بعد نحو شهرين على انطلاقها، أكد رئيس "لجنة المصالحة" التابعة للنظام حسين الرفاعي، انتهاء عمليات التسوية في درعا، جنوب سوريا، مشيرا إلى أن تسليم السلاح انتهى في المحافظة الجنوبية.
وأضاف الرفاعي لوسائل الإعلام، أنه تم افتتاح قسم في مركز شرطة درعا للتحقيق في قضايا المسلحين الذين رفضوا المصالحة، أو من تبقى من الراغبين بإجرائها.
بدورها، أكدت وكالة أنباء النظام "سانا" إتمام عمليات التسوية في كامل محافظة درعا، وأن آخر الخطوات تمت بتمشيط منطقة الحراك ومحيطها بريف درعا الشمالي الشرقي، بالتوازي مع تسوية أوضاع عشرات المطلوبين من أبناء مدينة إزرع وبلدة الشيخ مسكين.
وأثار إعلان النظام انتهاء التسويات، العديد من التساؤلات حول المرحلة التي تعقب انتهاء التسويات، وما إن كان النظام قد استطاع فرض سيطرته بالكامل على درعا، بعد أن فرض جملة من الشروط الجديدة عليها، بعد انقلابه بدعم روسي على اتفاق التسوية الأول الذي عُقد مع فصائل درعا في صيف العام 2018.
التحديات ما زالت قائمة
ولا يعني الانتهاء من التسويات أن النظام استطاع فرض سيطرته بالكامل على درعا، وفق الأمين العام لـ"المجلس السوري للتغيير" المحامي حسان الأسود، من درعا.
ويرجع الأسود قراءته خلال حديثه لـ"عربي21"، لأسباب عديدة، أولها أنه ليس لدى النظام القوة العسكرية الكافية لضبط جميع مناطق درعا، وإعادة الوضع إلى ما كان عليه قبل اندلاع الثورة السورية في العام 2011.
وأضاف المحامي، أنه ليس لدى النظام ما يكفي من موارد مالية لتقديم الخدمات الرئيسة التي يحتاجها أهالي درعا، مشيرا إلى الإقبال المتزايد من الأهالي على الهجرة.
اقرأ أيضا: قوات النظام السوري تدخل أحياء درعا برفقة الشرطة الروسية
ومن الأسباب الأخرى التي تجعل الاستقرار بعيداً عن درعا، وفق الأسود، هو الفلتان الأمني الذي يسيطر على درعا، مختتما بالقول: "الوضع في درعا ذاهب نحو انحدار أمني واقتصادي، وبالتالي ما من استقرار للنظام في درعا".
استمرار السيطرة
أما الباحث في مركز "جسور للدراسات" عبد الوهاب عاصي، قال لـ"عربي21" إن النظام السوري لم يحقق ما كان يتطلع إليه في درعا، لأن عمليات التسوية التي تمت عمليا لا تساهم في إعادة احتكار السلاح، لأن ما تم تسليمه يقتصر على بعض القطع التي يتم شراؤها من الوجهاء بما يجعل العملية تقتصر على الجانب الشكلي ليس أكثر.
وأضاف أن النظام السوري قام بسحب عدد من الحواجز الرئيسة على أطراف بعض المدن والقرى والتي لم يسبق له أن اقترب منها منذ عام 2012، ما يعني أن "النظام السوري لم يستطع إجراء عمليات تفتيش كما كان يطالب أو حتى إقامة نقاط أمنية داخل المدن باستثناء إعادة تفعيل لبعض الأفرع العسكري بموجب شروط لا تضمن له الولاء".
ولا يعني كل ذلك وفق عاصي، أن النظام السوري خسر، إنما حتما لم يربح أو يستفد من الجهود العسكرية والأمنية التي قام بها للتوصل إلى عمليات التسوية.
وقال إنه لا يبدو أن عمليات إعادة التسوية ستضمن فرض حالة الاستقرار وإخضاع المحافظة، مختتما القول: "الاتفاق يضمن للنظام السوري استمرار السيطرة لا تقليص حجم الفوضى وبيئة عدم الاستقرار".
"تحصيل حاصل"
وقال الباحث والمحلل السياسي، خليل المقداد من درعا، لـ"عربي21"، إن التسويات الأخيرة لم تكن إلا تحصيل حاصل، لأن الفصائل السابقة سلمت السلاح منذ العام 2018، وما تبقى من السلاح هو بيد المجموعات المرتبطة بروسيا (اللواء الثامن).
وأضاف المقداد، أن التسويات التي يتحدث النظام عنها حدثت أكثر من مرة، ففي كل مرة يدخل النظام إلى درعا، ويحاول أن يعطي نفسه دفعاً معنوياً، لكن سرعان ما تعاود درعا سيرتها التي بدأتها في العام 2011، أي الخروج عن طاعة الأسد.
"إرضاء غرور إيران"
وبدا واضحا منذ انطلاق شرارة التصعيد الأخير في حي درعا البلد، والذي أعقبته التسويات، أن "الفرقة الرابعة" المدعومة من إيران هي التي قادت حملات التصعيد، بحسب المقداد الذي أضاف أن "التسويات الأخيرة أرضت غرور إيران لكونها كانت تمثل أداة التهديد".
واستدرك بالقول: "لكنها ليست راضية تماماً عن المصالحات، لأن روسيا في النهاية هي التي أملت شروط التسوية، وليست هي".
اقرأ أيضا: شبح التهجير يخيم على اللاجئين الفلسطينيين بمخيم درعا
وأضاف الباحث، أن الإعلان عن انتهاء التسويات وتخفيف تواجد النظام العسكري في درعا، سيعيد المساحة مجددا لظهور المقاومة، وتحديدا العمليات المباغتة التي تستهدف وجود النظام والمليشيات الإيرانية في المنطقة.
وبذلك، فإن من المبكر الحديث عن مكاسب للنظام ولإيران من التسويات الأخيرة "الشكلية"، على حد وصفه.
ماذا عن بصرى الشام؟
وحتى الآن، من غير الواضح ما إن كانت التسويات ستشمل مدينة بصرى الشام، معقل "اللواء الثامن" التابع لـ"الفيلق الخامس" المدعوم روسيّا.
وبحسب مصادر متقاطعة، فإن "التسوية" مؤجلة، وغالباً بأوامر روسية، حيث لا تريد موسكو أن ينقلب النظام على كل مخططاتها السابقة في درعا، وخصوصا أن لديها التزامات مع الجانبين الأردني والإسرائيلي، تنص على إبعاد المليشيات المدعومة إيرانيا عن حدودهما.
مصطلح "الإصلاح الدستوري" يثير مخاوف المعارضة السورية
باندورا: لبنان الأول عالميا بالتهرب الضريبي.. "الجميع متهمون"
هل تحذو أطراف عربية حذو الأردن في التطبيع مع الأسد؟