نشرت صحيفة "صندي تايمز" البريطانية تقريرا لمراسلتها في إسطنبول
لويز كالاغان، حول استغلال حزب جديد للأزمة الاقتصادية لإثارة المشاعر المعادية
للاجئين.
وقالت إن هذا الحزب هو النسخة التركية لحزب الاستقلال البريطاني الذي
استخدم ورقة الهجرة والدعوة لانسحاب بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.
وأكدت أن أوميت أوزاغ ظل مثيرا لمشاعر الغوغاء على هامش السياسة
التركية وجزءا من حركة قومية مهووسة بنقاء العرق التركي. وباتت رسالته المعادية
للمهاجرين تجد صدى بين السكان وسط أزمة اقتصادية، حيث إنه يدعو لإرسال الملايين الذين
استقروا في تركيا من حيث جاءوا وحتى آخر مهاجر.
وفي الوقت الذي يحاول فيه الرئيس رجب طيب أردوغان التحكم بتراجع شعبيته
في استطلاعات الرأي بحيث تجعله عرضة للخطر في انتخابات الرئاسة العام المقبل، فإن
أوزداغ، زعيم حزب صغير اسمه "النصر"، يعمل على دفع قادة الأحزاب الرئيسية
لتبني رسالته المعادية للأجانب وعبر منصات التواصل الاجتماعي والتي تعطي الأتراك
هدفا ناعما لتحميل الآخرين مشاكلهم الاقتصادية.
وفي لقاء مع الصحيفة بفندق راق بإسطنبول، قال أوزداع، المحاضر الجامعي
السابق: "لدينا الكثير من المشاكل في تركيا، ولكن مشكلة اللاجئين هي
الأهم"، مضيفا أن "مشكلة اللاجئين ليست مشكلة أمن قومي، بل هي السبب الرئيسي
وراء الأزمة الاقتصادية الحالية".
ورغم الإعلان عن الحزب في
العام الماضي وتشير استطلاعات الرأي إلى أن نسبة الدعم له هي 1.5% إلا أن النفوذ
الذي بات يتمتع به أوزداغ يتفوق على حصته من أصوات الناخبين.
وتحتوي منشوراته التي ينشرها على منصات التواصل الاجتماعي على مواد
تنتشر بسرعة، بشكل تفوقت على "اللايكات" على منشورات أردوغان، بحسب تحليل
لـ"بلومبيرغ"، رغم أن أوزداغ وخلافا للرئيس وأتباعه لا يسيطر على جيش من الداعمين
الإلكترونيين.
ويقول سليم كورو، المحلل في المعهد التركي طيباف: "إنهم يدفعون
بالأجندة أبعد من رؤيتهم وموقعهم" و"هم يعملون مثل يوكيب" أي حزب الاستقلال
البريطاني.
وقالت الصحيفة إن مزاعمه بأن تركيا محاصرة من ملايين الأجانب غير
المرغوب فيهم، مبالغ فيها وتحتوي على معلومات خاطئة. فقد رفض أثناء المقابلة تقديم
أية معلومات أو أدلة تدعم مزاعمه التي لا يمكن تصديقها، مكتفيا بالقول إن لديه
معلومات من مصادر استخباراتية لا يستطيع الكشف عنها.
وسواء كانت مزاعمه قائمة على معلومات صلبة أم لا، فإن أوزداغ يحاول
استخدام الشك الموجود من اللاجئين وطالبي اللجوء والذي تفاقم مع تراجع الثقة
بالحكومة وانهيار سعر الليرة والتضخم الذي وصل إلى 70%. فعلى طول الطيف السياسي هناك
سخط وعدم ارتياح من وجود 3.5 مليون لاجئ سوري، ومئات الآلاف من الأفغان
والباكستانيين وغيرهم ممن وجدوا ملجأ في تركيا.
وقال التاجر الملتزم والمحافظ أنيس، الذي رفض الكشف عن هويته:
"بصراحة أفهم من أين جاء (أوزداغ) ولن أصوت له، ولكنني أفهمه، فالبلد مليء
وهناك الكثير من الناس".
وقال إن السوريين جاءوا إلى تركيا مع بداية الحرب على أساس عودتهم إلى
بلادهم عند نهايتها. ورغم خفوت الأزمة إلا أنهم لا يزالون في تركيا. وتراجع مستواه
المعيشي بسبب الأزمة الاقتصادية، حيث زادت أسعار الأجور لمعدلات غريبة بجانب مشاكل
اجتماعية واضحة في الشارع والتي حمل اللاجئين مسؤوليتها. ولا يتفق الاقتصاديون
وخبراء الهجرة على هذا التحليل. ويقول متين كوراباتير، مدير البحث في مركز اللجوء
والهجرة بأنقرة إن اللاجئين السوريين تعرضوا للشيطنة بسبب سياسيين مثل أوزداغ، حيث
"تجعل العوامل الاقتصادية والمستويات العالية من البطالة اللاجئين كبش
فداء".
وأضاف: "غياب المعلومات
والمعرفة بشكل عام تساعد هؤلاء الناس أصحاب النوايا السيئة والنوايا السياسية على
نشر أكاذيبهم وتضليلهم بسهولة".
وشدد على أن اللاجئين السوريين والأفغان ليسوا المسؤولين عن انهيار
العملة أو زيادة كلفة المعيشة، بل إنهم وفروا عمالة رخيصة. والمشكلة نابعة من فشل
الدولة التركية في السماح للسوريين- الذين لا يعتبرون لاجئين، بل ويتمتعون بحماية
مؤقتة- المنفذ على المؤسسات والخدمات.
وتم توجيه الغضب على الرجل الذي سمح لهذه الأعداد من اللاجئين بدخول
تركيا. وبات حزب أردوغان يحظى اليوم بشعبية 29% أقل من 42.5% عام 2018.
ولم يكن قادرا على استخدام ورقة اللاجئين، رغم سلسلة من السياسات
لترحيل السوريين وغيرهم أو تشجيع العودة الطوعية. حتى في قاسم باشا التي نشأ فيها
أردوغان وحظي فيها بإعجاب واسع، فقد ارتد الناس ضده.
وتحدث حسن صديق طفولة أردوغان وهو يغالب دموعه عن فقدانه الثقة بالرجل
الذي كان يعبده. وقال إن "البلد ليس كما كان، ليس لدينا المكان ولا المال لهؤلاء
الناس" و"الاقتصاد في وضع سيئ ومن الصعب الحصول على عمل، ويبدو بعيدا
عنها في قصوره، ودعمه الجميع، وكان من المستحيل عمل ما فعله، ولكن النجاح جعله
مغرورا".
لكن البعض لا يزال على ولائه، فأحمد، 53 عاما، تجاهل الشكاوى حول
المهاجرين، وقال وهو يقف أمام محل حلاقة كان أردوغان يحلق شعره فيه: "أنظري
إلى هذه المقاهي المليئة بالأشخاص القادرين على العمل"، "لكنهم لا
يريدون العمل بالمبالغ التي يحصل عليها السوريون ولا يريدون العمل الشاق، أعطانا
رئيسنا كل شيء نريده".
وتعلق الصحافية بأن حياة السوريين وسط هذا النقاش المسعور والعنصري في
بعض الأحيان يحوم عليها الخوف، فهناك خوف من أن يتم اعتقالهم في عمليات واسعة
تستهدف المهاجرين وخوف من إمكانية تعرضهم للهجمات في الشوارع وخوف من إمكانية
ترحيلهم إلى مواطنهم بدون أدنى حماية قانونية.
FT: أمريكا تحذر الإمارات من أموال روسيا الهاربة من العقوبات
FP: على الغرب مصالحة أردوغان لإنقاذ أوكرانيا وإضعاف بوتين
خشية إسرائيلية من تنامي التهديد الإيراني في تركيا