ظهر نائب رئيس المجلس الانتقالي محمد حمدان
دقلو "حميدتي"، للمرة الأولى منذ انقلاب الجيش على الحكومة الانتقالية،
في الـ 25 من تشرين أول/أكتوبر الماضي، وأعرب في كلمة مقتضبة عن تأكيد الالتزام بـ"عملية التحول" للوصول إلى الانتخابات المقررة العام المقبل.
وقال حميدتي في كلمة مصورة، بثتها
صفحة قوات الدعم السريع، عبر موقع فيسبوك: "لقد تابعتم القرارات الأخيرة
للسيد القائد العام للقوات المسلحة، لتصحيح مسار ثورة الشعب، ووحدة شعبنا بعد فشل
كل محالات الإصلاح، بسبب تمسك فئة قليلة بزمام الأمر وصراعها على السلطة، وإهمال
مطالب الشعب التي عبر عنها في ثورته".
وأضاف: "نؤكد لجماهير شعبان التزامنا
الصارم بالتحول الديمقراطي، وإقامة الانتخابات في الموعد المحدد عام 2023،
والالتزام التام بتحقيق أهداف الثورة المتمثلة بالحرية والسلام والعدالة، وتسهيل
سبل الحياة الكريمة للمواطن، والعمل على تحقيق الاستقرار والسلام ومراعاة وتشكيل
الحكومة المستقلة دون وصاية من أحد".
كما شدد حميدتي على "الاحترام الكامل لحق
الشبان والشابات في التظاهر السلمي، والديمقراطي، واستكمال مسيرة الانتقال،
والحفاظ على أمن البلاد ومكتسبات ثورة ديسمبر، وتقديم الخدمات للشعب".
وأكد أن "القوات النظامية، حريصة كل
الحرص، على سلامة وأمن المواطنين".
لماذا تأخر الظهور؟
وأثار ظهور حميدتي في ساعة مبكرة من فجر الاثنين، تساؤلات لدى العديد من المغردين السودانيين، بشأن تأخر خروجه على الإعلام رغم مضي مدة على الانقلاب، فضلا عن اختياره هذا التوقيت.
عبر المحلل السياسي والكاتب السوداني عثمان ميرغني، عن اعتقاده بأن "هناك تقاسم للأدوار بين المجموعة العسكرية التي تتولى الحكم الآن في السودان، حيث كان الفريق أول عبد الفتاح البرهان هو الشخص الوحيد الذي يظهر أمام الإعلام ويتحدث باسم المجموعة العسكرية بالكامل، وهو الذي يصدر القرارات باسمه بصفة القائد العام للقوات المسلحة السودانية".
وتابع ميرغني خلال حديثه لـ"عربي21": "لكن كثر الحديث والتكهنات في الفترة الأخيرة على المستوى الشعبي عن موقف الفريق أول محمد حمدان دقلو المشهور بـ"حميدتي"، وهل هو من الذين يدعمون الانقلاب العسكري أم لديه موقف أخر".
وأضاف: "لذلك يبدو أن حميدتي أختار هذا التوقيت في محاولة منه للرد على هذه الهواجس التي تنتشر على مستوى شعبي كبير، كذلك هي محاولة لتأكيد أنهم كمجموعة عسكرية متماسكون وأن القرارات التي صدرت باسم الفريق أول البرهان هي قرارات متفق عليها بين الجميع كما ذكر في خطابه".
من ناحيته عبر المحلل السياسي السوداني أمية يوسف أبو فداية، عن اعتقاده بأن "قلة ظهور حميدتي كان حتى يجد قبول من الجميع لحركته، ولكنه بنفس الوقت التقى بمعظم الأحزاب الكبيرة والصغيرة التي كانت مكونة للحكومة التي تم عزلها، كذلك قابل كثير ممن كانوا خارج قوى الحرية والتغيير، وشكل منظمات مجتمع مدني وغيرها، هو أيضا كان من الذين قابلوا حمدوك بعد الذي حدث".
وحول سبب اختفائه عن المشهد، أكد أبو فداية خلال حديثه لـ"عربي21"، على أن "حمديتي كان
موجود، وهو يظن أن هناك استقرار الآن للوضع الجديد الذي تم بعد 25 تشرين الأول/أكتوبر، ولكن هو كان في الخلف ويرتب اللقاءات مع القوى
المدنية والإدارة الأهلية وكل الذين يظهرون بالإعلام كداعمين للذي تم".
ولفت إلى أن "حميدتي ليس من الناس المتحدثين بشكل
جيد، لذلك هو يظن أنه من الأفضل خلال الأحداث الجارية ضبط
عباراته وعلاقاته وظهوره الإعلامي، أيضا من قاموا بالإجراءات ومنهم حميدتي اعتمدوا
جهة واحد متحدثة باسمهم والبقية يكونون سند لها".
وأشار إلى أن "حميدتي لم يكن غائب بشكل كامل،
فقواته هي التي كانت "تتعامل" مع المظاهرات وهي كانت تؤمن المنشآت
والمناطق العسكرية، بالتالي هو موجود، ولكن بالخلف، وهو كان وما زال الرجل الثاني
الأقوى بعد البرهان مباشرة في دعمه للتغيير الذي حصل، وقواته كانت داعمة بكل إمكانيتها
للإجراءات الذي اتخذها البرهان".
من جهته قال المحلل السياسي نزار عبد العزيز إن هناك "من يقرأ لحميدتي المشهد السياسي ثم
بعد ذلك يتصرف، وقد تكرر هذا الأمر قبل ذلك، ومثال على ذلك حين خرج بعد فض اعتصام
القيادة العامة، لكن أعتقد بأن المشهد السياسي العام للمجتمع الدولي، قد وضع خارطة
طريق الآن بما يعني إنهاء حالة الانقلاب".
وأضاف عبد العزيز
لـ"عربي21"، أن "ممثل الأمم المتحدة ووزير الخارجية الأمريكي
والاتحاد الأوروبي والترويكا والاتحاد الأفريقي، كلهم طالبوا بإطلاق سراح المعتقلين
على رأسهم رئيس الوزراء حمدوك، والحريات، وهذه هي نفسها مطالب الشارع".
وتابع: "هو يحاول
استمالة الشارع والمجتمع الدولي، خاصة بعد اجتماع مجلس حقوق الإنسان في جنيف وطرح
الجمهوريين والديمقراطيين في الكونغرس الأمريكي مشروع قرار يطالب بمعاقبة قادة
الجيش السوداني، لهذا بدأ بالتفكير، خاصة أن داعمي الانقلاب بدؤوا بالرجوع خطوة
إلى الوراء".
وشدد على أنه "اتضح
الآن أن الشارع والثوار هم المتحكمون، ومن يحدد الخطوة التالية، وهم سبقوا الجميع
بما فيهم السياسيون، وأي انحراف عن أهداف وطلبات الشارع الثوري سيصطدم بجدار ثوري،
ومن ثم، هو لم يغير موقفه من الانقلاب، ولكنه يحاول إرضاء الشارع بالوقت نفسه".
من ناحيته قال المحلل السياسي وعضو الجبهة الوطنية العريضة عباس حسن أحمد، "واضح جدا أن مستشاريه السياسيين طلبوا منه عدم الظهور طوال هذه الفترة، حتى يظهر بلغة مختلفة وخطاب مختلف، بمعنى بعد أن يتأكد أن الانقلاب نجح أو فشل يأتي بالخطاب المناسب، لكنه ظهر بخطاب مشابه لخطاب البرهان، بمعنى داعم لإجراءات الأخير".
وأوضح أحمد خلال حديثه لـ"عربي21"، بأن "العبارات التي يستخدمها البرهان واستخدمها حميدتي وهي (نحن مع المدنية ومع التحول الديمقراطي) كله كذب وتلفيق، هو خطاب سياسي يراد به شراء الذمم لتمرير انقلابهم وبعدها سيكشفون عن وجههم القبيح ويشكلون ديكتاتورية جديدة".
وأضاف: "العسكريون بصفة عامة ذاهبون في اجراءاتهم إلى أقصى مدى، وواضح جدا بأن لديهم دعم خفي من دول أخرى كإسرائيل مثلا، لذلك يسيرون في خطواتهم بخطى واثقة وثابتة، وهم يضعون علاقة القوات النظامية مع الشعب على المحك".
واعتبر أن خطاب حميدتي هو "رسالة للإسلاميين ليخبرهم أنه ما زال موجود".
وحول إذا ما كان خطاب حميدتي وكلامه أنه مع الشارع والشباب هو لاستمالتهم، قال أحمد: "لا فخطابه هو للاستهلاك السياسي ولإيهام الرأي العام العالمي بأنه مع الثورة ومع الشباب، ولكن في الواقع قواته تعتقل وتقتل الشباب، ولكن الشارع حسم أمره، وهو ضد البرهان وضد حميدتي وضد الانقلاب ويعمل على اسقاطهم جميعا ومحاسبتهم".
وقال مغردون سودانيون:
مبعوثون دوليون يلتقون حمدوك.. والبرهان يقيل 6 سفراء
البرهان: حمدوك في منزلي.. وهجوم على قوى سياسية (فيديو)
البرهان يحل "السيادة" والحكومة ويعلن حالة الطوارئ (شاهد)