وصفت صحيفة "نيويورك تايمز" في تقرير مطول مسار تشكل التمحور التجاري الجديد الذي يقوده جاريد كوشنر، صهر الرئيس دونالد جيه ترامب ومستشاره، لإنشاء "ممر استثماري" بين الاحتلال والمملكة العربية السعودية من خلال الاستثمار في شركات تكنولوجيا إسرائيلية، بأنه سريع.
ويستعد صهر ترامب إلى استثمار أموال بحوالي 3 مليارات دولار في شركات تكنولوجيا إسرائيلية لإنشاء "ممر استثماري" بين الاحتلال والمملكة العربية السعودية، انطلاقا من اتفاقات أبراهام للتطبيع بين الدول العربية والاحتلال الإسرائيلي.
وقالت الصحيفة إن الاستثمار السعودي مع كوشنر تم على الرغم من اعتراضات الهيئة الاستشارية بسبب انعدام خبرته في المجال، وبسبب غياب مستثمرين كبار آخرين، وارتفاع الرسوم التي يجبيها وكذلك "مخاطر العلاقات العامة" الناجمة عن ارتباطاته بالرئيس الأمريكي السابق.
وأشارت "نيويورك تايمز" إلى أن منوشين توصل إلى اتفاقات مع الجانب السعودي من خلال علاقاته ومعارفه غير الرسمية في المملكة، حيث كان أحد الاجتماعات الأولى له مع ياسر الرميان، رئيس الصندوق السعودي، في سبتمبر/ أيلول من عام 2017 على مائدة إفطار في منزل ستيفين إيه شوارزمان، كبير المديرين في بلاكستون وجار السيد منوشين.
وتاليا المقال كاملا كما ترجمته "عربي21":
قبل وقت قصير من انتخابات 2020، كشف المسؤولون في إدارة ترامب عن برنامج ترعاه الحكومة الأمريكية يسمى صندوق أبراهام قالوا إنه سوف يجمع 3 مليارات دولار لمشاريع تنفذ في مختلف أرجاء الشرق الأوسط.
يتعهد الصندوق، الذي يقوده جاريد كوشنر، صهر الرئيس دونالد جيه ترامب ومستشاره، بالبناء على الاتفاقيات الدبلوماسية التي كان بطلها بين إسرائيل وبعض الدول العربية – والتي تعرف باسم اتفاقيات أبراهام. أما ستفين منوشين، الذي كان حينها وزير الخزانة، فقد ساعد في تدشين الصندوق أثناء رحلة قام بها إلى كل من إسرائيل والإمارات العربية المتحدة حيث أشاد بالاتفاقيات باعتبارها "أساسا متينا للنمو الاقتصادي".
لم يكن ذلك أكثر من مجرد كلام، فبدون حسابات ولا موظفين ولا إيراد أو مشاريع، ما لبث الصندوق أن اختفى بمجرد مغادرة الرئيس ترامب البيت الأبيض. إلا أنه وبعد لقاءات تصادف وقوعها في الشرق الأوسط بين كوشنر ومنوشين في الشهور الأخيرة من عمر الإدارة خلال رحلات تخللتها محاولات لجمع المال من أجل المشروع، فإنه ما لبث كل منهما على حدة أن دشن صندوقاً خاصاً تم من خلاله استئناف المسار من حيث انتهى إليه صندوق أبراهام.
جلب كوشنر ومنوشين معهما كبار مساعديهما الذين ساعدوهما في التقرب من حكام الخليج أثناء الترويج لصندوق أبراهام، وسرعان ما عاد الرجلان إلى نفس الدواوين الملكية يطلبون الاستثمارات، ولكن هذه المرة من أجل مشاريع تجارية بحتة.
خلال ثلاثة أشهر وزعت شركة السيد منوشين خططاً استثمارية مفصلة وتلقت تعهدات باستثمار 500 مليون دولار من الإماراتيين والكويتيين والقطريين، وذلك بحسب وثائق لم تنشر من قبل أعدها صندوق الثروة السيادي السعودي الرئيسي، والذي ما لبث هو نفسه أن تعهد بمليار دولار. أما شركة السيد كوشنر الجديدة فتوصلت بعد ستة أشهر فقط من تركه للحكومة إلى اتفاق تحصل بموجبه على ملياري دولار من الاستثمارات من السعوديين.
أثار التقرير الذي نشرته صحيفة "نيويورك تايمز" الشهر الماضي، وكشف عن الاستثمارات السعودية في صناديق كوشنر ومنوشين، حفيظة خبراء التعاملات الأخلاقية والمشرعين في الحزب الديمقراطي الذين دقوا جرس الإنذار محذرين مما يبدو أنه دفعات مالية مقابل أعمال رسمية تمت في فترة إدارة ترامب.
إلا أن الرحلات التي قام بها الرجلان قريباً من نهاية فترة رئاسة ترامب تثير تساؤلات أخرى حول ما إذا كانا يسعيان لاستغلال العلاقات الرسمية مع الزعماء الأجانب تحقيقاً لمصالح تجارية خاصة.
وخلال الأسابيع التي تلت الانتخابات، قام السيد كوشنر بثلاث رحلات إلى الشرق الأوسط، كان آخرها بهدف حضور قمة انعقدت يوم الخامس من يناير في المملكة العربية السعودية وشارك فيها زعماء الممالك الخليجية. في ذلك اليوم بدأ السيد منوشين جولة في المنطقة كان مقرراً لها أن تشتمل على لقاءات خاصة مع قادة صناديق الثروة السيادية في المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة وقطر والكويت – وكلهم مستثمرون مستقبليون. (لكنه اختصر الجولة بعد أحداث الشغب التي وقعت في مقر الكونغرس، فأسقط زيارة الكويت ولم يجتمع في المملكة العربية السعودية إلا بوزير المالية).
وقام مساعدو السيد كوشنر أحياناً بتصوير شركته الخاصة، أفينيتي بارتنرز، كما لو كانت استمراراً لصندوق أبراهام. وأثناء رحلة إلى إسرائيل في شهر مارس استمرت أربعة أيام للقاء شركات راغبة في الاستثمار، قدم فريق السيد كوشنر الشركة باعتبارها فرصة للاستثمار في أجواء اتفاقيات أبراهام السلمية، بحسب ما ذكره أشخاص سمعوا الكلام، ثم تحدثوا شريطة عدم الإفصاح عن هويتهم.
كلا الرجلين، السيد كوشنر والسيد منوشين، وظفا عدداً من المساعدين ممن كانوا ضالعين بعمق في الاتفاقيات، ومنهم أحد كبار المدراء في أفينيتي بارتنرز، وهو اللواء ميغيل كوريا، الملحق العسكري السابق في الإمارات والذي عمل فيما بعد داخل البيت الأبيض. ومن ضمن كبار المدراء في صندوق السيد منوشين، والذي يعرف باسم ليبرتي ستراتيجيك كابيتال، السفير السابق في إسرائيل والمساعد السابق في وزارة المالية الذي ساعد في ترتيب اللقاءات مع الزعماء الخليجيين.
وكان الانتقال من العمل الحكومي إلى العمل كمدير في ليبرتي ستارتيجيك سريعاً جداً لدرجة أن الوظيفتين بدتا متداخلتين. وبحلول إبريل/ نيسان 2020 قدمت للسعوديين لائحة بأسماء أحد عشر من المدراء والمستشارين بما في ذلك العضو المنتدب مايكل دامبروزيو، رغم أنه كان لا يزال في منصب مساعد مدير داخل جهاز المخابرات حتى نهاية شهر مايو. (قال ناطق باسم جهاز المخابرات إن السيد دامبروزيو كشف للوكالة عن وظيفته الجديدة وقضى آخر أسابيعه داخل الوكالة في إجازة مدفوعة).
وكان أحد كبار الموظفين السابقين في وزارة المالية، والمعروف بعلاقاته الوثيقة، قد استقال من منصبه في 2019 وكان في انتظار السيد منوشين في القطاع الخاص. كان هذا الموظف، واسمه إيلي ميلر، يعمل مع صناديق الثروة السيادية في الخليج الفارسي لصالح بلاكستون، وهي شركة استثمارية أخرى، ثم عاد وانضم مباشرة إلى الوزير في تأسيس شركته الجديدة.
وبات مألوفاً أن ينتقل المسؤولون العاملون في القطاع العام من الحزبين إلى قطاع الاستثمارات الخاص. ومن أمثلة ذلك أن وزيرين شغلا حقيبة وزارة الخزانة في إدارة الرئيس باراك أوباما انتقلا كلاهما للعمل في وول ستريت.
إلا أن خبراء التعاملات الأخلاقية يرون أن حالتي السيد كوشنر والسيد منوشين مختلفتان، وذلك من حيث سرعة الانتقال من موقع إلى آخر ومن حيث كميات المال التي تمكنا من جمعها من حكام أجانب كانا قد تعاملا معهم مؤخراً نيابة عن حكومة الولايات المتحدة.
تم الاستثمار السعودي مع السيد كوشنر على الرغم من اعتراضات الهيئة الاستشارية بسبب انعدام خبرته في المجال وبسبب غياب مستثمرين كبار آخرين، وارتفاع الرسوم التي يجبيها وكذلك "مخاطر العلاقات العامة" الناجمة عن ارتباطاته بالرئيس السابق، وذلك بحسب ما ورد في محضر اجتماع صندوق الاستثمار العام السعودي الذي عقد في يونيو/ حزيران الماضي، والذي حصلت صحيفة نيويورك تايمز على نسخة منه. ويقول خبراء التعاملات الأخلاقية إن ما دفعه السعوديون قد يعتبر محاولة للتأثير فيما لو عاد والد زوجته إلى الرئاسة من جديد.
ولقد حثت إليزابيت وارين، عضوة مجلس الشيوخ الديمقراطية عن ولاية مساتشوسس، وزارة العدل على التدقيق بشكل حازم في ما إذا كان السيد كوشنر قد انتهك أي قوانين جنائية.
وتقول كاثلين كلارك، أستاذة القانون في جامعة واشنطن في سانت لويس، والتي تدرس التعاملات الأخلاقية في الحكم، إن كل واحد من هذين الصندوقين يثير مجموعة من القضايا المختلفة. فبالنسبة للسيد كوشنر، كما تقول، "السبب في انبعاث رائحة كريهة جداً هو توفر كل أنواع الأدلة على أنه لم يتلق هذه الأموال بسبب أهلية يتمتع بها وتجعله مستحقاً لها".
ولكن بالنسبة للسيد منوشين، الذي كان مستثمراً ناجحاً قبل أن يدخل الحكومة، فإن السؤال الأكبر هو ما إذا كان عمل حينما كان وزيراً للخزانة على صقل العلاقات لعلمه بأنه ستعود عليه بالفائدة في المستقبل القريب".
وتضيف: "لو فعل ذلك فإنه يكون قد أساء استغلال موقعه في الوزارة. لا أدري إن كان ذلك عملاً إجرامياً ولكنه فساد على وجه التأكيد".
رفض السيد كوشنر، من خلال ناطق باسمه، التعليق على الأمر.
ونفى ناطق باسم السيد منوشين في بيان صادر عنه أنه سعى للحصول على الاستثمارات أثناء وجوده على رأس عمله في الحكومة وقال دون أن يذكر أموراً محددة إن بعض التفاصيل في الوثائق السعودية غير صحيحة. وقال المتحدث باسمه إن كل ما هنالك هو أن الوزير عاد إلى مهنته التي مارسها لعقود طويلة من قبل كمستثمر محترف، وأن شركته تحظى بداعمين متنوعين، "بما في ذلك شركات تأمين أمريكية، وصناديق ثروة سيادية، ومكاتب عائلية وغير ذلك من المستثمرين المؤسساتيين".
المستشار والوزير
قبل التنافس في الحصول على الاستثمارات من الخليج الفارسي، كان السيد كوشنر والسيد منوشين يتنافسان أحياناً على كسب النفوذ داخل البيت الأبيض. وأثناء فترة الانتقال إلى إدارة ترامب، سعى السيد كوشنر إلى تنصيب مرشحيه هو لمنصب وزير الخزانة، إلى أن أدرك السيد منوشين ما الذي كان يدور، فشن حملة مضادة، بحسب ما يذكره العديد من الأشخاص الذين كانوا على علم بتلك المساعي.
وينحدر الرجلان من خلفيات تجارية متباينة. فأما السيد كوشنر، فقد كان فيما قبل يدير إمبراطورية عائلته العقارية ويمتلك صحيفة أسبوعية، وكانت النتائج مختلطة في الحالتين. وأما السيد منوشين فقد سار على خطى والده في التوظف لدى مؤسسة غولدمان ساكس وجنى ثروة من الاستثمار في أفلام هوليوود وفي أحد مصارف كاليفورنيا. ولقد حافظ الرجلان على مسافة ودية بينهما داخل الإدارة، ولكن كلاهما كانت لهما اهتمامات ومصالح قوية، وفي بعض الأوقات متداخلة، في الخليج الفارسي.
كانت للسيد منوشين بضعة تعاملات تجارية في المنطقة قبل إدارة السيد ترامب. إلا أنه كان يقضي وقتاً أطول هناك كوزير للخزانة – وكان كثيراً ما يلتقي مع رؤساء صناديق الثروة السيادية عدداً أكبر بكثير من المرات – مقارنة بأسلافه في الوزارة. فعلى سبيل المثال قام بما لا يقل عن 18 زيارة خلال السنوات الأربع إلى ممالك الخليج الفارسي مقارنة بثماني زيارات قام بها أسلافه الثلاثة طوال العقد الماضي.
اقرأ أيضا: NYT: هل جيّر كوشنر عمله الرسمي لمصالح خاصة؟
يقول المسؤولون السابقون في وزارة الخزانة ممن عملوا مع السيد منوشين إن الوقت الذي كان يقضيه هناك إنما كان يعكس أولويات البيت الأبيض، بما في ذلك العقوبات المفروضة على إيران، ومكافحة تمويل الإرهاب، واتفاقيات أبراهام. ويشيرون إلى أن القائمين على الصناديق شكلوا قنوات مفيدة يمكن من خلالها الوصول إلى حكام المنطقة.
يقول مايكل غرينوولد، الملحق المالي السابق في الكويت وقطر، والذي عمل في إدارتي أوباما وترامب: "كان رجل أعمال يعرف بحق كيف يمارس الدبلوماسية الشخصية، ولقد أعجبوا به وأحبوه. فكانت تلك أداة فعالة".
يبدو أن كثيراً من علاقات ومعارف السيد منوشين كانت غير رسمية. كان أحد الاجتماعات الأولى له مع ياسر الرميان، رئيس الصندوق السعودي، في أيلول/ سبتمبر من عام 2017 على مائدة إفطار في منزل ستيفين إيه شوارزمان، كبير المديرين في بلاكستون وجار السيد منوشين. وكان من بين الحضور السيد ميلر، مدير مكتب الوزير حينذاك والذي يشغل الآن منصباً إدارياً كبيراً في ليبرتي ستراتيجيك.
التقى السيد منوشين مع السيد الرميان على الأقل تسع مرات أثناء رئاسة ترامب، بما في ذلك في البحرين وفي سويسرا وفي قاعة اجتماعات داخل الوزارة، وذلك بحسب ما ورد في رسائل الإيميل المتبادلة داخل الوزارة والتي حصلت عليها من خلال قانون حرية المعلومة مجموعة مقرها واشنطن اسمها "المواطنون والمسؤولية والأخلاق" وأشركت معها فيها صحيفة نيويورك تايمز.
بالإضافة إلى العديد من اللقاءات مع أمير قطر وغيره من المسؤولين، فقد التقى السيد منوشين ما لا يقل عن عشر مرات مع رئيس هيئة الاستثمار القطرية.
وكان قد وجه رسالة إيميل لأحد مساعديه في عام 2019 يقول له فيها: "سوف ألتقي بشكل منفرد فقط مع منصور". ويقصد بذلك منصور بن إبراهيم آل محمود، المدير التنفيذي للصندوق. وأضاف: "لقد تواصلنا بشكل مباشر".
والتقى السيد منوشين خمس مرات مع رؤساء صندوقين من صناديق الإمارات الرئيسية، كانت إحداها على عشاء في واشنطن دعا إليه أحد مؤسسي مجموعة كارلايل الاستثمارية.
كما أنه التقى مراراً مع حكام الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية. وكان من ضمن تلك اللقاءات اجتماع خاص مع ولي العهد السعودي في الرياض في عام 2018 مباشرة بعد أن قام عملاء تابعون للمملكة بقتل جمال خاشقجي، المعارض والصحفي الذي كان يكتب عموداً في صحيفة الواشنطن بوست. وتشير الوثائق إلى أن السيد منوشين بنى علاقة مع الشيخ محمد بن زايد، والذي اشتهر بالأحرف الثلاثة الأولى من اسمه "م ب ز"، والذي صار مؤخراً رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة.
في رسالة موجهة إلى شخص غير معروف الهوية في فبراير/ شباط 2020، كتب السيد منوشين يقول: "أنا متاح في أي وقت لرؤيتك ورؤية صاحب السمو م ب ز. وإذا أمكن، فسيكون عظيماً لو تسنى لنا ركوب الدراجات ثم تناول العشاء وكنا قد تحدثنا".
وفيما بدا تداخلاً للخطوط بين ما هو حكومي وما هو تجاري، فقد وجه رسالة إلى أحد كبار المساعدين في وزارة الخزانة في ديسمبر/ كانون الأول 2020 حول ما يبدو أنه اجتماع مع صندوق الاستثمار العام السعودي كان من المقرر أن يعقد بعد تنحيه من منصبه.
كتب يقول: "هل لدينا مزيد من المعلومات حول صندوق الاستثمار العام في أواخر يناير/ كانون الثاني؟". وكان في ذلك يوجه الحديث إلى مساعده زكاري ماكنتي، الذي رافقه في رحلاته إلى الخليج بخصوص صندوق أبراهام ثم انضم فيما بعد إلى شركة السيد منوشين للعمل فيها. وقال متحدث باسم السيد منوشين إنه إنما كان يستفسر عن مؤتمر نظمه الصندوق السعودي كان قد شارك فيه بصفته الشخصية كمواطن عادي.
وقبل أسبوعين من تركه لمنصبه، سافر السيد منوشين إلى المنطقة لحضور لقاءات رسمية مع الزعماء في مختلف أرجاء الخليج الفارسي، وكانت الغاية المصرح بها من ذلك هي مناقشة العقوبات وتمويل الإرهاب وغير ذلك من مسائل الأمن القومي. وتضمنت الزيارة غداء خاصاً يوم الثامن من يناير/ كانون الثاني في مقر المتحف الوطني في قطر مع رئيس صندوق الاستثمار الرئيسي في البلد.
وأما بالنسبة للسيد كوشنر، فقد جعل أسمى أهدافه داخل البيت الأبيض التوصل إلى خطة سلام في الشرق الأوسط ترتكز على تمويل من المملكة العربية السعودية وجاراتها. وكان جوهر الخطة يقتضي الحصول على استثمارات من الخليج من شأنها أن تقنع الفلسطينيين بالتخلي عن بعض مطالبهم وعلى رأسها الحصول على دولة في المستقبل. وبلغت تلك الجهود ذورتها بتنظيمه بالاشتراك مع السيد منوشين مؤتمراً عنوانه "السلام من أجل الرفاه" في البحرين، لم يشارك فيه أي من المسؤولين الفلسطينيين.
ولإغراء حكام الخليج، ساعد السيد كوشنر في إقناع السيد ترامب بأن تكون أول زيارة خارجية له كرئيس للولايات المتحدة إلى المملكة العربية السعودية في 2017. وبعد برهة قصيرة من لقاء عقد هناك مع السيد كوشنر، قاد حكام المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة حصاراً على قطر متهمين إياها بدعم التطرف. إلا أن قطر تستضيف واحدة من أكبر القواعد العسكرية الأمريكية، ما جعل وزيري الدفاع والخارجية يدفعان باتجاه إنهاء الحصار، إلا أن السيد ترامب سانده في البداية.
تردد السيد كوشنر مراراً إلى الخليج الفارسي – حيث قام بما لا يقل عن عشر رحلات أثناء إدارة ترامب، كثيراً ما كانت كل رحلة تشمل زيارة للعديد من بلدان المنطقة – وأنشأ تحالفاً وثيقاً مع ولي عهد المملكة العربية السعودية الأمير محمد بن سلمان. وبعد أن خلصت وكالات الاستخبارات الأمريكية إلى أن الزعيم السعودي وافق على جريمة القتل البشعة بحق السيد خاشقجي، فقد دافع السيد كوشنر عن الأمير داخل البيت الأبيض.
وفي ديسمبر 2020، زار السيد كوشنر المملكة العربية السعودية وقطر في رحلة اعتبرت جهداً غايته إنهاء الخلاف الذي استمر لثلاث سنين، ثم عاد إلى المملكة في الخامس من يناير/ كانون الثاني لحضور قمة خليجية أعادت فتح العلاقات بشكل رسمي.
ورد في عرض للمستثمرين قدمته شركة السيد كوشنر مؤخراً أن "جاريد قاد الجهد الدبلوماسي الذي نجم عنه رأب الصدع الخليجي".
إلا أن حلفاء السيد منوشين يقولون إنه هو الآخر لعب دوراً ريادياً في ذلك، جزئياً من خلال العمل عن قرب مع قطر لمراقبة ومكافحة تمويل الإرهاب وتحسين العلاقات مع السيد ترامب.
أما في الواقع، فيقول الدبلوماسيون إن حل الأزمة كان مدفوعاً برغبة السعودية في رأب الصدع قبل استلام الإدارة الأمريكية الجديدة مقاليد الأمور. ومع ذلك، فقد يكون لادعاء الفضل في إنهاء الحصار قيمة حين يتعلق الأمر بجذب الاستثمارات.
استراتيجيات الخروج
ولم يضع السيد منوشين وقتاً في العودة إلى أعماله وتجارته. فبعد ثلاثة أسابيع من انتهاء فترة إدارة ترامب، قال في مقابلة أجريت معه إن لديه خطة ولكنه لم يكن على استعداد لمناقشتها.
بحلول إبريل/ نيسان 2021 كانت مؤسسته تعرض على المستثمرين المحتملين لائحة مفصلة من الصناعات المستهدفة، وذلك بحسب ما ورد في وثائق تم الحصول عليها من الصندوق السعودي. بل رتبت المؤسسة هيكلة قانونية تمكن صناديق الثروة السيادية الأجنبية من الاستثمار في صناعات أمريكية حساسة من الناحية الاستراتيجية، كما يظهر من الوثائق، وقامت حينذاك بتوظيف عدد من المسؤولين السابقين في وزارتي الخزانة والخارجية وعينتهم في مناصب إدارية عليا.
وكانت انطلاقة السيد كوشنر أشد بطئاً. فحتى حينما تمكن من إبرام اتفاق حصل بموجبه على ملياري دولار من الصندوق السعودي في يوليو/ تموز الماضي، فإنه لم يكن قد وظف أحداً من المدراء ممن يتمتعون بتجربة استثمارية ذات علاقة.
وجلب معه أقرب مساعديه آفي بيركوفيتز والجنرال كوريا، الملحق العسكري السابق. وكان الجنرال قد غادر السفارة الأمريكية في الإمارات بعد أن اصطدم بكبار الدبلوماسيين الذين اتهموه بعقد لقاءات خاصة غير مخولة مع زعماء البلد للحديث حول مبيعات السلاح وغير ذلك من القضايا. ومع ذلك فقد تمت ترقيته للعمل داخل البيت الأبيض، حيث عمل عن قرب مع السيد كوشنر. ويقول الدبلوماسيون المحترفون إنه بانتهاء فترة الإدارة كان الجنرال كوريا والسيد بيركوفيتز في بعض الأحيان الأمريكيين الوحيدين المرافقين للسيد كوشنر في لقاءاته مع المسؤولين في الخليج الفارسي.
اقرأ أيضا: WSJ: السعودية ستستثمر في شركات إسرائيلية عبر كوشنر
ووظف السيد كوشنر الحاخام آرييه لايتستون، الدبلوماسي السابق في القدس الذي عمل معه في اتفاقيات أبراهام ثم عينه مديراً لصندوق أبراهام.
وكما أوردت صحيفة ذي إنترسبت في الشهر الماضي، فإنه يفهم من عرض يعود إلى شهر ديسمبر/ كانون الأول 2021 كانت شركة السيد كوشنر تقدمه للمستثمرين المحتلمين أن تركيز مؤسسته قد يكون مشوشاً. فمن حيث الأهداف الاستثمارية، قدم العرض لائحة بأسماء بعض القطاعات التي تشهد نمواً كبيراً بما في ذلك وسائل الإعلام والتكنولوجيا والرعاية الصحية والمال وخدمات المستهلكين والطاقة المستدامة.
إلا أن العرض يتباهى بما وصفه "الخبرة الجيوسياسية" للسيد كوشنر ودوره في الدبلوماسية الشرق أوسطية.
ما فتئ السيد كوشنر يربط مؤسسته الخاصة باتفاقيات أبراهام. فقد قال مؤخراً في تصريح لصحيفة ذي وول ستريت جورنال، فيما يبدو أنه إشارة للمسلمين في البلدان المجاورة (على الرغم من أن 20 بالمائة من المواطنين الإسرائيليين مسلمون): "إذا تمكنا من جعل الإسرائيليين والمسلمين في المنطقة يمارسون الأعمال والتجارة معاً فإن من شأن ذلك أن يحمل الناس على التركيز على المصالح المشتركة وعلى القيم المشتركة". منذ ذلك الحين استثمر الصندوق في شركتين إسرائيليتين.
وكان صندوق أبراهام يخضع لإشراف آدم بوهلر، الذي كان حينذاك رئيساً لوكالة أسست حديثاً للعمل في مجال التنمية والتمويل، وتعود صلاته بالسيد كوشنر إلى زمن الدراسة حيث كانا زميلين في الجامعة. وانضم السيد بوهلر إلى السيد منوشين في زيارته إلى الخليج في شهر أكتوبر/ تشرين الأول ورافق السيد كوشنر في زيارته لكل من قطر والمملكة العربية السعودية في شهر ديسمبر/ كانون الأول.
ويقول المسؤولون إن الصندوق سوف يستثمر في البلدان الأفقر التي انضمت إلى الاتفاقيات، وقيل إن مشاريعه الأولى اشتملت على تطوير نقاط التفتيش التي تفصل بين إسرائيل والمناطق الفلسطينية وإنشاء خط أنابيب غاز بين البحر الأحمر والبحر المتوسط.
ولم يبرح أي من المشروعين مكانه، ولم يحصل أي تقدم في الجهود التي تبذل لجذب الأموال الخليجية.
في شهر يناير/ كانون الثاني من العام الماضي، أعلن السيد بوهلر عن الاستثمار الوحيد لصندوق أبراهام الذي تم الإفصاح عنه للعموم: "تعهد بمبلغ 50 مليون دولار" من أوزبكستان، وهي بلد ذات إيرادات منخفضة نسبياً. وحينها قال المسؤولون في أوزبكستان إنهم سعوا لخفض الفقر وزيادة التعاون الإقليمي. يذكر أن أوزبكستان، التي طالما انتقدت بسبب تردي أوضاع حقوق الإنسان فيها، قامت بحملة علاقات عامة في واشنطن لتحسين صورتها بعد تبدل القيادة فيها. كما أن رئيسها الجديد منح السيد ترامب نسخة فضية بقيمة 2,950 دولاراً لأحد المباني التاريخية ومنح زوجته غطاء سرير قيمته 4,200 دولار.
أما صندوق أبراهام، الذي لم يطل عمره، فلم ترد إليه أي أموال.
AXIOS: وساطة أمريكية جديدة للتطبيع بيع السعودية والاحتلال
FT: السعودية تدعم روسيا في "أوبك+" رغم العقوبات الغربية
الجبري يعرض على ابن سلمان تسوية مالية مقابل إطلاق أبنائه