أثار زعيم حزب الشعب الجمهوري كليتشدار أوغلو، الجدل بعد حديثه عن "المسامحة" في إشارة إلى أخطاء حزبه في الماضي.
تصريحات كليتشدار أوغلو تأتي ضمن إطار الحملة الانتخابية المبكرة التي بدأ فيها، ويستهدف بالأساس كسب أصوات المحافظين والقوميين في البلاد، لاسيما أولئك الذين خرجوا من عباءة حزب العدالة والتنمية.
"لن نسامح"
وفي مقطع فيديو نشره على صفحته في "تويتر"، أشار إلى أنه سيبدأ حملة "المسامحة"، قائلا: "صحيح أنها لا تغير أخطاء الماضي، لكنها ستنقذ المستقبل"، مضيفا: "ارتكب حزبنا أخطاء في الماضي، وقررت الخروج في طريق "المسامحة"".
وأكد كليتشدار أوغلو أن تركيا مقبلة على تغيير مهم، مشيرا إلى أن الحكومات في البلاد تتغير باستمرار، ولكن الواقع السيء لم يتغير أبدا، موضحا أن لديه في هذه المرحلة من حياته رؤية أهم من تسلم السلطة في البلاد وهو تغيير هذا القدر السيء، حسب وصفه.
وتابع أنه لا يتحدث عن الحكومة في ظل حزب العدالة والتنمية فقط، بل كافة الحكومات السابقة بما في ذلك تلك التي في عهد حزب الشعب الجمهوري الذي يقوده الآن.
ولفت إلى أنه سيلتقي كافة ممثلي وأعضاء المجتمعات المختلفة التي تسبب حزب الشعب الجمهوري بـ"جرحها" في الماضي.
وكان حزب الشعب الجمهوري، والذي تأسس على يد مصطفى كمال أتاتورك، اتهم بممارسة سياسة تبتعد عن ثقافة المجتمع التركي، لاسيما المحافظة، واستقطب فقط النخبوية العلمانية، كما أنه فشل بعد ذلك في معالجة الانتهاكات التي سببتها حقبة "الحزب الواحد".
اقرأ أيضا: خلافات تهدد "التقدم".. هل يصمد تحالف خصوم أردوغان؟
وقال كليتشدار أوغلو أمام البرلمان: "سنتسامح يا أصدقاء، ونضمد الجراح التي فتحها منفذو انقلاب 28 شباط/فبراير (1997)، وسنتصافح مع المحجبات اللاتي تم إدخالهن إلى غرف الإقناع (ليخلعوا حجابهن)، وسنتصافح مع مذبحة روبوسكي (2011 ضد الأكراد)، ومع ضحايا مجزرتي سيواس (1993) ومرعش (1978)".
وأطلق نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي، #HaramOlsun (لن نسامح)، مشيرين إلى ما تعرض له الفتيات المحجبات ومنعهن من حقهن في التعليم، بالإضافة لما تعرض له المواطنون الأتراك في حقبة "الحزب الواحد" والتي قادت العديد إلى حبل المشنقة.
كليتشدار أوغلو يحاول بتصريحاته استقطاب المحافظين في الانتخابات المقبلة لاسيما أنهم يخشون عودة حزب الشعب الجمهوري العلماني لبعض الممارسات في حال وصوله للسلطة، وفي ذات الوقت أثار غضبهم في تذكيرهم بالماضي الذي عانوه بسبب حزبه، والتي أكد البعض منهم بأنها لا يمكن تعويضها، فيما أشار مراقبون بأنها دعوة تكتيكية منه بهدف الانتخابات فقط.
انتقاد داخل حزبه والكماليين
كما أن تصريحات كلتيشدار أوغلو، أثارت الجدل داخل حزبه الذي طالب بتوضيحات حول الجهات التي يتحدث عنها زعيم الحزب.
وقال القيادي في حزب الشعب الجمهوري باريش يركاداش، إن تصريحات كليتشدار أوغلو لا تليق بالحزب الذي أسسه أتاتورك، فيما قال نجاتي يلماز، إن "التسامح جيد، ولكن تديين الخطاب السياسي أمر خطير للغاية".
أما محمد سيفقين والذي كان نائبا في حزب الشعب الجمهوري لأربع فترات، فقال إن كليتشدار أوغلو انتهك النظام الأساسي للحزب، ويجب أن يطرد، إنه يغمز علانية لحزب العمال الكردستاني ومنظمة غولن، وليس لديه أفكار لترشحه للرئاسة، ويسعى للحفاظ على مقعده.
ورأى أن كليتشدار أوغلو مرتبك، ويسعى للانتقام من جمهورية أتاتورك، ورغم هزائمه المتكررة شغل منصب زعامة الحزب أكثر من أتاتورك.
اقرأ أيضا: هل تؤثر "مذكرة سوريا" و"الخيانة" على تحالف المعارضة بتركيا؟
محرم إنجه زعيم حزب "الوطن"، والذي انشق عن حزب "الشعب الجمهوري" قال: "المسامحة جيدة، وهو مصطلح ديني وجداني إنساني، ولا أعترض عليه، لكنه ديني أما المحاسبة فهو مصطلح سياسي وهي تحدث في الساحات الانتخابية، والبراءة مصطلح قانوني، ولن يتم تبرئتك عندما تفوز بالانتخابات، ولديك مواجهة في الساحة الانتخابية، واحد سيخسر والآخر سيفوز، ولكن لا يعتبر الفائز بريئا، وإذا أردت البراءة فهي تكون بالمحكمة".
وتساءل إنجه، "هل سيتسامح كليتشدار أوغلو مع الذين طردهم من الحزب لأنهم لم يدعموه؟".
أردوغان: اطلب العفو من أخواتي المحجبات أولا
الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، علق على حديث كليتشدار أوغلو، قائلا: "إذهب أولا واطلب العفو من أخواتي المحجبات".
وربط أردوغان تصريحات كليتشدار أوغلو بالانتخابات، قائلا: "عندما تذهب أمتنا إلى صناديق الاقتراع في 2023، سينظرون إلى أعمالنا، وسيرون أن حزب العدالة والتنمية وتحالف الجمهور هو المكان المناسب للالتفاف حوله، وعندما رأى كليتشدار أوغلو أنه لا يستطيع النجاح في مهمته وإقناع الناس بأكاذيبه، التفت للتحدث عن قيم الأمة".
وأضاف أردوغان: "يقول كل ما لديه لأنه لا يعرف كيف تدار الدولة، وكيف تعمل الأجهزة الأمنية، وما هو النظام الدستوري والقوانين، وبينما يتهم كل من صوت لـ"مذكرة سوريا والعراق" بالخيانة، يتوعد بإنهاء حزب العمال الكردستاني".
تساؤلات حول العفو
الكاتب التركي عبد القادر سيلفي، قال في تقرير على "حرييت" إن كليتشدار أوغلو بحاجة للتصافح مع أعضاء حزبه الذين طردهم بسبب ظهورهم على قناة "سي أن أن" التركية التي يقاطعها، ناهيك عن الموظفين الذين هددهم.
وتساءل: "هل سيكون قادرا على التصافح مع عوائل الشهداء بسبب وصفه لانقلاب 15 تموز/ يوليو بأنه مسرحية وانقلاب تحت السيطرة؟ وهل سيكون قادرا على التصافح مع الديمقراطيين والمحافظين بسبب انقلاب 28 شباط/ فبراير، بالإضافة للمحجبات؟".
وأضاف: "بصفته زعيما لحزب الشعب الجمهوري الذي أيد انقلاب 27 أيار/ مايو، هل سيطلب الصفح من عائلة مندريس والحزب الديمقراطي وضحايا الانقلاب في ذلك الوقت؟ هل سيكون قادرا على طلب الصفح من ضحايا مجزرة ديرسم (1937)؟".
اقرأ أيضا: هل تتفق المعارضة على مرشح مشترك لمواجهة أردوغان بالرئاسة؟
وتابع بأن "المسامحة يجب أن تكون صادقة، فهل سيتمكن كليتشدار أوغلو من توجيه نقد ذاتي جاد وكشف الفظائع التي تسبب فيها حزبه في الماضي؟ هل سيتمكن من الاعتذار للمتدينين والأكراد والعلويين؟"، مضيفا: "إذا فعل ذلك سيكون صادقا، وبخلاف ذلك فلن يكون".
ورأى أنه يجب على كليتشدار أوغلو التسامح مع أردوغان الذي أهانه في كثير من المرات، ورغم ذلك أعلن عن قائمته للصفح مستثنيا الرئيس التركي، وبعض الأحداث.
أين تعهداته السابقة؟
ولفت الكاتب التركي، إلى أن الرئيس التركي طلب الصفح من الشعب بسبب الإغلاق الطويل الذي استمر 17 يوما بسبب إجراءات فيروس كورونا، وطلب من التجار والمواطنين المتضررين من الحظر مسامحته، لكن كليتشدار أوغلو قابل هذه الدعوة بالرفض قائلا: "لن نسامحك على حقوقنا".
ورأى أن تصريحاته ليست أكثر من حبة دواء مسكنة تستهدف المتدينين والأكراد والعلويين والمواطنين غير المسلمين للفوز في الانتخابات.
وأضاف أن كليتشدار أوغلو قبل الانتخابات المحلية الماضية، قدم تعهدا بأنه لن يتم إقصاء أحد من البلديات، لكن بلدية إسطنبول قامت بتسريح 13 ألف عامل، "هل علق عن هذا أم أن الانتخابات انتهت والوعود نسيت؟".
وذكر أن حزب الشعب الجمهوري قام بحملة "الحدود شرف" لمنع تدفق اللاجئين، ولكن ماذا حدث؟ "صوت ضد مذكرة سوريا والعراق".
كليتشدار أوغلو أجرى تحولات في حزبه.. ولكن
الكاتبة التركية كوبرا بار، قالت في تقرير على صحيفة "خبر ترك"، إن حزب الشعب الجمهوري في عهد كليتشدار أوغلو شهد تحولا كبيرا، واتجه من الخط الكمالي القومي إلى خط أكثر اعتدالا، وبدأ ينفتح باتجاه التيار المحافظ من جهة، والأكراد من جهة أخرى من خلال حزب الشعوب الديمقراطي.
وتابعت، بأنه قام بتغيير موقف حزب الشعب الجمهوري المتشدد بشأن قضية الحجاب، وكان ينتقد نفسه في كثير من الأحيان، لكنه في ذات الوقت لم يكن كافيا لتغيير صورة حزبه لدى أهالي منطقة الأناضول.
وأشارت إلى أن الغالبية العظمى من الناخبين الذين صوتوا لصالح التحالف الحاكم، تشعر اليوم بالقلق من فقدان المكاسب التي حققوها إذا وصل تحالف المعارضة إلى السلطة، كما أن "الناخبين المترددين" لا يمكنهم التحول إلى حزب الشعب الجمهوري.
ورأت أن خطوة كليتشدار أوغلو لا تهدف فقط إلى تغيير التصور عن حزب الشعب الجمهوري، بل أيضا عنه لاسيما أن لديه رغبة بالتنافس على مقعد الرئاسة مقابل رغبة أكرم إمام أوغلو ومنصور يافاش.
وأضافت أن كليتشدار أوغلو استبعد الشريحة الكمالية القومية القائمة على الخط القديم للحزب، من مسألة المصافحة، متسائلة: "هل سيتصافح مع الكماليين الذين يرون أن الحزب قد ابتعد عن نهج أتاتورك لاسيما الذين طردهم؟".
ورأت أن قطاعا كبيرا في قاعدة حزب الشعب الجمهوري غاضب بشدة من كليتشدار أوغلو، ولا يوافق على ترشحه للرئاسة. مضيفة أنه إذا أراد فعلا بناء سلام اجتماعي حقيقي فعليه أن يفعل ذلك من خلال التوافق مع أصدقائه الجدد والقدامى.
أردوغان: اليونان تحولت إلى قاعدة عسكرية أمريكية
بعد هاشتاغ "مات".. أردوغان يلعب كرة السلة مع شبان (شاهد)
دعوى قضائية ضد حسابات "مضللة" زعمت "وفاة" أردوغان