مع
دخول الأسبوع الثاني من الحرب الروسية ضد أوكرانيا، ومحاولة دولة الاحتلال الوقوف
على الحياد، قدر الإمكان، وصدور مواقف متناقضة بين كبار قادتها، لكن أصواتا بدأت
تخرج داخل النخبة السياسية والعسكرية تدعو دوائر صناعة القرار في تل أبيب لما
وصفته بـ"الابتعاد عن السياج"، وإصدار صوت حاد وواضح ضد ما اعتبرته
"العدوان" الروسي، بعيدا عن توزيع الأدوار بين نفتالي بينيت "المتوازن"،
ويائير لابيد "المندفع".
هذه
الأصوات الداعية للانحياز الكامل للمنظومة الغربية في إدانة روسيا،
تأخذ بعين الاعتبار الحاجة الأمنية للحفاظ على حرية العمل في سوريا، لكنها في
الوقت ذاته ترى أن أهم مصلحة إسرائيلية في الوقت الحالي هي الوقوف بجانب الولايات
المتحدة والغرب.
الجنرالان
عاموس يادلين رئيس جهاز الاستخبارات العسكرية الأسبق- أمان، وأودي أفيتال المحاضر
بجامعة رايخمان، ذكرا في مقال مشترك على موقع القناة 12، ترجمته
"عربي21" أن "الأزمة العالمية بين روسيا والغرب أغرقت
إسرائيل في معضلة بين الحاجة للحفاظ على مصالحها مع موسكو، وفي الوقت ذاته الوقوف
بجانب المجتمع الدولي، وتحديدا الغربي، رغم أن مكاننا الطبيعي هو مع الغرب
والولايات المتحدة، كما أن مصالحنا تتطلب منا الاستمرار بالوقوف بجانب حليفتنا
الرئيسية، وأحيانا الوحيدة، وهي الولايات المتحدة الأمريكية، فلماذا تتردد
إسرائيل؟".
وأضافا
أن "هناك اعتبارات أمنية استراتيجية تجعل إسرائيل مترددة في موقفها، وعلى
رأسها ضرورة ضمان حرية عملها العسكري في سوريا، من أجل منع إيران من بناء
"آلة حربية" في سوريا، كما أسستها في لبنان، واستخدامها كوسيلة لنقل
الأسلحة وأنظمة المعدات لحزب الله، خاصة القدرات الهجومية الدقيقة، وهذه حاجة
استراتيجية أساسية لأمن إسرائيل، ولا ينبغي الاستخفاف بها، لكن الفحص المتعمق
لميزان المصالح العام يكشف أن قضية حرية العمل في سوريا تتضاءل أمام المصالح
الاستراتيجية الأكبر، وهي العلاقات الخاصة مع الولايات المتحدة".
اقرأ أيضا: إسرائيليون يطالبون أمريكا بعدم معاقبة ملياردير روسي.. لماذا؟
مع
مرور الوقت، واتساع رقعة الحرب الروسية في أوكرانيا يتضح الموقف الإسرائيلي أكثر
فأكثر، وتبدو أكثر انحيازا بجانب الولايات المتحدة بزعم حماية أمنها القومي، لأنها
تحصل منها على أكبر دعم سياسي، وبدونه ستقع في عزلة دولية، بجانب حصولها
منها على ضمانات، ومساعدة ببناء قوة للتعامل مع التهديدات الخطيرة لأمنها، وضمان
الميزة العسكرية النوعية، فضلا عن منح إسرائيل ميزة تفوقها العسكري في المنطقة،
وهو رصيد استراتيجي أساسي يضمن تفوقها الإقليمي.
ترى
المحافل الإسرائيلية أن قوة كيانهم تتعزز بالأساس من علاقتها الخاصة بالولايات
المتحدة، التي تحفظ لها تفوقها النوعي في المنطقة، وتبقي صورتها الرادعة في بيئة
معادية، من خلال حزمة المساعدات الإضافية البالغة مليار دولار لاستكمال القبة
الحديدية، وهذه صفقة تأخرت على أي حال، وما زالت مدرجة على جدول أعمال مجلس
الشيوخ، وقد لا تصل نهائيا في حال أثارت سياسة إسرائيل في حرب أوكرانيا انتقادات
ضدها في الكونجرس، فضلا عن تأثيره السلبي على علاقاتها الخارجية.
في
الوقت ذاته، فإن الخشية من تأثر حرية نشاطها العسكري في سوريا بسبب أي
موقف قد يغضب روسيا يوضح أنها ليست حليفة لإسرائيل، بل يمكن اعتبارها منافسة أكثر
من صديقة، لأنه على المستوى الاستراتيجي تسعى لإعادة تاج مجدها السابق، وترسيخ
نفسها في الشرق الأوسط، بعد أن طُردت منه منتصف السبعينيات، فيما تعتبر الهيمنة
الأمريكية مصلحة إسرائيلية، وهنا يمكن فهم علاقات روسيا ودعمها المبدئي لإيران
ومواقفها، خاصة في المفاوضات النووية.
أكثر
من ذلك، فإن ما قد يعزز موقفا إسرائيليا منحازا للغرب، أن روسيا تبيع أنظمة أسلحة
متطورة للغاية لأعداء إسرائيل في المنطقة، وإن ضعف سيطرتها على مستخدمي أسلحتها،
قد يسمح لبعضها بالوصول إلى أيدي المنظمات المسلحة مثل حزب الله وحماس.
يسعى
الإسرائيليون لتبرير موقفهم المتوقع ضد روسيا في الحرب، وعدم الخشية من إعاقة حرية
عملهم في سوريا، بإيراد جملة أسباب، أولها أن الروس "مشغولون" بالحرب في
أوكرانيا وفي صراع عالمي، وثانيها وعلى خلفية المنافسة مع إيران على الموارد
والنفوذ في سوريا، لدى روسيا مصلحة عميقة بألا تصبح إيران قوية جدًا، وثالثها أن
الروس سيفكرون مرتين في تهديد الطائرات الإسرائيلية، والمجازفة باستهداف طياريها،
مما يعني أن الظروف الحالية تسمح بحرية العمل في سوريا من خلال إدارة المخاطر
المحسوبة.
معاريف: 7 دروس علينا تعلمها من غزو روسيا لأوكرانيا
كيف علق قادة الاحتلال الإسرائيلي على غزو روسيا لأوكرانيا؟
تباين في المواقف الإسرائيلية من الأزمة بين روسيا وأوكرانيا