أطاحت بفاسدين.. ماذا وراء إلغاء لجنة مكافحة الفساد بالعراق؟
عربي21- وليد الخزرجي07-Mar-2203:45 AM
شارك
جيتي
أثار قرار المحكمة الاتحادية في العراق، إلغاء لجنة مكافحة الفساد والجرائم الكبيرة بعد نحو عام ونصف على تشكيلها، تساؤلات حول توقيت وتداعيات القرار، ولا سيما أنها تمكنت من الإطاحة بشخصيات عدة طالتهم اتهامات كثيرة بقضايا فساد وابتزاز مالي.
وقالت المحكمة
في بيان لها؛ إنها أصدرت قرارا يقضي "بعدم صحة الأمر الديواني رقم 29 لسنة
2020 المتضمن تشكيل لجنة دائمة للتحقيق في قضايا الفساد والجرائم المهمة، وإلغاءه
اعتبارا من تاريخ صدور الحكم".
وأضافت أن
قرار إلغاء اللجنة جاء نتيجة "مخالفتها أحكام الدستور التي تضمن حماية حرية
الإنسان وكرامته، ولمبدأ الفصل بين السلطات واستقلال القضاء"، لافتة إلى أن
"هيئة النزاهة هي هيئة دستورية تختص في التحقيق في قضايا الفساد المالي
والإداري".
"لجنة
قانونية"
وبخصوص قرار
إلغاء اللجنة التي يرأسها الفريق أول أحمد أبو رغيف، قال الخبير القانوني العراقي،
أمير الدعمي لـ"عربي21"؛ إن "المحكمة الاتحادية حكمت وأصدرت قرارها
بخصوص اللجنة، ومن ثم يعد القرار باتا، لكن وجهة نظري القانونية قد تختلف مع
المحكمة".
وأوضح الدعمي قائلا؛ إن "قرار المحكمة الاتحادية صدر بأكثرية الأعضاء وليس بالاتفاق بينهم،
بمعنى قد تكون هناك وجهة نظر قانونية أخرى لدى أعضاء المحكمة بخلاف ما أصدرته
المحكمة، لكن تبقى الأكثرية لها الغلبة في إصدار القرار".
وأكد الخبير
القانوني أن "صلاحية مجلس الوزراء بموجب النظام الداخلي وصلاحية رئيس الوزراء
هي إصدار الأوامر الديوانية، وتشكيل اللجان التحقيقية على أساس ما يراه مجلس
الوزراء، والدليل وجود قيادة عمليات بغداد (جهة عسكرية مرتبطة برئاسة الوزراء)
وقيادات للعمليات في محافظات أخرى، وكلها صدرت بأوامر ديوانية".
وأردف:
"لا يمكن أن نعيب على الأوامر الديوانية التي تشكلت بموجبه قيادة العمليات أو
لجنة مكافحة الفساد، خصوصا أن الأخيرة عملت تحت مظلة القضاء وبإشرافه بما يتوفر
لديه من معلومات، وكذلك تتحرك بناء على أوامر قبض قضائية، وليست اعتقالات
عشوائية".
وأشار الخبير
القانوني إلى أن "المحكمة الاتحادية ناقضت نفسها، فمن جرى اعتقالهم والحكم
عليهم، أدينوا من القضاء بموجب ما توفر من أدلة وتحقيقات، لذلك أنا لست مع هذا
القرار، لكن يبقى في النهاية قرارا محترما".
تداعيات
القرار
وحول تداعيات
إلغاء اللجنة، قال رئيس مركز "التفكير السياسي" في العراق، إحسان
الشمري: "بلا شك أن صدور مثل هذا القرار بإلغاء لجنة مكافحة الفساد، سيكون له
ارتدادات سلبية جدا على مستوى المشهد السياسي، وتحديدا الدور الرقابي للهيئات
المعنية بمكافحة الفساد".
وأضاف الشمري
لـ"عربي21" أن "بغض النظر عن شرعية لجنة مكافحة الفساد وفق قرار
المحكمة الاتحادية، لكنها استطاعت أن تصل إلى بعض الشخصيات التي كانت بعيدة جدا عن
المساءلة والتحقيق في ملفات الفساد التي تورطوا بها".
ورأى رئيس
مركز "التفكير السياسي" أن "القرار سيؤثر على هذه الهيئات الرقابية
من جانب، كذلك سيكون له أبعاد سياسية من جانب آخر، خصوصا في ما يرتبط بعملية
مكافحة الفساد، وأيضا استمرار ذلك الغطاء السياسي لبعض الفاسدين من خلال بعض
الأحزاب السياسية".
وتابع:
"كذلك سيكون هناك ارتدادات سلبية للقرار على شخص رئيس الوزراء العراقي، خصوصا
أن بعض القوى السياسية باتت تسوّق على أنه عمل على تأسيس لجان ليست ذات سند دستوري
أو قانوني".
واتفق الدعمي
مع ما ذهب إليه الشمري، بالقول؛ إن "باقي اللجان والتشكيلات التي صدرت بأوامر
ديوانية، كلها أصبحت عرضة للطعن بها أمام المحكمة الاتحادية، خصوصا أن الأسباب التي
استندت عليها المحكمة في قرارها الأخير، كانت أسبابا عمومية وليست بمستوى جوهر
الأمر الديواني".
وكان رئيس
الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي، أعلن في آب/ أغسطس 2020 تشكيل لجنة تحقيق عليا
بملفات الفساد الكبرى والجرائم الجنائية، برئاسة وكيل وزارة الداخلية لشؤون
الاستخبارات الفريق أول أحمد أبو رغيف.
ومنحت اللجنة
صلاحيات واسعة، واعتقلت مسؤولين كبارا وسياسيين معروفين بتهم تتعلق بالفساد، لكن
عملها لم يخل من الاتهامات.
وفي
أيلول/سبتمبر 2021، أعلن الكاظمي أن اللجنة تمكنت خلال عام واحد من استرداد أموال
منهوبة من الخارج، وكشف ملفات فساد لم تُكشف طوال 17 عاما. وكذلك أشار الكاظمي إلى
أن "اللجنة تعرضت في المقابل إلى هجوم واتهامات باطلة، كان الهدف منها إحباطها
وإحباط عملها".
توقيت لافت
وجاء قرار
إلغاء "لجنة أبو رغيف"، نتيجة شكوى تقدم بها والد المتهم بمقتل الخبير
الأمني العراقي هشام الهاشمي في 6 تموز/ يوليو 202، الذي تبيّن أنه ضابط برتبة
ملازم في وزارة الداخلية، وينتمي إلى إحدى المليشيات الموالية لإيران، حسبما كشفت
مواقع محلية.
كما جاء قرار
المحكمة بعد حادثة منع "لجنة أبو رغيف" تحويل أحد المتهمين بمحاولة
اغتيال رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي إلى قضاء الحشد الشعبي، الذي أفادت مواقع
محلية بأن المتهم ينتمي إلى مليشيا عصائب أهل الحق، بقيادة قيس الخزعلي.
وعقب إلغاء
اللجنة، قال المسؤول الأمني لمليشيا "كتائب حزب الله" في العراق
"أبو علي العسكري"، نثمن قرار
المحكمة الاتحادية الخاص بـ"لجنة أبو رغيف"، كما نوصي الأجهزة الأمنية وكل من يستطيع تنفيذ أمر القبض من أعضاء الضبط القضائي بحق "أبو رغيف"،
لينال جزاءه العادل على ما ارتكبه من "جرائم".
ودعا
"العسكري" في تغريدة على "تويتر"، السبت، "المتضررين منه
(أبو رغيف) إلى إقامة الدعاوى القانونية لاسترداد حقوقهم".