أعلن رئيس الجمهورية التركية رجب طيب
أردوغان، عن
نيته زيارة السعودية في شباط/ فبراير المقبل، تلبية لدعوة الملك سلمان بن عبد العزيز. وجاء هذا الإعلان في جواب أردوغان على سؤال سيدة أعمال تركية عن الحظر السعودي غير المعلن على البضائع التركية ومطالبتها بحل هذه المشكلة.
الرئيس التركي سيقوم الشهر المقبل بزيارة العاصمة الإماراتية، كما أعلن بعد زيارة ولي عهد أبو ظبي، محمد بن زايد آل نهيان، لأنقرة في كانون الأول/ ديسمبر 2021. ومن المتوقع أن تأتي زيارة أردوغان للسعودية عقب زيارته للإمارات مباشرة وقبل عودته إلى البلاد.
ترميم
تركيا والإمارات علاقاتهما بشكل سريع بعد زيارة مستشار الأمن الوطني الإماراتي، طحنون بن زايد، للعاصمة التركية في آب/ أغسطس الماضي، أدَّى إلى توقعات وترقب لتحريك المياه في المباحثات المتعثرة بين أنقرة والقاهرة والرياض، من أجل تسريع الخطوات نحو تحقيق مصالحة مماثلة بين
تركيا ومصر من جهة، وبين تركيا والسعودية من جهة أخرى، إلا أن إعلان الرئيس التركي عن هذه الزيارة كان مفاجئا لكثير من المراقبين، نظرا لعدم وجود مؤشرات إيجابية في الجانب السعودي تشير إلى تحسن قريب في
العلاقات التركية
السعودية.
إعلان الرئيس التركي عن هذه الزيارة كان مفاجئا لكثير من المراقبين، نظرا لعدم وجود مؤشرات إيجابية في الجانب السعودي تشير إلى تحسن قريب في العلاقات التركية السعودية
موقع "ميدل إيست آي" البريطاني نقل عن مسؤول تركي رفيع مطلع على المحادثات بين تركيا والسعودية، قوله إن "الرياض أصبحت أكثر جدية في ترميم العلاقات مع أنقرة بعد أن التقى أردوغان مع ولي عهد أبوظبي محمد بن زايد في تشرين الثاني/ نوفمبر". ويشير ذلك إلى تغير في موقف السعودية المتعنت من رغبة تركيا في تحسين العلاقات بين البلدين؛ لأن أنقرة كانت تبدي منذ فترة رغبة في ترميم علاقاتها مع السعودية، وقدمت خطوات ملموسة لإظهار حسن نيتها، إلا أن تلك المبادرة لم تلقَ ترحيبا في الجانب السعودي حتى الوقت القريب، وهو ما أكده المسؤول التركي في قوله: "اتصلنا بهم في الماضي لكنهم لم يكونوا جادين. هذه المرة اقتربوا منا. شعر السعوديون بأنهم مستبعدون في هذه
المصالحة الإقليمية، يريدون أن يكونوا جزءا منها".
هناك عوامل عديدة أدت إلى تليين الموقف السعودي من المصالحة مع تركيا، ومن المؤكد أن التقارب التركي الإماراتي الأخير من أهم تلك العوامل؛ لأن علاقات تركيا مع ثلاث دول من أعضاء مجلس التعاون لدول الخليج العربية كانت على ما يرام. وبعد أن انضمت الإمارات والبحرين إلى قطر والكويت وسلطنة عمان، بقيت السعودية وحدها في المنطقة في معاداة تركيا.
العام الماضي شهدت محادثات بين الرياض وطهران بوساطة بغداد من أجل المصالحة بين البلدين، إلا أن تلك المحادثات دخلت - على ما يبدو- في طريق مسدود. وهذا ما تدل عليه تصريحات المسؤولين السعوديين الأخيرة، مثلما جاء في كلمة الملك سلمان بن عبد العزيز خلال افتتاح أعمال مجلس الشورى السعودي، حيث قال إن السعودية "تتابع بقلق بالغ سياسة النظام الإيراني المزعزعة للأمن والاستقرار في المنطقة، بما في ذلك إنشاء ودعم المليشيات الطائفية والمسلحة والنشر الممنهج لقدراتها العسكرية في دول المنطقة". كما أن هجوم طهران على السعودية عبر وكيلها في لبنان واتهامها بـ"الإرهاب"، يشير إلى فشل المحادثات السعودية الإيرانية.
ملف الحظر الذي تفرضه السعودية على المنتجات التركية تحت مسمى "المقاطعة الشعبية" سيكون بلا شك على طاولة المباحثات خلال زيارة الرئيس التركي المرتقبة للرياض. ومن المتوقع أن يختفي شعار "صفر تعامل مع تركيا" بعد الزيارة، لأن هذه السياسة في ظروف جائحة كورونا، تضر رجال الأعمال والتجار السعوديين والشعب السعودي، قبل أن تضر الاقتصاد التركي.
قضية اغتيال الكاتب السعودي جمال خاشقجي - رحمه لله - في قنصلية بلاده في إسطنبول كانت من أهم أسباب تدهور العلاقات التركية السعودية. وأعلنت تركيا على لسان المتحدث باسم رئاسة الجمهورية، إبراهيم كالن، أنها تحترم قرار المحكمة السعودية في القضية
قضية اغتيال الكاتب السعودي جمال خاشقجي - رحمه لله - في قنصلية بلاده في إسطنبول كانت من أهم أسباب تدهور العلاقات التركية السعودية. وأعلنت تركيا على لسان المتحدث باسم رئاسة الجمهورية، إبراهيم كالن، أنها تحترم قرار المحكمة السعودية في القضية، بعد أن سعت بكل ما تملك من أدلة إلى كشف ملابسات الجريمة وتحقيق العدالة. وترى أنقرة أنه من غير المعقول أن تظل العلاقات التركية السعودية ومصالح البلدين رهينة هذه القضية.
عودة العلاقات التركية السعودية إلى مجراها الطبيعي ستكون لصالح البلدين، كما ستكون للمصالحة التركية السعودية انعكاسات على الملفات الإقليمية. ومن المؤكد أن الأيام ستظهر مدى نجاح زيارة أردوغان للسعودية، إن تمت بالفعل كما أعلنت، في كسر الجليد، وطي صفحة التوتر، وفتح صفحة جديدة في العلاقات الثنائية بين أنقرة والرياض.
twitter.com/ismail_yasa