روت الإذاعة العامة الأمريكية "أن بي آر"، تفاصيل قصة مؤثرة
لأمريكي، احتجز في سجون
النظام السوري، لأكثر من 3 أعوام، ومرافقته لسجين بريطاني
خلال تلك الفترة.
وكان النظام السوري يعتقل الأمريكي كيفن داوز منذ عام 2012، وينكر
ذلك.
وكشف وجود داوز في السجن عبر السجين البريطاني جراح العظام عباس خان، الذي أشار إلى أن الأمريكي معتقل بالفعل في
سوريا.
وأفرج عن داوز بعد تدخل روسي عام 2016 لدى النظام السوري، وقدمت
واشنطن الشكر لموسكو على ذلك، لكن الأخيرة وبخت الأمريكي وقالت إنه دخل سوريا
بطريقة غير شرعية، وحذرته من العودة وقالت: "نأمل ألا يضع نفسه في موقف مماثل
مرة أخرى".
وقال داوز للإذاعة؛ إنه كان بلا مأوى على مدى
السنوات الثلاث الماضية، ويعاني من الآثار الجسدية والعقلية للتعذيب المروع، الذي
تعرض له في سجون سوريا.
ويضيف: "أعاني من تلف دائم في الأعصاب في
قدم واحدة على الأقل وفي معصمي، لا أعرف، لكن كل شيء يبدو أصعب".
وقالت إنه التقى بعباس خان، الذي قتل في سجون
النظام السوري، عام 2012، في مركز تابع للمخابرات العسكرية يعرف باسم الفرع 235 أو
"فرع فلسطين"، الذي يعرفه السوريون بأنه واحد من أسوأ مراكز الاعتقال،
وقتل فيه الكثيرون.
وأضافت أن زنزانتيهما كانتا متجاورتين تحت
الأرض، ولا يوجد ضوء نهار. كان يسمع فقط معاملة خان بوحشية. يقول: "كانوا
يرشونه بالماء الساخن ويضربونه".
في عام 2011، قالت الإذاعة: "انجذب الرجلان إلى إلحاح موجة الربيع
العربي من الاحتجاجات والانتفاضات ضد الحكام المستبدين، التي اجتاحت الشرق الأوسط،
وأراد خان "إحداث فرق"، وفقا لما قالته شقيقته سارة، من منزلها في لندن."
تقول سارة: "لقد خرج في آب/ أغسطس 2012 للعمل في المستشفيات
الميدانية على الحدود التركية، لقد كان متحمسا للغاية".
وفي تشرين الأول/أكتوبر 2012، عبر إلى شمال غرب سوريا، حاملا خوذة
وسترة واقية من الرصاص وإمدادات طبية، وأملا لا أساس له أن حظه سيجعله يقوم بعمل
لافت.
وبعد فترة وجيزة، تم القبض عليه من قبل الموالين للنظام السوري عند
نقطة تفتيش.
قال إنه كان مقيّد الرأس واليدين ونُقل بسرعة إلى سجن في العاصمة
السورية، حيث كانت استجواباته مستمرة وقاسية.
وكان مستجوبوه يقولون له؛ إنه تابع لوكالة المخابرات المركزية، يقول
داوز قبل أن يضيف: "كانوا يصيحون ويضربوني"، ثم كشف أنه سمع نفس المعاملة
عندما وصل خان إلى الزنزانة المجاورة له.
ونشأت بين الاثنين علاقة صداقة وثيقة، رغم أنه لم يكن باستطاعتهما إلا
الهمس في الظلام.
ويقول داوز؛ إنهما انهمكا في عقد اتفاق بينهما مفاده: "من يخرج
أولا، يتحدث عن الشخص الذي ترك وراءه".
ويضيف: "كما ترى، كان السوريون يخفون حقيقة أنهم كانوا يحتجزونني".
عندما حصل خان على الفرصة الأولى ليخبر العالم الخارجي عن كيفن داوز،
فعل ذلك، وهو أمر يسر داوز كثيرا وفق موقع إذاعة "آن بي آر".
أوفى عباس خان على عهده، إذ أخبر عائلته التي نجحت في الاتصال به عن
الأسير الأمريكي في الزنزانة المجاورة، وحث على تنبيه المسؤولين الأمريكيين حول ذلك.
تقول شقيقته سارة: "تلقينا مكالمة من مكتب التحقيقات الفيدرالي
بعد ذلك بوقت قصير وأخبرناهم بما نعرفه".
ومباشرة بعد أن افتضح أمر اعتقاله، تحسنت معاملة داوز في السجن،
وتوقفت جلسات
التعذيب اليومية، وفق ما ذكره موقع الإذاعة الأمريكية.
يقول داوز: "لقد وضعوني في زنزانة مضاءة على عكس الزنزانة
السوداء المليئة بالقمل التي كنت محتجزا فيها حتى ذلك الحين" ثم تابع: "أنا مدين لعباس بالكثير".
في المقابل، ازدادت معاملة السجانين التابعين للنظام السوري لخان
سوءا، حيث تروي شقيقته سارة أن والدته دُعيت إلى دمشق في كانون الأول/ديسمبر 2013.
وأسرّ الأم ذلك الخبر، حيث اعتقدت أنه سيتم إطلاق سراح ابنها في
النهاية، قبل أن يخرج عليها ضابط سوري ويقول لها: "أريد أن أقدم لك تعازي".
وزعم مسؤولو الحكومة السورية أن خان كان مكتئبا وشنق نفسه، وهو أمر
لا يصدقه داوز، الذي يقول: "في هذه الزنازين، لم تكن هناك أي طريقة لشنق
نفسك، ولا حتى أي شيء لتشنق نفسك عليه"، ثم تابع: "لم يكن لديه سبب
للانتحار، كان ذاهبا إلى المنزل".
وتم إرسال جثة خان إلى لبنان ثم شحنت في النهاية إلى بريطانيا.
وفي تشرين أول/ أكتوبر 2014، عقب تحقيق بريطاني رسمي، وفقا لتقارير
إخبارية بريطانية، قالت هيئة محلفين؛ إنه لا يمكن التأكد من السبب الطبي للوفاة،
لكنها خلصت إلى أن "الدكتور خان قُتل عمدا دون أي مبرر قانوني".