خلال الأيام الماضية التي سبقت زيارة الرئيس الأمريكي بايدن إلى المنطقة، تحدثت العديد من وسائل الإعلام والكتاب والمتابعين عن أجندة الزيارة، وفي مقدمتها موضوع بناء تحالف أمني عسكري أمريكي عربي ويكون الاحتلال الإسرائيلي جزءا منه.
بحيث يستهدف هذا التحالف بالدرجة الأولى القضية الفلسطينية لصالح الاحتلال الإسرائيلي من جهة، ومن جهة أخرى إيران ومشروعها النووي وسياساتها في المنطقة.
زيارة الرئيس بايدن إلى كيان الاحتلال الإسرائيلي، في أول محطة له في المنطقة، والاتفاق مع القيادة الإسرائيلية على "إعلان القدس"، وهو اتفاق قائم على مواصلة الدعم العسكري والسياسي الأمريكي للاحتلال، وتوفير الحماية الأمريكية له في المحافل الدولية والدفاع عن سياساته العدوانية ضد الشعب الفلسطيني.
ولمجرد أن يرتبط اسم مدينة القدس المحتلة بالإعلان الأمريكي الإسرائيلي، فإن ذلك استفزاز لمشاعر الشعب الفلسطيني، وكأننا أمام الرئيس الأمريكي السابق ترامب وهو يعلن القدس عاصمة للاحتلال الإسرائيلي.
ووصف الرئيس بايدن بأن حل الدولتين حلم بعيد المنال، هو إعلان أمريكي وإقرار وتأكيد على أن السياسة الأمريكية واحدة فيما يتعلق بالصراع الفلسطيني الإسرائيلي، القائمة على دعم الاحتلال.
هذا الاتفاق يعكس حقيقة الأجندة الأمريكية لهذه الزيارة، والتي تؤكد أن بايدن جاء إلى المنطقة لخدمة المصالح الإسرائيلية بطرق مختلفة، ومنها بناء تحالف عسكري وأمني في المنطقة والاحتلال الإسرائيلي جزء منه.
لمجرد أن يرتبط اسم مدينة القدس المحتلة بالإعلان الأمريكي الإسرائيلي، فإن ذلك استفزاز لمشاعر الشعب الفلسطيني، وكأننا أمام الرئيس الأمريكي السابق ترامب وهو يعلن القدس عاصمة للاحتلال الإسرائيلي.
في قمة جدة للأمن والتنمية، التي انعقدت بمشاركة الرئيس بايدن والسعودية ومصر والأردن وقطر والعراق والكويت والبحرين والإمارات، بهدف بناء تحالف أمني واقتصادي لمواجهة الأزمة العالمية.
ذهبت التوقعات إلى أن تشكل القمة تحالفا أمنيا وعسكريا في المنطقة العربية يكون الاحتلال الإسرائيلي جزءا منه، لكن من الواضح أن الرياح كانت بعكس السفن الإسرائيلية.
في البيان الصحفي لوزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان، وفي رد على سؤال لأحد الصحفيين حول ما أثير قبل القمة من أنها ستبحث في تشكيل تحافل أمني عربي أمريكي إسرائيلي.
رد الوزير بأن قمة جدة لم تناقش هذا الملف، وأنه بالأساس غير موجود على طاولة القمة العربية الأمريكية، وحتى أنه استغرب من تناول العديد من وسائل الإعلام هذا الموضوع ما قبل القمة.
كما أن البيان الختامي للقمة لم يتطرق إلى الحديث عن هذا التحالف، ونستطيع القول إن هذا التحالف مشروع أمريكي لا يحظى حتى اللحظة بقبول وإجماع من بعض الدول العربية التي شاركت في قمة جدة.
بالتالي نتحدث عن مواقف عربية رافضة للتطبيع مع الاحتلال الإسرائيلي ولا تقبل ببناء تحالف أمني وعسكري في المنطقة بمشاركة "إسرائيل"، لكنها توافق على تحالف من هذا الشكل مع أمريكا.
لكن حتى وإن لم يصدر عن القمة بناء تحالف بهذا الشكل بوجود الاحتلال الإسرائيلي، فإن الولايات المتحدة ستكون الضامن لمصالح "إسرائيل" في أي شكل من التحالفات العربية الأمريكية.
أما فيما يتعلق بإيران وملفها النووي وسياساتها في المنطقة، فمن الواضح أن هذه القمة لم تكن أيضا ضمن التوقعات الإيرانية وغير الإيرانية، بأن تكون قمة عدائية ضد إيران.
ذلك واضح من خلال التصريحات والكلمات العربية في القمة، والتي كانت عبارة عن تطمينات إلى إيران، وتأكيدات على أهمية الحل السياسي للأزمة الإيرانية النووية، والتدخل الإيراني في سورية واليمن والعراق.
وجرى الحديث سابقا عن تحركات إيرانية استباقية قبل القمة، من خلال اتصالاتها مع دول الخليج العربي، حتى لا تكون هذه القمة أداة أمريكية لمعاقبة إيران وبناء تحالف عربي ضدها، ومن الواضح أن هذه التحركات الإيرانية نجحت إلى حد ما.
وبالتالي لم تشكل قمة جدة تهديدا فعليا لإيران، ولم يعلن عن تحالف ضد السياسات الإيرانية، بل كانت قمة مجاملات ورسائل وردية تجاه إيران، والسؤال هل الحديث عن محور يتشكل في المنطقة العربية ضد إيران حقيقيا؟.
جرى الحديث سابقا عن تحركات إيرانية استباقية قبل القمة، من خلال اتصالاتها مع دول الخليج العربي، حتى لا تكون هذه القمة أداة أمريكية لمعاقبة إيران وبناء تحالف عربي ضدها، ومن الواضح أن هذه التحركات الإيرانية نجحت إلى حد ما.
خلاصة القول إن التوقعات ببناء تحالف أمريكي عربي إسرائيلي بعد قمة جدة، لم تصب، فلا حديث حتى اللحظة عن بناء مثل هذا التحالف في المدى القريب.
لكن الباب لايزال مفتوحا على إمكانية بناء مثل هذا التحالف إن استمرت التحركات الأمريكية في دفع عجلة التطبيع العربي الإسرائيلي، فإن اتفاقيات التطبيع تعتبر المفتاح نحو تشكيل مثل هذا التحالف.
ومن الواضح أن سياسة الرئيس بايدن هي ذاتها سياسة سلفه ترمب، في العمل على تعزيز اتفاقيات التطبيع العربي الإسرائيلي، وبناء تحالفات واتفاقيات أخرى، وإدخال المزيد من الأنظمة العربية إلى حظيرة التطبيع.
ونستشهد بالموقف الإماراتي المعلن خلال لقاء الرئيس بايدن، المؤكد على أهمية التحالف الأمني والعسكري والاقتصادي مع الجانب الإسرائيلي، والإمارات دولة مطبعة مع الاحتلال.
لذلك من الأهمية في البعد الفلسطيني السياسي العمل على محاربة التطبيع بالدرجة الأولى، والبناء على مواقف عربية متقدمة كانت حاضرة في قمة جدة، وهي موقف الكويت والعراق وقطر، وحتى الموقف السعودي.
أعتقد أن مواقف هذه الدول الرافضة حتى اللحظة عقد اتفاقيات تطبيع رسمية مع الاحتلال، هي من أهم الأسباب التي قطعت الطريق على الإدارة الأمريكية في هذه القمة من بناء هذا التحالف، لذلك من المهم البناء على هذه المواقف وقطع الطريق على الاحتلال الإسرائيلي في إبرام المزيد من هذه الاتفاقيات.
جولة بايدن بين الأرقام الصلبة والحقائق الرخوة
مُقَارَبَاتٌ لِفَرَحٍ مَديد.. في عيدٍ سَعيد
علاقات "حماس" الخارجية.. للضرورة أحكام