منذ استيلاء حركة طالبان على العاصمة الأفغانية كابول قبل نحو عام، والعالم يتابع كيف ستقود الحركة البلاد التي أنهكتها الحروب المستمرة منذ نحو 40 عامًا بشكل شبه متصل؛ حيث بدأت التقارير تنتشر عن وجود خلافات بين أجنحة الحركة المتشددة والليبرالية حول الأسلوب الأمثل لإدارة البلاد.
ونشرت صحيفة "نيزافيسيمايا" الروسية تقريرًا، ترجمته "عربي21"، تحدثت فيه عن أن احتمال التحاق فتيات أفغانيات فوق سن الثانية عشر بصفوف التعليم يثير خلافات بين أعضاء حركة طالبان؛ حيث اختلف قادة الحركة بشأن تفسير قواعد الشريعة فيما يتعلق بالتحاق الفتيات بصفوف المدارس.
ونقلت الصحيفة عن مصادر في صحيفة "وول ستريت جورنال" قولهم إن القيادة السياسية في كابول احتُجِزَت كرهائن من طرف عناصر مسلحة متشددة، ما أدى إلى نزوح جماعي من مقاتلي الدرجات الأدنى وبشكل جماعي إلى كابول، وقد تؤثر هذه الخلافات على السياسة الخارجية التي تنتهجها الحكومة الأفغانية.
بشكل عام، بحسب الصحيفة، لم يتوصل المجلس الكبير لعلماء الدين والشيوخ الأفغان إلى حل وسط بشأن مسألة فتح أبواب المدارس أمام الفتيات المراهقات بعد منع طرح الموضوع من طرف مجموعة من المحافظين الدينيين.
اقرأ أيضا: صحيفة: الصدع في صفوف طالبان يظهر للعلن
في المقابل؛ يرى ممثلو الحركة ذوو الفكر المعتدل، بمن فيهم الذين يتقلدون مناصب حكومية أن منع الفتيات من الالتحاق بصفوف المدارس ليس له مبرر ديني، خاصة عندما يتعلق الأمر بنظام التعليم المنفصل.
كما يدعي مطلعون أن "الصقور" يؤثرون على توجهات القائد الأعلى لحركة طالبان الملا هيبة الله أخوندزاده، المسؤول وحاشيته عن شؤون الإدارة العامة. ففي خطاب له؛ شدد أخوندزاده على ضرورة التغلب على الانقسامات الداخلية، قائلا: "تعتمد ديمومتنا على مدى وحدتنا"، ولم يقدم أخوندزاده تفاصيل حول حظر التعليم المفروض على الفتيات، متوعدًا بمنح المجلس الديني صلاحيات كبيرة في الحكومة واتباعه سياسة مستقلة للغاية.
وتشير الصحيفة إلى انقطاع التواصل بين دوائر المرشد الأعلى لطالبان التي تتواجد في قندهار، وبين الحكومة المؤقتة التي تتخذ من كابول مقرًّا لها، وبحسب أحد مصادر "وول ستريت جورنال"، فإن سبب الخلافات بشأن المبادرات التعليمية يعود إلى عدم اطلاع أخوندزاده على رغبة مجلس الوزراء في فتح أبواب المدارس أمام الفتيات الأفغانيات، وبعد أسابيع من إعلان المرشد الأعلى استمرار الحظر المفروض على التحاق الفتيات بالمدارس حثه كبار مسؤولي طالبان على إعادة النظر في قراره.
ووفقًا للصحيفة؛ فقد زاد إلحاق العديد من مسؤولي الحركة، الذين عاشوا في باكستان وقطر بناتهم بالمدارس والجامعات المحلية من حدة التناقضات الداخلية في السنوات الأخيرة، فبعد الإطاحة بحكومة الرئيس السابق أشرف غني سنة 2021 والاستسلام الفعلي للتحالف الأجنبي، أحضر بعض قادة طالبان أطفالهم إلى أفغانستان على أمل السماح لهم بمواصلة تعليمهم، غير أن قرار حظر التعليم شكل صدمة بالنسبة لهم. وفي آيار/مايو من السنة الجارية أصدرت القيادة العليا أمرا يفرض على جميع النساء الأفغانيات تغطية وجوههن في الأماكن العامة.
اقرأ أيضا: وزير داخلية طالبان: أنباء سارّة قريبا بشأن مدارس الفتيات
بحسب الخبراء؛ يزيد الوضع الراهن من حدة الصراع على السلطة بين قادة الحركة؛ أي بين أنصار الملا عبد الغني برادر المؤسس المشارك وأحد أهم القادة السياسيين لحركة طالبان، وأنصار القائم بأعمال وزير الداخلية سراج الدين حقاني، ورغم هذه الصراعات، ينفي ذبيح الله مجاهد، المتحدث باسم الحركة، وجود خلافات في صفوف الحركة.
وتبين الصحيفة أنه في الوقت الذي تختبر فيه التناقضات الداخلية صلابة القيادة الأفغانية، ينتشر الإحباط في صفوف قادة طالبان بسبب تدهور الظروف المعيشية؛ حيث قال مقاتلو الرتب الوسطى إنهم لم يتلقوا مكافآت مقابل النصر العسكري الذي حققوه السنة الماضية، ما أدى إلى تدهور وضعهم المالي وشجع على الانسحاب من الحركة.
ونقلت الصحيفة عن عمر نصار، الباحث في معهد الدراسات الشرقية التابع لأكاديمية العلوم الروسية ومدير مركز دراسات أفغانستان الحديثة، قوله إن الجزء الراديكالي للحركة ينتهج سياسة متطرفة انعكست في المسار الخارجي، ويتجلى ذلك في رفضه تقديم تنازلات لصالح لاعبين خارجيين بخصوص العديد من القضايا.
وفي نهاية التقرير؛ يشير عمر نصار، بحسب الصحيفة، إلى أن الجهات الفاعلة العالمية لم تنتبه إلى أنه يتم تعزيز مواقف الجناح الراديكالي في طالبان، مؤكدًا إمكانية اختلاف مواقف القادة من اللاعبين الخارجيين في حالة حدوث تغييرات كبيرة داخل الحركة.
معهد واشنطن يسلط الضوء على مستقبل التنظيمات "الجهادية"
صحيفة: الصدع في صفوف طالبان يظهر للعلن
قصص مأساوية لأسر أفغانية بعد الإجلاء.. هل خذلتهم أمريكا؟