نشر موقع
نيوستيتسمان البريطاني تقريرًا سلط فيه الضوء على أهمية التصريحات التي أدلى بها الرئيس الأمريكي جو
بايدن بشأن تدخل عسكري محتمل في تايوان في حال أي هجوم صيني، وتداعيات ذلك على الاستقرار الدولي.
وأفاد الموقع، في تقريره الذي ترجمته "عربي21"، أن هذه هي المرة الثالثة التي يعلن فيها الرئيس الأمريكي، وعلى مسمع من
الصين، أن بلاده لن تتوانى في الدفاع عن الجزيرة ضد أي غزو.
وأشار الموقع إلى أن جو بايدن - الذي كان يقوم بزيارة إلى اليابان - وبينما كان يقف بجانب رئيس الوزراء الياباني، قد سُئل عمّا إذا كانت الولايات المتحدة على استعداد للقتال دفاعًا عن تايوان في حالة تعرضها للهجوم من طرف الصين، لا سيما في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا، وجاء السؤال من أحد المراسلين الذي وجّه استفسارًا لبايدن عمّا إذا كان على استعداد للتدخل العسكري في تايوان، في وقت لم يرغب في التوّرط في الصراع في أوكرانيا، فكان جواب بايدن: نعم هذا هو الالتزام الذي تعهّدنا به.
وذكر الموقع أنه في الواقع، لم يكن هذا هو الالتزام الذي تعهّدت به الولايات المتحدة في ما سبق، على الأقل بشكل علني، فوفقًا لقانون العلاقات مع تايوان الصادر في 1979، فإن الولايات المتحدة تعتبر أي محاولة للسيطرة بالقوة على هذه الجزيرة الخاضعة للحكم الذاتي، بمثابة تهديد للسلام والأمن في المنطقة، وقضية تثير قلقًا بالغًا، كما أن نفس القانون يلزم الولايات المتحدة بتزويد تايوان بوسائل الدفاع عن نفسها، لكنه لا يشير إلى مشاركة القوات الأمريكية.
وأضاف الموقع أن الرؤساء الأمريكيين المتعاقبين قد تفادوا على مدار عقود، إجابة مباشرة على السؤال الذي واجهه بايدن، تجسيدًا لسياسة الغموض الإستراتيجي طويلة الأمد، وذلك بهدف تسهيل العلاقات الدبلوماسية مع بكين التي تعتبر تايوان جزءًا لا يتجزأ من أراضيها، ولكن أيضًا لتجنب تشجيع أي زعيم تايواني في المستقبل قد يعلن استقلال الجزيرة، وهو خط أحمر بالنسبة للصين التي حتمًا ستقوم برد عسكري.
وبحسب الموقع فإن هذا هو السبب الذي يجعل تصريحات جو بايدن مهمة للغاية، بل ومن المحتمل أن تكون خطيرة جدًّا هذه المرة؛ حيث مضى بايدن في توضيح وجهة نظره مشيرًا إلى دعمه لـ"سياسة الصين الواحدة" التي تعترف بموقف بكين بأن تايوان جزء من الصين، ومحذرًا في نفس الوقت من أن أخذ تايوان بالقوة لن يكون أمرًا مناسبًا، ومن شأنه أن يزعزع المنطقة بأكملها ويكون عملًا مشابها لما حدث في أوكرانيا، وحينها سيكون عبئًا أكبر.
ونوّه الموقع إلى أن مسؤولي البيت الأبيض سارعوا إلى دفعه للتراجع عن تصريحاته، مصرّين على عدم وجود أي تغيير في السياسة الأمريكية تجاه تايوان، ومشدّدين على التزام بايدن بسياسة الصين الواحدة، ولكن ليست هذه المرة الأولى التي يدلي فيها بايدن بتعليقات مماثلة، ففي إحدى حلقات برنامج "حدث مجلس المدينة" على قناة سي إن إن، في تشرين الأول/أكتوبر 2021، سُئل بايدن نفس السؤال وأجاب بنفس الرد قائلًا نعم، لدينا التزام للقيام بذلك. وقد أصرّ مساعدوه حينها أنه لا يقصد الإشارة إلى أي تحول إستراتيجي أو ما شابه، غير أنه عاد في آب/أغسطس من نفس السنة، وفي أعقاب الانسحاب الفوضوي من أفغانستان، للتأكيد على التزام الولايات المتحدة بالدفاع عن حلفائها في الناتو، ونفس الشيء مع اليابان وكوريا الجنوبية وكذلك مع تايوان.
ويلفت الموقع إلى أن بايدن يكون قد غامر بتجاوزه سياسة إدارته في ما يخص التصريحات المعلنة سابقًا والتي كانت أقل حدّة، مثل تصريحه عن الرئيس الروسي بقوله إن فلاديمير بوتين لا يمكنه البقاء في السلطة؛ إذ أن البيان الأخير عن تايوان كان مغايرًا حيث كرر في ثلاث مناسبات أن الولايات المتحدة ستقاتل للدفاع عن تايوان، ومن غير المرجح هذه المرة أن يؤدي إنكار مساعديه الذي أعقب تصريحاته إلى تهدئة الأمور في بكين.
وختم الموقع تقريره بالقول إن التوترات بشأن تايوان تشهد بالفعل أعلى مستوياتها منذ 40 سنة؛ حيث كثفت بكين استطلاعات طيرانها العسكري بشكل كبير إلى منطقة تحديد الدفاع الجوي لتايوان، وستجعل تصريحات بايدن في طوكيو التوترات أكثر خطورة؛ حيث وكما كان متوقعًا، ردت وزارة الخارجية الصينية بغضب، معبّرة عن استيائها الشديد ومعارضتها الحازمة لتصريحاته، محذرة من أن موقف بكين لا مجال فيه للتسوية.