صحافة دولية

تحقيق: فريق اغتيالات تعقب أحد خصوم بوتين قبل مقتله

السلطات الروسية تنفي ضلوعها بأي شكل من الأشكال في قتل نيمتسوف - جيتي

كشف تحقيق عن تتبع فريق اغتيالات سياسية، للمعارض الروسي بوريس نيمتسوف، بشكل سري على مدى قرابة العام قبل تعرضه لإطلاق نار أودى بحياته.

وقال التحقيق إن عميلا ذا صلة بفريق اغتيالات سياسية، تعقب نيمتسوف سرا خلال 13 رحلة قام بها قبل مقتله.

كان نيمتسوف خصما شرسا للرئيس فلاديمير بوتين. وكانت جريمة قتله في عام 2015 هي حادث القتل السياسي الأشهر منذ اعتلاء بوتين سدة الحكم.

وتعتبر جريمة قتل المعارض الروسي في عام 2015، الحادث السياسي الأشهر منذ اعتلاء بوتين سدة الحكم، في حين تنفي السلطات الروسية ضلوعها بأي شكل من الأشكال في قتل نيمتسوف.

وتعرض نيمتسوف لإطلاق نار أسفر عن مصرعه على مسافة أمتار فقط من الكرملين، في 27 فبراير/ شباط عام 2015، وذلك قبل أيام فقط من مظاهرة كان ينوي أن يتزعمها للاحتجاج على الحرب.

واعتقلت السلطات الروسية خمسة أشخاص من أصل شيشاني، وحوكموا لاحقا بتهمة قتله. لكن التحقيقات الرسمية لم تجب عن السؤالين الأكثر إلحاحا: من أمر بقتله ولماذا؟

وأكد التحقيق الذي أجرته هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي" بالتعاون مع موقعي الصحافة الاستقصائية بيلينغكات وذي إنسايدر، أن عميلا حكوميا ذا صلة بفريق اغتيالات سري كان يتتبع نيمتسوف عبر أنحاء روسيا في الأشهر التي سبقت مقتله.


وأوضح التحقيق أن العميل تعقب نيمتسوف خلال ما لا يقل عن 13 رحلة، وكانت المرة الأخيرة التي تم فيها تعقب المعارض الروسي في 17 فبراير/ شباط عام 2015، أي قبل أيام فقط من عملية الاغتيال.

وأشار إلى أن اسم العميل هو فاليري سوخاريف، الذي كان يعمل مع وكالة الأمن الروسية الرئيسية المعروفة اختصارا بـ"إف إس بي"، موضحة أن من بين اختصاصات الوكالة التعامل مع التهديدات السياسية نيابة عن الكرملين، بما في ذلك مراقبة تحركات الناس داخل البلاد.

ولفت إلى أن قاعدة بيانات "إف إس بي" التي تعرف باسم ماجيسترال، تخزن كافة بيانات رحلات الطيران والقطارات ضمن قاعدة بيانات، ولكن قاعدة البيانات لا تسجل تحركات الأشخاص الذين قد يرغب العملاء الروس في تعقبهم فحسب، ولكن باستطاعتها كذلك كشف تحركات العملاء أنفسهم - أي أشخاص من أمثال سوخاريف.

وقال كريستو غورزيف المدير التنفيذي لموقع بيلينغكات: "في مجتمع فاسد مثل روسيا، تعتبر [الماجيسترال] سلاحا ذا حدين.. فهي تسمح لأشخاص مثلنا أن نذهب ونقتفي أثر هؤلاء الجواسيس أنفسهم، ضباط إف إس بي هؤلاء".

ووفق "بي بي سي" فإن بيلينغكات قامت بشراء بعض البيانات الأصلية التي استخدمها هذا التحقيق عن طريق وسطاء داخل روسيا، حصلوا على البيانات من مسؤولين فاسدين مطلعين على ماجيسترال، واستخدمت "بي بي سي" بيانات أعطيت لها بدون مقابل من قبل مصادر مصرح لها بالاطلاع على نسخ من ماجيسترال.

ونبه إلى أن غالبية رحلات نيمتسوف كانت من موسكو، حيث كان يعيش، إلى ياروسلافل الواقعة على بعد 272 كيلومترا شمال شرقي العاصمة، وهي مقر البرلمان الإقليمي الذي كان عضوا فيه.

ووفق التحقيق، فإن سوخاريف كان على علم مسبق بخطط نيمتسوف لأنه عادة ما كان يصل إلى نفس المدينة قبل دقائق أو ساعات من وصول المعارض الروسي.

وأكد غورزيف أنه "إذا كنت ضابطا بوكالة إف إس بي، فسيكون باستطاعتك الدخول إلى قاعدة البيانات تلك، ورؤية كافة التذاكر التي يشتريها شخص ما - التذاكر التي اشتراها في الماضي وتلك التي يشتريها في نفس اللحظة".

 

اقرأ أيضا: عقوبات أمريكية وبريطانية جديدة ضد روسيا بسبب "نافالني"

فرقة السم

وشدد التحقيق على أن سوخاريف لم يكن مجرد عميل صغير يقوم بعمل روتيني، فقد ربط موقع بيلينغكات خلال تحقيق سابق بينه وبين ما بدا محاولتي اغتيال استهدفت كلتاهما نقادا بارزين لبوتين.

ورأى أن الهدف الأول كان صديق نيمتسوف وتلميذه فلاديمير كارا-مورزا، وهو سياسي معارض وجه أصابع الاتهام صوب الكرملين خلال الأسابيع التي تلت عملية قتل نيمتسوف.

وكان الهدف الثاني أليكساي نافالني، الزعيم المعارض القابع في السجن في الوقت الحالي، والذي وصلت مقاطعه المصورة المناهضة للفساد إلى ملايين الروس.

وتعرض نافالني في عام 2020، للتسميم بغاز الأعصاب "نوفيتشوك" الذي تم تطويره في الاتحاد السوفيتي، وهو غاز محظور بموجب القانون الدولي، حيث توصل موقع بيلينغكات إلى أن فريق "إف إس بي" تتبع نافالني إلى مدينة تومسك في الشرق قبل عملية التسميم مباشرة.

وجد الموقع أن سوخاريف لم يكن جزءا من الفريق الذي قام فعليا بتتبع نافالني على الأرض. ولكن تسجيلات لأرقام هاتفية تظهر أنه في الأشهر التي سبقت تسميم نافالني، تبادل سوخاريف 145 مكالمة هاتفية أو رسالة نصية مع ما لا يقل عن أربعة من أعضاء ذلك الفريق، فضلا عن ضابط رفيع المستوى في وكالة إف إس بي.

أربعة من هؤلاء الرجال كانوا من بين سبعة عملاء بالوكالة فُرضت عليهم عقوبات لاحقا من قبل حكومتي الولايات المتحدة والمملكة المتحدة، لتورطهم في محاولة الاغتيال.

ونفت الحكومة الروسية القيام بأي دور في تسميم نافالني، وقال ديميتري بيسكوف الناطق باسم الكرملين، إن "كل ذلك لا علاقة له بالحكومة الروسية. إنه افتراء جديد على ما يبدو"، في حين رفضت وكالة "إف إس بي" التعليق على التحقيق.