سريعاً ما استنجدت المليشيات الكردية "
قسد" بالنظام السوري، حين رأت جدية التحرك التركي والجيش الوطني السوري بإطلاق عملياتهما العسكرية المستهدفة تحرير مدينتي
منبج وتل رفعت بريف حلب، بالإضافة إلى إقامة
منطقة آمنة بعمق 30 كم على الحدود التركية-السورية لملايين اللاجئين الذين شردتهم عصابات النظام السوري بدعم الاحتلالين الروسي والإيراني. وسريعاً ما دعت المليشيات الكردية النظام السوري لاستخدام مضاداته الجوية ضد التدخل التركي بحسب زعمها، وسارعت برفع أعلام النظام السوري، متخلية فجأة وحسب الطلب عن كل ما بنته من تاريخ عن عدائها الشكلي للنظام السوري، أما في الواقع فهي مستعدة لأن تتنازل لكل جهة باستثناء شعبها الكردي ورموزه المعتقلة والمنفية، وباستثناء الثورة السورية التي شارك فيها الأكراد والعرب جنباً إلى جنب منذ اليوم الأول، فخُطف الجمهور الكردي من قبل عصابات قسد التي لا علاقة لها من قريب أو بعيد بطموحات وأشواق وأحلام الشعب الكردي.
لكن الحقيقة الواضحة التي تأكدت للمرة تلو الأخرى، أن المرض الحقيقي في
سوريا هو في النظام السوري الذي يوفر أكسيد الحياة؛ ليس للعصابات الكردية من أمثال قسد وغيرها من روّاد الفتنة وتمزيق الوحدة الوطنية وضرب الثورة السورية، والذي يصب في النهاية لمصلحة النظام السوري وبقائه، وبقاء المحتلين الذين أتوا لدعمه وبقائه، وإنما محلّ الخطر على المستوى الإقليمي والدولي يكمن في هذه العصابة المجرمة التي لم تتورع عن إرسال خمسين من خبراء القتل والتدمير إلى روسيا لتعميم تجربة البراميل المتفجرة في أوكرانيا لدك الشعب الأوكراني ومقدراته، تماماً كما فعلوا في سوريا لسنوات، حيث أحالوا أكثر من 70 في المائة من سوريا إلى خراب ويباب.
أثبتت الأحداث أن دينامو الفتنة هو النظام السوري، وهو ما أدركه الأتراك عام 1998 حين كان حافظ الأسد لا يزال في السلطة، فلم يتحدثوا يومها مع زعيم حزب العمال الكردي عبد الله أوجلان ولا مع حزبه، ولم يتعاملوا معهم، وإنما هددوا المرض ذاته، وهو النظام السوري ممثلاً بحافظ الأسد يومها، الذي رضخ سريعاً ودون أي تردد للتهديدات التركية
لقد أثبتت الأحداث أن دينامو الفتنة هو النظام السوري، وهو ما أدركه الأتراك عام 1998 حين كان حافظ
الأسد لا يزال في السلطة، فلم يتحدثوا يومها مع زعيم حزب العمال الكردي عبد الله أوجلان ولا مع حزبه، ولم يتعاملوا معهم، وإنما هددوا المرض ذاته، وهو النظام السوري ممثلاً بحافظ الأسد يومها، الذي رضخ سريعاً ودون أي تردد للتهديدات التركية، وأُبعد أوجلان عن الأراضي السورية ليتم قنصه واعتقاله في كينيا، بعد أن باعته المخابرات السورية. ولم يتعلم تلامذة أوجلان من ذلك الدرس، بل ولم يوجه هو نفسه من سجنه في
تركيا حتى اليوم أي رسائل تحذر الأتباع من الثقة بالنظام السوري، وإنما ظل الجميع يتعامل معه، بل ووسعوا العلاقات لتشمل حلفاء النظام السوري وتحديداً في إيران وروسيا.
النظام السوري هو مصنع لإنتاج العصابات الكردية، ومعه يُفرخ عصابات القتل والدمار والخراب، وهو مصنع أيضاً لاستدعاء كل الاحتلالات الأجنبية، وكل تعامل مع غير هذا المصنع فهو غمسٌ خارج الصحن، رغم إدراكنا تماماً لخطورة العصابات الكردية ممثلة بـ"قسد"، والتي لا تمثل بأي شكل من الأشكال أهلنا وإخواننا الأكراد الذين كان لهم على مدى الأيام والأزمان مواقف رجولية وبطولية مشهودة في صناعة ماضي وحاضر الحضارة الإسلامية.
هذه العصابات الكردية كان لها الدور الأبرز في خطف الحلم الكردي والحلم الثوري، وهي التي تقف خلف عمليات القتل والإبادة في المناطق الخاضعة لسيطرتها، وتقف بالتالي خلف أعمال إرهابية تستهدف الأسواق والشوارع والأماكن العامة، مما راح ضحيته مدنيون قتلى وجرحى، ولا تزال هذه المليشيات (قسد) تصرّ على التحالف مع كل أجنبي لوأد الحرية الحقيقية التي نادى بها الشعب السوري بكافة شرائحه طوال سنوات ثورته.
الدول الإقليمية والدولية لمصلحته، تدعمه في ذلك قوى غربية وشرقية، تبين أن لا مصلحة لها في رحيله ما دام قد استطاع بنظر روسيا منع الأغلبية السنية من الوصول إلى السلطة، وهي التي تعهدت منذ بداية الثورة بأنها لن تسمح للأغلبية السنية بالوصول إلى الحكم، ولذا فهو يسعى إلى التأكيد على أنه حامي حمى الأقليات
النظام السوري المجرم استفاد كثيراً من التآمر الدولي والإقليمي على الثورة السورية، فوظف كل خلافات الدول الإقليمية والدولية لمصلحته، تدعمه في ذلك قوى غربية وشرقية، تبين أن لا مصلحة لها في رحيله ما دام قد استطاع بنظر روسيا منع الأغلبية السنية من الوصول إلى السلطة، وهي التي تعهدت منذ بداية الثورة بأنها لن تسمح للأغلبية السنية بالوصول إلى الحكم، ولذا فهو يسعى إلى التأكيد على أنه حامي حمى الأقليات، وليس الأقليات الدينية فقط، وإنما يوسع سرديته ليستعطف بذلك شريحة عالمية أوسع، فيدعي علاقة مع الأكراد الذين اختطفت أحلامهم اليوم مليشيات قسد.
جذر المشكلة ولُبّها وجوهرها يكمن في النظام السوري، وبدون استهداف المصنع الذي يقذف بمنتوجاته اليومية، فإن المشكلة ستبقى كما هي وربما ستزداد عمقاً، وتتضاعف بالتالي خطورتها ليس على المستوى الداخلي السوري فحسب، وإنما على المستوى الإقليمي والدولي، فالجرح حين يُهمل سيصيب المناطق المحيطة به، ليتوسع ذلك ليصيب الجسم كله بالغرغرينا.