على طريقة ريا وسكينة وعصابات سرقة الذهب، تشهد مصر في الآونة الأخيرة صراعا كبيرا بين طرفين أشبه بريا وسكينة في المسرحية الشهيرة، عنوانها العريش دمغة الذهب الجديدة ولكن أصل الأزمة بين عبد الفتاح السيسي ونجيب ساويرس.
السيسي بعدما فرض ضرائب على كل شيء في مصر تقريبا واستطاع أن يمص دماء المصريين البسطاء وأموالهم وأملاكهم في سبع سنين عجاف، اكتشف الأسبوع الماضي أو ربما أشار عليه أحدهم أن الأمر الوحيد الذي لا يعرف مقدار ما يملكه المصريون منه هو الذهب.
المصريون على بساطتهم إلا أنهم شعب ذكي فيما يخص التدبير وتوفير الأموال إذا ما استطاعوا إلى ذلك سبيلا، أبرز تلك الطرق هي تحويل الممتلكات والأموال إلى ذهب، فالذهب لا يصدأ كما يقولون وقيمته دائما في ارتفاع مستمر، ولذلك فمعظم البيوت المصرية والنساء المصريات يعتبرون الذهب أو الصيغة بالعامية المصرية هي تحويشة العمر كما يقولون.
في حكاية ريا وسكينة قديما، كانت الأعين تلمع ببريق مخيف عندما ينظرون إلى سيدة تمشي داخل زنقة الستات وصوت الذهب الذي ترتديه يسمع كل أصم في الشارع، تبدأ ريا وسكينة في استدراج الفريسة حتى يتخلصا منها ويتم الاستيلاء على الذهب. السيسي قرر أن يتقمص دور ريا وسكينة وسال لعابه على الذهب الذي تمتلكه كل سيدة مصرية الآن.
الدمغة الليزر، آخر صيحات السيسي وحكومته للسيطرة على الذهب في مصر، وفقا لتصريحات وزير التموين المصري فإن الدولة منحت المصريين مهلة لمدة عام واحد يتوجب عليهم خلاله أن يذهبوا إلى المصلحة الحكومية المختصة في الدمغة الجديدة للذهب لتوثيق ممتلكاتهم الذهبية وفقا للقرار الجديد. ما سيحدث أن المصريين سيذهبون للحكومة التي ستحصر مقدار الذهب الذي يحتفظ به المصريون ثم تفرض عليه ضريبة جديدة إضافة إلى الرسوم التي سيدفعها المصريون أثناء الحصول على الدمغة الجديدة بالليزر.
يتحدث خبراء الاقتصاد عن أن السبب الرئيسي الذي دفع السيسي لاتخاذ تلك الإجراءات هو خلاف قديم جديد بينه وبين رجل الأعمال المصري الشهير نجيب ساويرس، ولكن هذه المرة الأمر يتعلق بالتنقيب عن الذهب في مصر وبإيرادات ما يعرف بمنجم السكري الذي ينتج أكثر من ثلاثة ملايين أوقية ذهبية في اليوم الواحد.
لم يتحمل السيسي انتقادات ساويرس ليخرج ويرد عليه بحزمة قرارات تخص الذهب والدمغة الجديدة كي يمسك من جديد بكل خيوط لعبة الذهب في يده هو.
في الثالث والعشرين من شهر شباط (فبراير) عام 2020 أعلن نجيب ساويرس التفاوض مع النظام المصري لشراء 51 بالمائة من شركة شلاتين للثروة المعدنية من أجل التنقيب عن الذهب، واستمرت المفاوضات بين الجانبين لشهور عديدة حتى أعلن وزير البترول طارق الملا في 23 تشرين الثاني (نوفمبر) 2020 توقف المفاوضات مع نجيب ساويرس، توقفت بخصوص شركة شلاتين للثروة المعدنية والتي تملك فيها الهيئة المصرية العامة للثروة المعدنية 35% من الشركة ويحوز جهاز مشروعات الخدمة الوطنية التابع لوزارة الدفاع 34% وبنك الاستثمار القومي 24% والشركة المصرية للثروات 7%.
بعدها بأيام أعلنت الحكومة المصرية مناقصة عالمية للشركات الراغبة في دخول مجال التنقيب عن الذهب في مصر، وبالفعل زفت الحكومة للمصريين خبر نجاح 11 شركة في المناقصة كان بينها شركة اسمها AKH Golden ليتبين بعد ذلك أن تلك الشركة مملوكة لشركة التس ستراتيجيس والتي يمتلك فيها رجل الأعمال المصري نجيب ساويرس 35%.
يبدو أن الأمور لم تسر على ما يرام بين الجانبين، ويبدو أيضا أن ساويرس قد تعرض لمضايقات أثناء عمله الجديد في التنقيب عن الذهب في مصر ليخرج بعدها عن صمته في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي لينتقد الجيش المصري وتدخله في الاقتصاد واحتكاره لبعض الأمور ومنافسته غير العادلة للقطاع الخاص ورجال الأعمال في حوار مع وسائل إعلام غربية.
لم يتحمل السيسي انتقادات ساويرس ليخرج ويرد عليه بحزمة قرارات تخص الذهب والدمغة الجديدة كي يمسك من جديد بكل خيوط لعبة الذهب في يده هو.
الأمر هذه المرة مختلف عن السيناريو المعروف في حكاية ريا وسكينة، العصابة هذه المرة منقسمة من الداخل وباتت ريا ممثلة في ساويرس، أحد أكبر إمبراطوريات الذهب في العالم والذي يعتبر الاستثمار في الذهب هو مشروعه الأساسي في مواجهة سكينة ممثلة في السيسي ونظامه، والذي يمسك بالسلطة والجيش والدولة والحكومة والقرارات الرسمية.
لو أن مصر لديها كاتب سيناريو جريء لكتب لنا سيناريو مسرحية ريا وسكينة 2022 تكون فيها ريا في مواجهة سكينة والضحية كالعادة هي ذهب المصريين الغلابة.