مع اقتراب انعقاد جلسة البرلمان العراقي لانتخاب رئيس الجمهورية، فإن كتلة النواب المستقلين (48 نائبا) ازدادت أهميتها بشكل كبير، وأصبحت تمثل "بيضة القبان" التي تعول عليها القوى البرلمانية الكبيرة المتصارعة على حسم تحقيق نصاب الجلسة من عدمه.
وتتطلب الجلسة المقرر انعقادها السبت، حضور 220 نائبا من أصل 329 حتى تحقق النصاب القانوني، الأمر الذي جعل التحالف الثلاثي (190 نائبا) إلى دعوة المستقلين للحضور، فيما يعمل "الإطار التنسيقي" الشيعي وحلفاؤه (88 نائبا) على ضمان حصول العكس.
مؤشرات الجلسة
وتعليقا على ذلك، قال الخبير في الشأن السياسي العراقي، الدكتور مهند الجنابي لـ"عربي21"؛ إن "أهمية النواب المستقلين ازدادت مع اقتراب جلسة انتخاب رئيس الجمهورية، وقرار المحكمة الاتحادي القاضي بوجوب تحقق نصاب الثلثين لجلسة انتخاب رئيس البلاد".
وأضاف الجنابي: "بناء على المواقف التي صدرت من النواب المستقلين والكتل المستقلة، فإنهم ذاهبون إلى الحضور للجلسة البرلمانية، السبت، والمشاركة في انتخاب رئيس الجمهورية الجديد للبلاد".
اقرأ أيضا: الصدر يدعو النواب المستقلين لدعم تشكيل حكومة أغلبية بالعراق
وأوضح الخبير أن "حضورهم ليس بالضرورة يحسب للتحالف الثلاثي (التيار الصدري، الحزب الديمقراطي الكردستاني، تحالف السيادة) وهو إكمال النصاب، وإنما بالأصل هو من واجب النائب حضور جلسات البرلمان، ويزداد ذلك عندما تكون جلسة دستورية مثل انتخاب رئيس الجمهورية".
وتابع بأن "الأمر الآخر الذي يوجب حضور النواب لجلسة البرلمان، السبت، هو ضرورة المضي في تشكيل الحكومة؛ لأنها تعد متعطلة منذ ستة أشهر، وأن الحكومة الحالية هي لتصريف الأعمال، وهناك أولويات يجب أن تكون الحكومة كاملة الصلاحيات لإنجازها".
ولفت الجنابي إلى أن "المؤشرات الحالية تميل إلى أن النصاب سيتحقق في جلسة انتخاب رئيس الجمهورية، وفي الوقت ذاته، فإن مساعي الإطار التنسيقي لتشكيل الثلث المعطل لم تتحقق حتى الآن، فهم تركوا الأمر إلى موعد الجلسة".
ورأى الخبير أنه "مع ازدياد أهمية المستقلين بجلسة انتخاب رئيس الجمهورية، فهناك فرصة ليشكلوا معارضة حقيقية في البرلمان، ولذلك عليهم الذهاب باتجاه تنسيق مواقفهم والتوحّد لتشكيل معارضة حقيقية، تقوّم عمل الحكومة وتعزز موقف البرلمان".
وتوقع الجنابي أنه "طالما أعلن التحالف الثلاثي عن مرشحين اثنين أحدهما لرئاسة الجمهورية والآخر لرئاسة الوزراء، فإنه من الممكن بمجرد تحقق النصاب وانتخاب الرئيس، أن تشهد الجلسة ذاتها تكليف محمد جعفر الصدر لتشكيل الحكومة، كما حصل في عام 2018".
ولفت الخبير إلى أنه "إذا مضى هذا السيناريو، فإننا ربما نشهد منح الثقة للحكومة في منتصف نيسان/ أبريل المقبل، أي قبل انتهاء مهلة الـ30 يوما، لأن التسهيلات ستكون كبيرة لاكتمال الفريق الحكومي للمرشح (رئيس الوزراء المكلف) ونيل ثقة البرلمان".
المطالبة بضمانات
من جانبه، قال المحلل السياسي العراقي، غالب الدعمي، لـ"عربي21"؛ إن "كثيرا من النواب الذين وصلوا إلى البرلمان تحت عنوان مستقلين، هم رشحوا بدعم من القوى السياسية التقليدية".
وأوضح الدعمي أن "عدد المستقلين يصل إلى 48 نائبا، لكن عددا منهم أعلنوا اصطفافهم مع قوى سياسية؛ سواء مع التيار الصدري أو تحالف الفتح أو ائتلاف دولة القانون، وآخرون مع السنة والأكراد".
ولفت إلى أن "ما تبقى من المستقلين هو 34 نائبا، من ضمنهم تحالف العراق الذي يجمع حركتي (الجيد الجديد) و(امتداد) ويصل عددهم إلى 17 نائبا، وهؤلاء على الأرجح سيحضرون الجلسة، بعدما قدموا 16 مطلبا وطالبوا بالحصول على ضمانات".
اقرأ أيضا: إرجاء انتخاب رئيس العراق وسط مقاطعات قادتها كتلة الصدر
وبيّن المحلل السياسي، أن "هذه المطالب تتعلق بموضوع إنهاء أزمة الكهرباء والتوظيف وكشف قتلة المتظاهرين والبرنامج الحكومة، وأنهم بمجرد أخذ ضمانات لتحقيقها، فإنهم سيحضرون للجلسة".
ونوّه الدعمي إلى أن "هناك عشرة من نواب المستقلين أعلنوا انضمامهم إلى كتلة التيار الصدري، وما تبقى هي كتلة "إشراقة كانون" (6 مقاعد) وهؤلاء منقسمون على نفسهم، ولم يعلنوا عن موقفهم".
وقال: "كذلك إذا حضرت كتلة بابليون المسيحية (4 مقاعد) ومجموعة من نواب تحالف عزم (السني)، فإن الجلسة ستعقد بسهولة؛ لأن التحالف الثلاثي بلغ الآن عددهم بحدود 190 نائبا، وهم بحاجة إلى حضور 30 نائبا".
وأكد الدعمي أنه "إذا جرى انتخاب رئيس الجمهورية، فبمجرد مباشرته في منصبة سيكلف جعفر الصدر مرشح التحالف الثلاثي بتشكيل الحكومة، وعلى حد علمي فإن التحالف سمى المرشحين للوزارات وحصل توافق عليهم، بمعنى أن الحكومة لن تأخذ وقتا في تشكيلها".
الكتلة الأكبر
وعلى مقربة من انعقاد جلسة انتخاب رئيس جديد للعراق، أعلن التحالف الثلاثي، الأربعاء، تشكيل تحالف "إنقاذ الوطن" الكتلة الأكثر عددا في البرلمان، التي قدمت كلا من "ريبر أحمد" مرشحا لمنصب رئيس الجمهورية، و"جعفر الصدر" لرئاسة الوزراء.
وقال رئيس الكتلة الصدرية حسن العذاري، في مؤتمر صحفي حضرته قيادات "التحالف الثلاثي"؛ إن "تحالف إنقاذ الوطن ماض في تشكيل حكومة الأغلبية الوطنية وسيكمل المسيرة الإصلاحية".
وفي وقت لاحق، عد زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، إعلان التحالف الثلاثي، الكتلة الأكبر في البرلمان، مرشحيه لرئاسة الجمهورية والوزراء: "إنجازا فريدا ومهما"، فيما حذر أنه "لن يقف مكتوف الأيدي".
وقال الصدر في تغريدة على "تويتر": "أبارك للشعب العراقي إعلان الكتلة الأكثر عددا، والإعلان عن مرشحي رئاسة الجمهورية ورئاسة مجلس الوزراء من خلال الفضاء الوطني، فإنني أعد ذلك إنجازا فريدا ومهمة لإنقاذ الوطن".
وتمنى الصدر "إتمام تشكيل حكومة أغلبية وطنية بلا تسويف وتأخير"، وقال؛ إن "كل أمله أن تكون حكومة قادرة على النهوض بالواقع المرير وببرنامج حكومي واضح، وبسقوف زمنية يرتضيها الشعب".
وحذر بالقول: "لن أبقى مكتوف الأيدي إذا ما تكررت المأساة السابقة، وإن كان ذلك من ينتمي لي، فضلا عن غيرهم، فإنني مع الشعب فقط، لأرضي ربي وضميري، ولن أحيد عن الإصلاح وهيبة الوطن".
وغرّد المرشح لرئاسة العراق، ربير أحمد، قائلا: "تشرفت اليوم بنيل ثقة تحالف (إنقاذ الوطن) بتسميتي مرشحا لمنصب رئيس الجمهورية، متعهدا بالعمل من أجل تثبيت دعائم دولة مؤسساتية عصرية تلبي تطلعات المواطنين. ومن الله التوفيق".
وكذلك، كتب المرشح لرئاسة الحكومة سفير العراق الحالي في لندن محمد جعفر الصدر، على "تويتر"، قائلا: "يشرفني أن أكون مرشحا لتحالف يمثل الوطن بكل أطيافه؛ لنعمل معا لاستعادة الدولة التي يطمح لها جميع أبناء بلدي الغالي".
الصدر يشترط للتحالف مع "الإطار الشيعي".. هل تنتهي الأزمة؟
كيف يؤثر قصف أربيل على العلاقة بين إيران والعراق؟
محللون يقرأون أسباب مبادرة الصدر لإنهاء مقاطعته مع المالكي