لو أنك تابعت شاشة قناة مكملين الفضائية في انطلاقتها الجديدة أمس من كل ميادين العالم للفت انتباهك مقطعان مصوران يستعرضان هوية القناة الجديدة، أحدهما يغني فيه المذيع محمد ناصر مع طفلة مصرية أغنية حلوة يا بلدي، بما لها من شجن كبير وشعبية كبيرة في وجدان كل أبناء الشعب المصري، والآخر يستعرض مشاهد من الإسكندرية مع مقطع من أغنية الراحل محمد قنديل "بين شطين وميا"، بما تحمله من مشاعر فياضة تجاه عروس البحر المتوسط في نفوس وعقول وقلوب المصريين.
في حفل انطلاقة القناة قلت إن رسالة مكملين الإعلامية الجديدة تتلخص في عبارات ثلاث: قناة مصرية تدافع عن حق الشعب المصري في الحياة الكريمة، تقدم إعلاما مهنيا يحترم عقل المشاهد، لن تتنازل عن مبدأ أو تفرط في حق أبدا.
مبادئ ثلاثة تعكس هوية القناة الجديدة وسياستها التحريرية، وهي نابعة بالأساس من هوية وانتماء العاملين في مكملين، محمد ناصر وأسامة جاويش وطارق اللبان وفريق العمل. كلهم مصريون يحملون الجنسية المصرية، لو سألت أي واحد منهم عن حلمهم في هذه الحياة لقالوها في نفس واحد: أن نعود إلى مصر وتعود مصر إلى الشعب المصري.
رسالة مكملين الإعلامية الجديدة تتلخص في عبارات ثلاث: قناة مصرية تدافع عن حق الشعب المصري في الحياة الكريمة، تقدم إعلاما مهنيا يحترم عقل المشاهد، لن تتنازل عن مبدأ أو تفرط في حق أبدا
نحن أبناء هذا الوطن، نفرح مع كل هدف يسجله محمد صلاح في مبارياته مع نادي ليفربول، نحزن ونبيت ليلتنا غاضبين اذا ما خسر منتخب مصر من نظيره الإثيوبي، لا نتمنى أن يذهب محمد الشوربجي إلى بريطانيا للعب تحت علمها، نغضب من منظومة لم تدعم موهبة شابة مثله، نتكلم عن ستين ألف معتقل كما نتكلم عن ثلاثين مليون مصري يعيشون تحت خط الفقر، نسلط الضوء على المختفين قسريا كما نركز على غلاء الأسعار، نناقش احتياجات المواطن المصري اليومية سواء كانت اقتصادية أو سياسية أو تتعلق بحقوق الإنسان.
ثماني سنوات منذ تولي السيسي رئاسة البلاد، تغير فيها وعي الشعب المصري واختلفت نظرة الكثيرين للأشياء، فخطاب عام 2013 وما بعده لا يجوز بحال أن يكون نفسه بعد عشر سنوات، قطار الحياة يمضي بمحطاته الكثيرة وعلى الجميع أن يتغير ويواكب الأحداث وإلا صار جزءا من تراث وحقبة من الماضي.
مكملين الجديدة، ستكون انعكاسا لهذا التغيير، ستواكب المزاج الجديد للشعب المصري لتحكي عن حياته اليومية بشكل أوسع، فلو أن المشاهد يبحث عن قناة مصرية تنقل الصورة الكاملة بشقيها السلبي والإيجابي سيجدها على شاشة مكملين في حلتها الجديدة.
الحال داخل مدينة الإنتاج الإعلامي بات يرثى له، فلا صحافة حقيقية ولا معايير مهنية حاكمة للخطاب، تحريض على الآخر وتشويه لكل مخالف وطعن وتشويه لأي صوت معارض للسلطة، تحولت مدينة الإنتاج الإعلامي لما يشبه الحظيرة التي أغلق عليها صاحبها بالدبابة، ومنع عنها أي ملمح من ملامح الإعلام فبات خطابا واحدا يردد رواية واحدة ويروج لما يريده النظام بشكل فج، ما أدى إلى ظهور أسماء مثل أحمد موسى ونشأت الديهي وقبلهما عمرو أديب، ليتحولوا إلى متحدثين رسميين باسم النظام المصري.
من حق الشعب المصري بعد هذه السنوات أن يسمع رواية أخرى، ويرى صورة مغايرة للحال الذي تظهر به قنوات مدينة الإنتاج الإعلامي. سيقول النظام المصري وإعلامه إن قناة مكملين هي قناة معارضة للسلطة أو أنها تعمل من أجل إسقاط الدولة أو أنها تابعة للإخوان المسلمين، وستقول مكملين أنها قناة مصرية وفقط
من حق الشعب المصري بعد هذه السنوات أن يسمع رواية أخرى، ويرى صورة مغايرة للحال الذي تظهر به قنوات مدينة الإنتاج الإعلامي. سيقول النظام المصري وإعلامه إن قناة مكملين هي قناة معارضة للسلطة أو أنها تعمل من أجل إسقاط الدولة أو أنها تابعة للإخوان المسلمين، وستقول مكملين أنها قناة مصرية وفقط.
لماذا لا نترك الحكم للمتابع هذه المرة؟ ولماذا ينصب البعض نفسه وصيا على الشعب المصري أو متحدثا باسمه؟ ألا يستطيع النظام المصري التوقف لفترة عن استهداف مكملين والعاملين فيها، ولتكن رواية برواية وفكرة بفكرة وإعلام بإعلام؟ لماذا يريد النظام أن تظل المعادلة صفرية ويقحم فيها الإعلام نفسه كطرفي نزاع سياسي؟
الصحافة مهنة نبيلة تحكمها معايير واضحة وتفسدها السياسة، والشعب المصري يستحق أن يتابع إعلاما مصريا خالصا ينقل له الحقيقة ولا يفرض عليه رأيا بعينه، يعرض له كل جوانب الصورة ولا يكون وصيا على اختياراته، يفتح المجال للجميع لإبداء الرأي بموضوعية ولا يحتكر رأيا دون غيره.
مكملين ستكون الرواية الأخرى التي يريد الشعب المصري أن يتابعها كل يوم.
twitter.com/osgaweesh