة بسبب الانقسامات في الرأي فقط، ولكن بسبب الانتماء القبلي والقطاعي والوطني، وبناء على ذلك يرتئي كثير من الإسرائيليين نفي الآخر من بينهم، ومن ثم الشيطنة والكراهية المتبادلة التي تؤدي إلى عنف قصير المدى.
أكثر من ذلك، فإن مظاهر العنصرية الإسرائيلية تطورت بشكل خطير مع مرور الوقت، لتتمثل في أشكال العنف الجسدي واللفظي بين أعضاء الكنيست، لاسيما ما حصل مؤخرا بين المتطرف اليميني إيتمار بن غفير وعضو الكنيست العربي أحمد الطيبي، مما يشير إلى أن الإسرائيليين فعلا يقفون أمام منحدر قد ينزلق بهم قريبا.
تدرك الأوساط السياسية والأمنية الإسرائيلية أنه لا يمكن تجاهل انتشار مظاهر الكراهية، خاصة أنها باتت تصل إلى وسائل التواصل الاجتماعي، رغم جهود الحكومة في رأب الصدع بين مختلف الإسرائيليين، وباتت تشكل خيبة أمل كبيرة بين أوساط الإسرائيليين، من حيث انعدام الحساسية التي تعبر عن مشاهد الخزي الذي يرونه في ملاعب كرة القدم، خاصة أن نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية يائير لابيد، بات موضع اتهام من الإسرائيليين بأنه يوسع الشقوق الموجودة بينهم.
ليس لابيد وحده، بل إن عضو الكنيست دودي أمسالم بات يتحدث عن الانتقام، ويهدد بـ "دهس" خصومه السياسيين في الوقت المناسب، وبات هذا الاتجاه مقلقا، ليس فقط بسبب الخوف من العنف الذي سيشتد بين الإسرائيليين، والنتيجة أن الاغتراب سيزداد مع مرور الوقت، مما سيخلق واقعا عنيفا في أجزاء متسعة من المجتمع الإسرائيلي، وتتشكل بينهم مجموعات أيديولوجية تسعى إلى زيادة الشقة والفجوات.
مع العلم أن العنصرية الإسرائيلية المتسعة يوما بعد يوم، تأخذ أشكالا من التحريض على الكراهية بين الإسرائيليين أنفسهم، واندلاع العنف ضد العرب، خاصة وسط غياب القيادة السياسية الحكيمة الإسرائيلية التي تشجع مثل هذه الكراهية والعنف والتحريض، وليس كبح جماحها.
"ميتافيم": 53% من الإسرائيليين متشائمون من إدارة بايدن
قلق إسرائيلي من تنامي تيار مناهض للاحتلال داخل الكونغرس
رئيس المؤتمر اليهودي العالمي يتحدث عن "حرب الإعلام"