خسرت البورصة المصرية أكثر من 18 مليار جنيه (نحو 1.1 مليار دولار) خلال جلستين متتاليتين، بدفع من مبيعات المستثمرين الأجانب على الأسهم القيادية والمتوسطة خوفا من تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية، ليرتفع إجمالي خسائر البورصة أكثر من 85 مليار جنيه (5.4 مليار دولار) منذ بداية عام 2022.
وخسر رأس المال السوقي المصري نحو 13.5 مليار جنيه (860 مليون دولار)، خلال جلسة أمس الثلاثاء ليغلق عند مستوى 680.44 مليار جنيه، وخسر خلال الجلسة السابقة 14.57 مليار جنيه (927.5 مليون دولار).
باع مستثمرون أجانب يسارعون للخروج من الأسواق الناشئة عقب الغزو الروسي لأوكرانيا سندات خزانة مصرية بنحو 1.19 مليار دولار في ثلاثة أيام فقط، مع استمرار النشاط في السوق الثانوية يوم الثلاثاء، ووفقا لرويترز.
وقال مصرفيون إن المستثمرين يقلصون مراكزهم في مصر منذ الغزو الذي بدأ في 24 شباط/فبراير مما يعكس مخاوف من عجز كبير في الحساب الجاري والميزانية في مصر، فضلا عن الانكشاف على مخاطر احتمال قيام مجلس الاحتياطي الاتحادي (البنك المركزي الأمريكي) رفع أسعار الفائدة.
ويقولون إن المستثمرين يخشون تقلص قيمة حيازاتهم إذا اضطرت مصر لخفض قيمة عملتها.
وذكرت بيانات للبورصة أن غير المصريين باعوا الثلاثاء سندات خزانة بقيمة 5.79 مليار جنيه مصري (369.73 مليون دولار) بعد أن باعوا سندات بقيمة 7.79 مليار جنيه يوم الاثنين و 5.10 مليار جنيه يوم الأحد.
ولا تعلن البورصة أرقام مبيعات أذون الخزانة، التي تبلغ آجال استحقاقها سنة أو أقل. ويقول مصرفيون إن الأجانب يبيعون تلك الآجال الأقصر أيضا.
وواجهت أيضا السندات السيادية المصرية بالعملة الصعبة ضغوطا مع تداول العديد من الإصدارات الأطول أجلا عند أو بالقرب من أدنى مستوياتها القياسية بين 63 و66 سنتا للدولار.
وزادت العلاوة التي يطالب بها المستثمرون للاحتفاظ بالسندات الدولارية في مصر، على سندات الخزانة الأمريكية الآمنة، إلى مستوى قياسي بلغ 980 نقطة أساس، في حين تضاعفت تكلفة التأمين ضد التخلف عن سداد ديون الحكومة المصرية، باستخدام ما يعرف باسم مبادلة مخاطر الائتمان السيادية، إلى أعلى مستوياتها في الأيام الأخيرة.
وقالت مؤسسة (آي اتش إس ماركت) إن تكلفة مبادلة مخاطر الائتمان السيادية على الديون السيادية المصرية لأجل خمس سنوات بلغت 1078 يوم الثلاثاء مقارنة مع 538 عندما بدأ الغزو الروسي.
وقال محللو أسواق المال إن التراجعات التي شهدتها البورصة المصرية تأثرت بتراجعات أسواق المال العالمية، نتيجة الأزمة الروسية-الأوكرانية، ما زاد احتمالات المخاطر التضخمية الأوسع نطاقا ومخاطر إبطاء النمو الاقتصادي.
لكن الخبير الاقتصادي المصري هاني توفيق، أرجع خسائر البورصة المصرية على مدار الأسبوع الماضي إلى ما وصفه بـ"معوقات الاستثمار المعروفة"، مؤكدا أن انخفاض قيمة رأس مال البورصة المصرية بعشرات الميارات خلال أسبوع هو أمر مقلق.
وأضاف توفيق، في تدوينه عبر حسابه بموقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك": "ما يقلق هو مبيعات الأجانب بالذات، الذين باعوا أسهما بـ 800 مليون جنيه في يومين"، متسائلا: "هل المستثمرون الأجانب يرون شيئاً لا نراه نحن؟".
وقال نائب رئيس مجلس إدارة إحدى شركات السمسرة، إن البورصة المصرية شهدت مبيعات مكثفة من المستثمرين الأجانب خلال الجلسات الماضية بسبب مخاوف الحرب الروسية على أوكرانيا، وتركزت المبيعات الأجنبية على سهم البنك التجاري الدولي (مصر) -وهو أكبر وزن نسبي بالمؤشر الرئيسي- والذي قاد السوق إلى التراجع بشكل كبير في آخر الجلسات، وفقا لـ"سي أن أن".
وخلال الأسبوع الماضي، سجل المتعاملون الأجانب بالبورصة صافي بيع بلغ 493 مليون جنيه (31.3 مليون دولار) واستحوذوا على نسبة 19.4 بالمئة من إجمالي التعاملات بالسوق، فيما سجل المستثمرون العرب صافي شراء بلغ 309 ملايين جنيه (19.6 مليون دولار)، بحسب تقرير البورصة المصرية الأسبوعي.
وحاولت المؤسسات المحلية تعويض خروج المؤسسات الأجنبية من سوق الأسهم المصرية، إلا أن مبيعات الأخيرة كانت قوية بشكل كبير، ما أدى إلى تراجع الأسهم لمستويات مغرية مقارنة بأسعار الأسهم في المنطقة، ويأتي ذلك على الرغم من استفادة بعض الأسهم من الحرب مثل أسهم الأسمدة والبتروكيماويات بشكل مباشر وسريع نتيجة ارتفاع أسعار منتجاتها عالميا، بحسب الشهيدي.
ونقلت "سي أن أن" عن خبير الاقتصاد بشركة الحرية لتداول الأوراق المالية، حنان رمسيس، قولها إن البورصة المصرية تعاني منذ بداية العام من انخفاض وأحجام وقيم التداول ومشاكل إدارية تتعلق بوقف أكواد للمستثمرين وإلغاء عمليات على بعض الأوراق المالية، ما أدى إلى عزوف المستثمرين الأفراد عن البورصة -رغم أنهم كانوا يمثلون النسبة العظمى بسوق المال المصري- وعمقت الحرب الروسية على أوكرانيا من خسائر البورصة، متأثرة بهبوط أسواق المال العالمية، في حين انعكس الأداء بأسواق الأسهم الخليجية، والتي ارتفعت نتيجة زيادة أسعار النفط.
وأثر انخفاض سعر شهادات الإيداع الدولية لسهم البنك التجاري الدولي في بورصة لندن، سلبا على أدائه في البورصة المصرية، لينخفض بنسبة 10 بالمئة خلال جلستين، ما أدى إلى تراجع المؤشر الرئيسي بنسبة كبيرة لأن السهم يمثل أعلى وزن نسبي بالمؤشر، بحسب رمسيس.
واتفق معها عضو مجلس إدارة شعبة الأوراق المالية في اتحاد الغرف التجارية، محمد كمال، أن تراجع البورصة المصرية هو نتيجة عوامل خارجية أبرزها الحرب الروسية على أوكرانيا وارتفاع نسب التضخم العالمية وأسعار الشحن وتأثر سلاسل الإمداد، وعوامل داخلية أبزرها فرض ضريبة الأرباح الرأسمالية على المستثمرين منذ مطلع العام الجاري، مضيفا أن استمرار الحرب الروسية على أوكرانيا سيواصل التأثير سلبا على السوق خلال الفترة المقبلة نتيجة تخارج المستثمرين الأجانب.
وتوقع خبير سوق المال وعضو مجلس إدارة البورصة المصرية السابق، إيهاب السعيد، أن يستكمل مؤشر البورصة الرئيسى EGX30 رحلة الهبوط أسفل مستوى الدعم 10300 نقطة، على أن يصل إلى هامش الـ9800 نقطة، والتي تُعد بمثابة مستوى الدعم الرئيسي للمؤشر خلال المدى القريب والمتوسط، وفقا لصحيفة "المال نيوز".
وتابع: "البورصة المصرية لم تستفد من حالة الانتعاش التى عاشها الاقتصاد العالمي بدعم انخفاض تداعيات جائحة فيروس كورونا، وبداية تحسن مؤشرات الاقتصاد الكلي، بالإضافة إلى عدم استفادتها من ارتفاع معدلات التضخم والمتمثلة في ارتفاع أسعار الأسهم".
وأوضح السعيد أن السوق المحلية غير جاذبة للاستثمارات الأجنبية والعربية، بل إنها حاليا تشهد حالة من التخارج المتسارع للمستثمرين الأجانب.
هروب جماعي للمستثمرين من مصر.. "الأموال الساخنة تتبخر"
بنك إماراتي يوقف إقراض البنوك الروسية خشية العقوبات الغربية
كم تبلغ فاتورة الحرب الروسية الأوكرانية على اقتصاد مصر؟