أعلن مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات، أبرز نتائج التقرير الاستراتيجي الفلسطيني لسنتي 2020- 2021، مشيرا إلى المسارات المتوقعة لعام 2022.
وفي مؤتمر صحفي عقد في بيروت، وتابعته "عربي21"، استعرض المدير العام للمركز الدكتور محسن صالح، عرضا لنتائج الأوضاع الداخلية الفلسطينية، والتطورات السكانية والاقتصادية الفلسطينية، والأرض والمقدسات، والمقاومة الفلسطينية، والمشهد الإسرائيلي وأوضاعه السياسية والاقتصادية والعسكرية، والبيئات العربية والإسلامية والدولية وانعكاساتها على الشأن الفلسطيني.
ولفت صالح إلى أن 14 باحثا في الشأن الفلسطيني شارك في التقرير الذي يتكون من ثمانية فصول.
الفصل الأول: الوضع الفلسطيني
واستعرض التقرير ملاحظات بشأن الوضع الفلسطيني، من خلال أربعة معالم رئيسية يعرضها التقرير خلال العامين الماضيين، الأولى استمرار أزمة المشروع الفلسطيني، وغياب البرنامج الوطني الذي يضبط الثوابت ويدير المرحلة.
أما الملاحظة الثانية فتكمن في استمرار تدهور مكانة منظمة التحرير الفلسطينية ومؤسساتها، وتآكل السلطة الفلسطينية وتحولها إلى أداة وظيفية بيد الاحتلال وتكريس دورها الأمني.
الملاحظة الثالثة، تكمن في تشديد قبضة السلطة الفلسطينية على المؤسسات، وتوسيع صلاحية الرئيس، ومزيد من تغول الرئاسة على السلطة التشريعية بعد حل المجلس التشريعي، والسلطة القضائية، ما ساهم في تكريس حكم الفرد المطلق.
الملاحظة الرابعة بحسب صالح خلال العامين الماضين، اتجاه الشارع الفلسطيني بشكل أكبر نحو دعم مسار المقاومة، والانفضاض عن مسار التسوية وتصدر حركة حماس للمشهد الفلسطيني شعبيا وعسكريا لاسيما بعد تعطيل الانتخابات ومعركة "سيف القدس".
وحول التوقعات بشأن الوضع الداخلي الفلسطيني خلال العامين المقبلين، تطرق مدير مركز الزيتونة إلى سبع نقاط، هي:
- استمرار أزمة المشروع الوطني الفلسطيني وتدهور المؤسسات الرسمية الفلسطينية.
- المتوقع مع استمرار حالة التأكل في السلطة الفلسطينية، والانكشاف لدورها الوظيفي، والتراجع في القاعدة الشعبية الداعمة لها، ستتزايد احتمالات لجوء السلطة إلى التعويض عن ذلك بالمزيد من السلوك الأمني والقمع السياسي لضمان بقائها مع الاتكاء على البيئة الإقليمية في تثبيت شرعيتها.
- هناك فرص معقولة لتزايد الضغوط الشعبية والفصائلية باتجاه تشكيل قيادة فلسطينية مؤقتة انتقالية ومتوافق عليها من أجل إعادة ترتيب البيت الفلسطيني، وقد تحال هذه الصلاحية إلى جهة محايدة تملك صلاحيات كاملة وضمانات حاسمة غير قابلة للتعطيل بعد التجربة التي حدثت في الربيع الماضي، وفقدت قطاعات واسعة من الشعب الفلسطيني بالقيادة الحالية.
- فرص معقولة لتشكيل جبهة أو اصطفاف وطني فلسطيني داعم لخط المقاومة، وضاغط باتجاه إعادة بناء المؤسسات الرسمية الفلسطينية.
- احتمال وقوع تغير في القيادة الفلسطينية، وهو متداول في الأوساط المحلية والدولية، باحتمال غياب محمود عباس عن المشهد السياسي في المستقبل القريب، وسيبذل فصيل حركة فتح أن يكون البديل من داخله.
- فرص أفضل للعمل الشعبي الفلسطيني والمبادرات الشعبية الفلسطينية في الداخل والخارج، لا سيما في حالة الفراغ الذي نجم عن تعطل مسار المصالحة وعجز القيادة الفلسطينية.
- توقعات بأن يتواصل الضغط على خط المقاومة في محاولة لتطويعه وتهميشه، وقطع الطريق لتصدره المشهد الفلسطيني من خلال استمرار الحصار على قطاع غزة، ومحاولة تجفيف ينابيع الدعم المالي والشعبي والسياسي والتشويه الإعلامي، لكن قد يخرج تيار المقاومة من ذلك بالحفاظ على التماسك الداخلي وبوصلته، وتوسيع قدرته على استيعاب شرائح أوسع من الشعب الفلسطيني.
المؤشرات السكانية الفلسطينية
وتطرق التقرير في الفصل الثاني إلى المؤشرات السكانية الفلسطينية، لافتا إلى أن أعداد الفلسطينيين بحسب تقديرات جهاز الإحصاء الفلسطيني بلغ 14 مليونا نصفهم يقطنون في خارج فلسطين التاريخية.
وأشار إلى أن معظم فلسطينيي الخارج يعيشون في العالم العربي بحوالي 6 ملايين و300 ألف نسمة، منهم 4 ملايين و300 ألف في الأردن.
ونوه إلى تزايد عدد السكان في فلسطين التاريخية مقابل أعداد اليهود هناك، وتوقعات بأن يتساوى عدد الفلسطينيين مع أعداد اليهود في فلسطين التاريخية حتى نهاية العام 2022، وذلك يعني أن أعداد الفلسطينيين بعد خمس سنوات سيكون أكثر بنحو 300 ألف فلسطيني، وهذا يشكل حالة قلق كبرى للاحتلال الإسرائيلي.
الفصل الثالث: الأرض والمقدسات
وتضمن التقرير في فصله الثالث قضية "الأرض والمقدسات"، وركز على مدينة القدس المحتلة، مشيرا إلى أن الاحتلال ركز كثيرا على مسألة تهويد القدس، وخلال العامين الماضيين حاول توظيف الأجواء التي واكبت وباء كورونا، لوأد الإرادة الشعبية ومنع التجمعات في المدينة المقدسة والمسجد الأقصى.
ولفت إلى أن الاحتلال ضاعف من وتيرة هدم البيوت في مدينة القدس المحتلة، وقد تم هدم 350 منزلا ومنشأة فلسطينية، خلال العامين الماضيين.
وأشار إلى أن الاحتلال سعى لفرض الطقوس التوراتية في المسجد الأقصى، وإضفاء شرعية قانونية عبر محاكمه لذلك، وموضوع تسوية الأملاك فرضه كقانون حتى يدخل ملكيات المقدسيين في أملاك الغائبين تمهيدا لمصادرتها، والسيطرة على المقبرة اليوسفية وتجريف مقابر الفلسطينيين هناك وتحويلها إلى حديقة.
ولفت إلى أنه في مقابل ذلك يوجد صمود هائل من المقدسيين، وتمكنوا من فرض التراجع الإسرائيلي في مسألة إغلاق باب العامود، وإفشال محاولات تهجير العائلات في حي الشيخ جراح، والمحاولة الكبرى من اقتحام المسجد الأقصى في نهاية رمضان العام الماضي.
وحول أبرز التوقعات في العامين المقبلين أشار التقرير إلى أربعة توقعات:
- الاحتلال سيتابع سعيه لايجاد بؤر ذات كثافة استيطانية في النسيج المركزي لمدينة القدس، وسيحاول التشعب في فتح جبهات عدة ضد المقدسيين عله ينجح في إحداها.
- سيحاول الاحتلال تصعيد فرض الطقوس التوراتية في الأقصى.
- هناك نوع من التناور بين التقويم العبري والهجري، وذلك يعني أن عددا من المناسبات اليهودية ستتوافق مع مناسبات إسلامية، وبالتالي فإن هناك فرصا لحدوث انفجارات وصدامات وهبات شعبية كما حدث في رمضان الماضي، وبالتالي فإن حالة التوتير ستبقى قائمة في القدس المحتلة.
وشدد على أنه رغم معاناة المقدسيين فإنهم حافظوا على أغلبية واسعه في شرق القدس، والخطة الإسرائيلية حاولت تخفيض أعدادهم هناك ولكنها فشلت.
الفصل الرابع: المؤشرات الاقتصادية
الفصل الرابع للتقرير الاستراتيجي الصادر عن مركز الزيتونة للدراسات يكمن في المؤشرات الاقتصادية في الضفة الغربية وقطاع غزة.
ولفت صالح إلى أن الشكل الذي قامت عليه السلطة الفلسطينية، وفق اتفاقيات أوسلو وبروتوكول باريس، أضر كثيرا ببنية الاقتصاد الفلسطيني في غزة والضفة، حيث أصبح تابعا للاقتصاد الإسرائيلي.
وأشار إلى أن الاقتصاد الفلسطيني عانى من وباء كورونا، والدمار والحصار في غزة والعدوان الإسرائيلي في معركة "سيف القدس".
وأضاف أنه في موضوع التبادل التجاري يظهر بشكل فاضح موضوع التحكم الإسرائيلي في الاقتصاد الفلسطيني (84 بالمئة من صادرات السلطة تذهب للاحتلال، و55 بالمئة من وارادتها تأتي من الكيان الإسرائيلي)، يعني أننا أمام حالة من الهيمنة الإسرائيلية في الاقتصاد الفلسطيني.
وحول ما يتعلق بالناتج المحلي الإجمالي الفلسطيني، يبرز مدى بشاعة الاحتلال واستغلاله للموارد الفلسطينية بشكل كبير.
وأوضح أن الناتج المحلي الإجمالي الفلسطيني كان بحدود 15.531 مليار دولار مقابل 407.777 مليارات دولار لدى الإسرائيليين في عام 2020.
وأضاف أن متوسط دخل الفرد من الناتج المحلي الإجمالي في مناطق السلطة حوالي 3 آلاف و234 دولارا في سنة 2020، ما يعني أن دخل الفرد الإسرائيلي 14 ضعف دخل الفرد الفلسطيني.
وأشار إلى أن هناك فروقات موجودة بين دخل الفرد في الضفة الغربية، وبين دخله في قطاع غزة الذي يعاني من دمار نتيجة العدوان الإسرائيلي.
ونوه إلى أن نحو 82 بالمئة من إيرادت السلطة الفلسطينية في عام 2020 هي من إيرادات المقاصة والمنح الدولية، ما يعني أن معظم مصادر تمويل السلطة تأتي من خلال الاحتلال والقوى الدولية ما يحقق أداة ضغط كبيرة عليها.
الفصل الخامس: العدوان الإسرائيلي وحالة الاشتباك
وأفرد التقرير الاستراتيجي فصلا كاملا بشأن العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، وحالة الاشتباك بين الاحتلال وبين المقاومة، وحالة الأسرى.
ونوه إلى أنه في 2020- 2021 بالرغم من تصاعد العدوان والتنسيق الأمني، فإن العمليات الفردية شهدت تزايدا كبيرا وتزايدت المواجهات اليومية وأشكال المقاومة بشكل كبير.
ولفت إلى "معركة كبرى" رفعت معنويات الشعب الفسطيني، ووحدته بكافة أماكن تواجده في الداخل الفلسطيني، وبرز ذلك من خلال "سيف القدس".
ونوه إلى أن التقارير الإسرائيلية تقر بتصاعد العمليات في العامين الماضيين، والتي تضاعفت بثلاثة أضعاف بواقع 4400 عملية في سنة 2021، عن عام 2020 الذي شهد 1500 عملية.
الفصل السادس: المشهد الإسرائيلي
وتضمن التقرير فصلا بشأن المشهد الإسرائيلي، عن الوضع الداخلي والسكاني والاقتصادي والأمني والعسكري.
وحول الوضع الداخلي، أشار التقرير إلى أن المجتمع الإسرائيلي يسير باتجاهات أكثر تطرفا، والتيارات اليمينية والدينية تهيمن على نظام الحكم في الكيان الإسرائيلي، وتداول السلطة أصبح بين تيارات اليمين بشكل عام.
ونوه إلى أن النظام السياسي الإسرائيلي عاش حالة من الارتباك واللااستقرار مع تعدد الانتخابات في السنوات الماضية.
وأضاف أن الحكومة الإسرائيلية التي تشكلت أخيرا غير متجانسة ومعرضة للسقوط بأي لحظة.
وتابع، بأن "المجتمع الصهيوني" ونظام الحكم فيه يتجه إلى مزيد من تشديد الإجراءات القمعية ضد الفلسطينيين في الداخل المحتل.
ونوه إلى أن المؤشرات الإسرائيلية السكانية تشير إلى وجود 7 ملايين يهودي في فلسطين التاريخية.
وتابع، بأن وتيرة الهجرة الإسرائيلية إلى فلسطين انخفضت في الـ15 عاما الماضية.
وأوضح أن يهود العالم بلغ عددهم 15 مليونا و166 ألفا في نهاية 2021، 46 بالمئة منهم في الكيان الإسرائيلي والأغلبية الأخرى تتركز في الولايات المتحدة.
وحول المؤشرات الاقتصادية الإسرائيلية، أشار التقرير إلى أن الاقتصاد الإسرائيلي عانى بشكل كبير من تداعيات وباء كورونا، وشهد العام 2020 أسوأ تراجع في تاريخ الكيان.
ولفت إلى أن الولايات المتحدة كانت في المرتبة الأولى كشريك تجاري مع الاحتلال، وجاءت الصين في المرتبة الثانية، وألمانيا في المرتبة الثالثة، وسويسرا في المرتبة الرابعة، وتركيا حلت في المرتبة الخامسة.
ويذكر التقرير أن الكيان الإسرائيلي يعاني من مخاطر تصاعد قوة المقاومة الفلسطينية، ورفض شعبي عربي وإسلامي له، وحالة من اللااستقرار في البيئة الاستراتيجية المحيطة، وتراجع نوعية القيادة الإسرائيلية، وعدم رغبة الجندي الإسرائيلي في القتال، والتناقضات الداخلية.
فصول القضية الفلسطينية والبيئة العربية والإسلامية والدولية
ونوه صالح إلى احتواء التقرير على فصول ثلاثة أخرى، وهي: القضية الفلسطينية والعالم العربي، والقضية الفلسطينية والعالم الإسلامي، والعلاقات مع العالم الدولي.
وفي البيئة العربية، أشار التقرير إلى أن التطبيع حقق إنجازات تحت الضغط الأمريكي وأربع دول عربية دخلت في هذا الإطار، وبعض الدول فعلت علاقاتها التطبيعية مع الاحتلال، ولكن هناك رفض شعبي واسع للتطبيع، ومع انتهاء ولاية ترامب فقد ضعف الاندفاع نحو التطبيع في البيئة العربية.
أما على صعيد العلاقات مع العالم الإسلامي، فقد نوه التقرير إلى أن تركيا حافظت على خطها السياسي الذي يركز على دعم القضية الفلسطينية وحل الدولتين، وتتعامل بشكل إيجابي مع السلطة وحركة حماس، وتنتقد بشدة الممارسات الإسرائيلية، وبذات الوقت تحتفظ بعلاقات تجارية مع الاحتلال.
وأكد أن إيران واصلت دعمها للمقاومة الفلسطينية ماليا وعسكريا وإعلاميا، وواصلت رفض الاعتراف بالاحتلال والتطبيع معه.
وعلى صعيد التبادل التجاري العربي والإسلامي مع الاحتلال، فقد تصدرت تركيا العالم الإسلامي بهذا الشأن بحوالي 6 مليارات و500 ملايين دولار، أما الإمارات فقفزت من لاشيء إلى مليار و140 مليون دولار في العام الماضي.
وأما على صعيد البيئة الدولية، فأشار إلى أن الإطار التقليدي في الأمم المتحدة مضى بشكله المعتاد، والسياسات الدولية لم تتغير تجاه القضية الفلسطينية، لكن حدث نوع من الاختراق مع قبول إسرائيل كعضو مراقب في الاتحاد الأفريقي.
وحول التوقعات الدولية خلال العامين المقبلين، أشار التقرير إلى نقاط عدة:
- استمرار التصويت في الجمعية العامة للأمم المتحدة لصالح القضية الفلسطينية.
- اتجاه لخفض المساعدات للجانب الفلسطيني لا سيما في الأونروا.
- ضغوط قد تمارس على بيئة المقاومة لتجريمها ووسمها بالإرهاب كما حصل في بريطانيا.
- متوقع تزايد الضغط الإسرائيلي لإفشال حركات مقاطعي إسرائيل التي ستواصل فعالياتها بأدوات جديدة لتجاوز ذلك.
قراءة إسرائيلية في هجمات إيران الإلكترونية.. وتوقع المزيد
تحول غير مسبوق في علاقات مصر مع الاحتلال خلال 2021
فلسطين 2021.. تعثر داخلي واستهداف متصاعد من الاحتلال