لا يكاد يمر يوم دون أن يعمد الاحتلال إلى اقتحام أو محاصرة أو مواجهة أهالي قرية كوبر برام الله، أو أن يواجه الفلسطينيون هجمات المستوطنين التي لا تقتصر على مضايقة أهالي القرية فقط وإنما تدمير ممتلكاتهم ومزارعهم وأراضيهم.
قرية محاطة بالمستعمرات الصهيونية، ومن فوق تلالها يرى سكانها مدينة القدس المحتلة، فهي لا تبعد عن القدس سوى 20 كلم.
ووفقا لمجلس قرية كوبر، فإن اسم القرية "كوبر" يعني "المكان الذي يوجد فيه الجبس" بسبب احتوائه على رواسب جبس وفيرة.
ويعمل غالبية سكان قرية كوبر في الزراعة والصناعة، وغالبيتهم من شريحة العمال، وتقع على ارتفاع 670 مترا فوق مستوى سطح البحر. وتحيط بكوبر قرى وبلدات: "أم صفا" و"بيرزيت" و"النبي صالح" و"دير نظام" و"بيتللو" و"دير عمار" و"أبو شخيدم" و"المزرعة القبلية".
قوات الاحتلال تغلق مدخل قرية كوبر
تاريخيا، مرت على القرية جميع العصور والفترات التاريخية المتعددة التي مرت بها فلسطين، وفي عهد الدولة العثمانية في عام 1517 كانت تتبع ولاية شرق بيروت. وفي عام 1596 ظهر لأول مرة اسم كوبر في سجلات الضرائب العثمانية وكان يسكنها 31 أسرة، وكانت إداريا تتبع ناحية جبل القدس ضمن لواء القدس، حيث دفعوا معدلا ثابتا للضريبة على المنتجات الزراعية المختلفة مثل: القمح، والشعير، والمحاصيل الصيفية، والزيتون، والماعز، وخلايا النحل.
وفي عام 1838 زار الباحث الأمريكي إدوارد روبنسون القرية وذكر أنها "قرية مسلمة ضمن منطقة بني زيد، شمالي القدس". كما أنه عثر على آثار تعود للعهد العثماني في القرية.
وفي عام 1863، وصل المستكشف الفرنسي فيكتور غويرين إلى كوبر، وأشار إلى أن عدد سكانها 600 نسمة، وفيها مقام للشيخ أحمد. ويتوافق تقدير فيكتور مع قائمة إحصاء رسمي عثماني في 1870، والتي ذكرت أن في القرية 48 منزلا.
في عام 1882، أجرى صندوق استكشاف فلسطين الغربية، مسحا للقرية ووصفها بأنها "قرية صغيرة على قمة تل، فيها مقابر صخرية، وخزان محاط بأشجار الزيتون".
وفي عام 1896، قدر عدد سكان القرية بحوالي 444 نسمة.
وبعد دخول قوات الانتداب البريطاني فلسطين وقعت كوبر بيد الجيش البريطاني، ودخلت القرية مع باقي فلسطين مظلة الحكم والاحتلال البريطاني عام 1920 حتى نكبة عام 1948.
وأجرت سلطات الانتداب البريطاني تعدادا عاما للسكان عام 1922، وقد بلغ عدد السكان حوالي 447 نسمة، ثم ازداد عددهم حتى وصل إلى 546 نسمة يسكنون في 122 منزلا في تعداد عام 1931.
في إحصائيات عام 1945، بلغ عدد سكان كوبر نحو 610 نسمات، وكانت مساحة القرية حوالي 9,768 دونما، وفقا لمسح رسمي للأراضي والسكان.
فيما بلغ مجموع سكان القرية عام 2011، نحو 4741 نسمة، بحسب آخر إحصائية رسمية.
بعد هدنة 1949، وفي أوائل خمسينيات القرن العشرين خضعت كوبر للحكم الأردني، وكان عدد سكانها آنذاك حوالي 934 نسمة في إحصاء عام 1961. ووقعت القرية تحت الاحتلال الإسرائيلي بعد حرب حزيران/ يونيو عام 1967.
ويقبع حاليا من أبناء البلدة نحو 20 أسيرا في سجون الاحتلال الإسرائيلي، ثمانية منهم محكومون بالمؤبد وأحكام عالية، وهي مسقط رأس عميد الأسرى الفلسطينيين نائل البرغوثي، الذي قضى حتى الآن 37 سنة في سجون الاحتلال، وبلدة الأسير القيادي في "فتح" مروان البرغوثي، المحكوم بخمسة مؤبدات، وأحد الرموز الفلسطينية في الضفة الغربية..
ومنها كذلك الأسير مراد وليد البرغوثي المحكوم بالسجن 10 مؤبدات والمعتقل عام 2003، والأسير شادي فخري البرغوثي المحكوم بالسجن 29 عاما واعتقل عام 2003، والأسير عمر العبد المحكوم بالسجن 4 مؤبدات والذي اعتقل عام 2017.
تصدى
أهالي قرية كوبر للاحتلال لدى اقتحامه القرية
ولبلدة كوبر قصة طويلة مع الاستيطان.. ففي نظرة سريعة على الخارطة، بالكاد ترى القرية، فقد قضمت مستوطنة "عطروت" أراضيها من الجهة الشرقية، فيما سرقتها مستوطنة "حلميش" من الجهة الشمالية التي أقامها الاحتلال عام 1977 فوق أراضي عدد من قرى وبلدات شمالي رام الله، ومنها قرية كوبر.
وتستنزف أراض فلسطينية، في مسعى لتوسعة بنايات المستوطنة ومصانعها، فيما يجابه أهالي القرية مخططات الاحتلال وحصاره للقرية بمسيرات أسبوعية، وليلية حيث استشهد عدد من أهالي القرية في مواجهات سابقة شهدتها المنطقة.
كوبر قرية على خط المواجهة مع جيش الاحتلال وآلياته التي تقتحم المنطقة باستمرار لغايات الاعتقال أو الهدم أو مصادرة الأراضي لصالح الاستيطان التوسعي الصهيوني.
وهي قرية ترتدي قفزات التحدي وترفع راية المقاومة والدم في وجه احتلال عنصري وتوسعي لا يرحم.
المراجع
ـ تعرف على "كوبر".. قرية الثائر "عمر العبد"، المركز الفلسطيني للإعلام، 22/7/2017.
ـ يامن نوباني وإيهاب الريماوي، كوبر.. بلدة أوجعت الاحتلال، وكالة الأنباء والمعلومات الفلسطينية، 17/4/2019.
ـ محمد عبيدات، كوبر الفلسطينية...حاضنة شعبية للمقاومة، العربي الجديد، 6/10/2018.
ـ "كوبر".. قرية الضفة الثائرة، موقع الرسالة نت، 11/5/2020.
جامع كاتب الولاية.. نموذج للتعايش والتسامح الديني في غزة
سخنين.. بلاد الأرجواني ومفجرة يوم الأرض
فلسطينيو الداخل.. إبداع وتمسك بالهوية والوطن رغم الألم