تأتي زيارة محمد بن سلمان للقاهرة في ظروف غاية في التعقيد تمهيدا لأمور عظيمة وحلحلة لمشكلات وأزمات عويصة في المنطقة، وفي
السعودية ومصر وفلسطين تحديدا.
فرغم الزيارات السابقة للأمير محمد بن سلمان إلى
مصر، إلا أنني أعد هذه الجولة التي بدأها في مصر هي الأهم والأخطر. فهي تأتي تمهيدا لزيارة مهمة للغاية للرئيس الأمريكي لكل من الكيان الصهيوني والسعودية في منتصف تموز/ يوليو المقبل والتي يؤكد بها بايدن على عدة أمور:
1- أن الكيان الصهيوني هو أهم نظام في المنطقة بالنسبة للولايات المتحدة، وأن على كل حلفائها العرب أن يتفهموا تبعيتهم للكيان الصهيوني ممثل الولايات المتحدة في المنطقة، وضرورة اندماجهم التام ودعمهم الكامل غير المشروط عسكريا وسياسيا واستراتيجيا واقتصاديا للكيان الصهيوني لضمان دفاع الولايات المتحدة عن المنطقة وأنظمتها ضد المخاطر الإيرانية والروسية والصينية.
2- بناء جيش مشترك لحلف ناتو صهيوني عربي (يضم في الأساس كلا من جيوش مصر والسعودية والإمارات والأردن، ووحدات رمزية من الجيوش العربية الحليفة الأضعف الأخرى بالمنطقة)، ليتولى بدعم أمريكي حماية المنطقة وتحقيق الأهداف الاستراتيجية للولايات المتحدة والكيان الصهيوني في المنطقة.
3- تحقيق التكامل الاقتصادي بين الكيان الصهيوني ودول الحلف، وهو ما سيشمل مبيعات أسلحة صهيونية لجيوش المنطقة لإنقاذ الاقتصاد الصهيوني بأموال خليجية.
4- التأكيد على أولوية المصالح والعلاقات العربية بكل من الولايات المتحدة والكيان الصهيوني وإعطائهما الأولوية، وتحجيم العلاقات الاستراتيجية والعسكرية والاقتصادية والسياسية للحلفاء العرب مع كل من روسيا والصين، عدوتي الولايات المتحدة.
5- العمل على زيادة إنتاج النفط والغاز لتخفيض الأسعار العالمية لعدة أهداف؛ على رأسها تخفيض قيمة الوقود في محطات الوقود الأمريكية لدعم موقف حزب بايدن في انتخابات الشتاء المقبل، وتعويض الاتحاد الأوروبي عن الغاز الذي يرغب الاتحاد في التقليل من الكميات المستوردة منه من روسيا للضغط على اقتصادها.
6- توطيد العلاقات العربية مع تركيا وإنهاء كافة الخلافات المعلقة خاصة بين مصر والسعودية وتركيا، كون الأخيرة الحليف الاستراتيجي الأهم في حلف الناتو في ظل الحرب الروسية الأوكرانية المرشحة للاستمرار والتوسع.
7- إنهاء الخلافات بين أنظمة المنطقة وجماعة الإخوان المسلمين لاستخدامها كظهير شعبي ضمن مواجهة الناتو الصهيوني العربي لإيران.
8- التأكيد على ضرورة الدعم المالي من أنظمة الخليج للاقتصاد المصري المنهار، لمنع أي تداعيات شعبية قد تسقط النظام المصري فيتأثر أمن الكيان الصهيوني سلبا وقد يؤدي ذلك إلى تخفيف الضغط والحصار المصري على قطاع غزة.
9- اعتماد القادة الجدد في كل من السعودية والإمارات وتقديم الدعم الأمريكي للقيادة المصرية الحالية، مقابل ما سيطلب منهم لتحقيق الاستراتيجيات والأهداف العسكرية والاقتصادية الأمريكية والصهيونية في المنطقة.
10- وعلى كل الأحوال فإنني أتوقع تحقيق بعض الأهداف السابقة بشكل جزئي ومؤقت وغير مؤثر على المدى الطويل على أمن المنطقة ولا على الاقتصاد المصري، حيث لن تستطيع دول الخليج سداد فواتير فشل النظام المصري لمدة أطول من تاريخ الانتهاء بإجراء الانتخابات التشريعية الأمريكية ودعم الصهاينة والعرب لحزب بايدن فيها بنهاية هذه السنة، ثم ستنهار كافة الاتفاقات والوعود التي أبرمت وتبرم خلال الأسابيع الحالية والمقبلة. كما أن الدعم المالي العربي والقروض الدولية للحكومة المصرية لن تحل الأزمة الاقتصادية الطاحنة في مصر، بل ستزيد الطين بلة بسبب فشلها في إدارة الموارد المالية والطبيعية والبشرية في مصر.