رغم التعاون الأمني القائم بين مصر ودولة
الاحتلال، لكن الأخيرة تزعم
أن الواقع العسكري الناشئ اليوم في شبه جزيرة
سيناء بهدف مكافحة المجموعات المسلحة
هناك، يتعارض مع تفاصيل اتفاقية السلام الموقعة بينهما، رغم أن العلاقات الجيدة
للغاية القائمة بينهما تجعل تنفيذ كل النشاطات العسكرية المصرية في سيناء تتم
بموافقة
إسرائيل، وأحيانا بدون موافقتها، مع ادعاء إسرائيلي بأن المصريين يفرضون
الحقائق في الميدان، وربما لا رجوع عنها.
مع أن اتفاق كامب ديفيد يقصر الانتشار العسكري المصري على الحدود قرب
إسرائيل على قوة شرطة، مع قيود على أنواع الأسلحة، لكن بعد الثورة المصرية عام
2011، وانتشار تنظيم الدولة في سيناء، سعت مصر لنقل القوات العسكرية لمحاربته، وقد
وافقت إسرائيل في حينه، واليوم توجد علاقات أفضل وأوثق بينهما أكثر من أي وقت مضى،
بسبب تطورات المنطقة، والاستقطاب الحاصل بين دولها، ومحاربة الجماعات الإسلامية،
مما ساهم بدوره بتعزيز
الجيش المصري في سيناء.
يتسحاق ليفانون السفير السابق في القاهرة زعم في مقاله بصحيفة
معاريف،
ترجمته "عربي21" أن "هذه المرحلة تشهد جهودا، وإن كانت محسوبة،
لتعزيز العلاقات الثنائية بينهما، مع إجراء مصر لتغيير في عقيدتها العسكرية،
وجعلها تتلاءم مع الحرب ضد العنف، بمساعدة إسرائيل، مما ساهم بدوره في سيطرة أمنية
مصرية أفضل، مع المزيد من ساعات حظر التجول، والحواجز على الطرق".
وزعم أنه "بعد هذه النجاحات الأمنية المصرية، فقد آن الأوان لأن
تخفف مصر من قواتها في سيناء، مع وجود 24 ألف جندي يحاربون المسلحين في شمال شرق
سيناء، و20 ألفا آخرين منتشرين في جميع أنحاء شبه الجزيرة، ما يعني أنه منذ أن
حصلت مصر على موافقة إسرائيل لإرسال قوات لسيناء، منذ أكثر من عقد، تضاعفت
الطلبات، في ضوء رغبة إسرائيل بالحفاظ على هدوء حدودها الجنوبية، بما فيها سيناء
وغزة".
ورغم التعاون الأمني المصري الإسرائيلي الذي يشهد قفزات نوعية أكثر من
سنوات وعقود سابقة، لكن الإسرائيليين لديهم مخاوف متزايدة من نشر المزيد من القوات
العسكرية المصرية في سيناء بعكس ما نص عليه اتفاق كامب ديفيد، بزعم أن ذلك يقوض
الاتفاق، مما زاد من مستوى المطالب الإسرائيلية من الولايات المتحدة والقوة متعددة
الجنسيات للطلب من مصر تهدئة المخاوف الإسرائيلية، رغم عدم وجود نية إسرائيلية
لإحداث أزمة مع القاهرة، ولا مضايقتها.
في الوقت ذاته، تضاف المخاوف الإسرائيلية من تزايد الجيش المصري في
سيناء إلى هواجس أخرى تتعلق بزيادة تسلحه في الآونة الأخيرة بصورة ملحوظة، صحيح أن
العلاقات الأمنية والعسكرية بينهما تمر في أحسن أحوالها هذه المرحلة، لكن القلق
الإسرائيلي يكمن في أن تحصل تطورات مصرية داخلية قد توصل هذه الأسلحة والقدرات
العسكرية لمن تصفها دولة الاحتلال بـ"الأيدي الخطأ"، أي المعادين لها،
من خلال تغير الأحوال السياسية المصرية، وهو هاجس يؤرق صناع القرار الإسرائيلي.