ذكرت صحيفة "وول ستريت جورنال" أن الولايات المتحدة قد لا تفرج عن مليارات الدولارات من الأموال الأفغانية المودعة في أمريكا، بعد الغارة الجوية التي قتلت زعيم القاعدة في كابول وسط مخاوف من عودة الإرهاب العالمي من البلد الذي تحكمه حركة طالبان.
وجاء في التقرير الذي أعدته جيسيكا دوناتي ومارغريتا ستانكاتي أن إدارة الرئيس بايدن قررت عدم الإفراج عن 7 مليارات دولار من الأموال المجمدة التي أودعها المصرف المركزي الأفغاني في البنوك الأمريكية وأوقفت المحادثات مع طالبان بشأن الأموال بعد مقتل أيمن الظواهري، وذلك نقلا عن مسؤولين أمريكيين.
وأشارت الصحيفة إلى أن القرار هو تراجع عن التقدم الملحوظ في المحادثات بين الولايات المتحدة وطالبان وصفقات مما بدد الآمال في تحقيق تعاف اقتصادي في أفغانستان حيث يواجه الملايين المجاعة بعد عام من سيطرة الحركة على الحكم.
وتشير الصحيفة إلى أن الغارة الجوية بطائرة مسيرة التي قتلت الظواهري كشفت عن صدوع عميقة داخل الحركة وأثارت مخاوف الغرب من إمكانية عودة الإرهاب العالمي النابع من أفغانستان.
وكان الظواهري يعيش مع عائلته في وسط كابول إلى جانب بيت ضيافة تابع لوزير الداخلية القوي في حكومة طالبان سراج الدين حقاني.
وبعد قتل زعيم القاعدة علقت الولايات المتحدة كل المحادثات مع المسؤولين الماليين في حكومة طالبان واستبعدت استخدام بعض الأموال في عمليات الإغاثة الإنسانية وتحقيق الاستقرار للاقتصاد الأفغاني، مع أنها اقترحت في الماضي أن هذا قد يكون خيارا.
ويحتاج المصرف المركزي الأفغاني هذه الأموال لاستئناف المهام الرئيسية الهادفة لمنع التضخم والحفاظ على سعر الفائدة وإنعاش الاقتصاد.
وقال المبعوث الأمريكي البارز توم ويست في تصريحات لـ "وول ستريت جورنال": "لم نعد نرى أن إعادة رسملة البنك المركزي خيار في المدى القريب".
وتابع ويست أنه تعامل مع المسؤوليين المصرفيين في طالبان لعدة أشهر قبل التوصل لهذه النتيجة "ليست لدينا الثقة من أن المؤسسة لديها الضمانات والرقابة لإدارة الأرصدة بطريقة مسؤولة" و"لا داعي للقول، فتوفير طالبان الملجأ لزعيم القاعدة أيمن الظواهري عزز من القلق العميق الذي لدينا من تحويل بعض الأموال إلى الجماعات الإرهابية".
ولا تزال الولايات المتحدة المانح الأكبر في المساعدات لأفغانستان، حيث يتم توزيع الأموال عبر المنظمات الدولية.
وكانت إدارة بايدن قد أعلنت سابقا عن تفكير بالإفراج عن نصف الأموال المودعة من أجل منفعة الشعب الأفغاني، وخصصت النصف الآخر لكي تدفع كتعويضات لعائلات ضحايا 9/11 وبناء على القضايا القانونية المقدمة منها.
اقرأ أيضا: "CIA" ترى أن القاعدة لم تُعد تجميع صفوفها في أفغانستان
وفي الوقت نفسه، يفكر البيت الأبيض باستخدام 3.5 مليارات دولار من الصندوق الإئتماني لمساعدة الشعب الأفغاني إنسانيا وضخ أموال للبنك المركزي، بشرط تقديم ضمانات حول كيفية إنفاق الأموال.
وفي كلا الخيارين، تقول المتحدثة باسم البيت الأبيض إن الحكومة الأمريكية تواصل النقاش في محادثات طويلة الأمد مع بقية الدول لإنشاء صندوق لإدارة الاحتياطات المالية لصالح الشعب الأفغاني.
وتابعت: "لم يحدث أي تغير على نهجنا والذي كان ولا يزال مركزا للعثور على تمويل ينفع الشعب الأفغاني بدون منفعة طالبان".
وقال شاه محرابي، العضو في البنك المركزي المعين قبل سقوط الحكومة المدعومة من أمريكا إن قرار الحفاظ على الأموال في أمريكا سيكون له أثر كارثي على الشعب الأفغاني الذي يواجه مصاعب حقيقية.
ولن تكون النساء والأطفال الفقراء قادرين على شراء الخبز والأشياء الضرورية الأخرى. وستظل البلاد معتمدة على الدعم الإنساني، وهذا ليس حلا.
وأضاف محرابي أستاذ الاقتصاد بكلية مونتغمري: "الاحتياطي يعود للمصرف المركزي ويجب إعادته للاستخدام في الأغراض النقدية".
وتضيف الصحيفة أن النكسة الأخيرة في العلاقات بين حكام أفغانستان الجدد والغرب تأتي في وقت احتفلت فيه طالبان بمرور عام على عودتها إلى السلطة والإطاحة بالحكومة التي دعمتها الولايات المتحدة في كابول.
ورغم الآمال الأولى بتغير طالبان الثانية عن الأولى إلا أنها طبقت عددا من الأساليب التي استخدمتها وهي في الحكم قبل 20 عاما.
وتضم هذه منع المرأة من التعليم بعد الصف السادس ومنع المرأة من العمل في معظم دوائر الحكومة والحظر عليها من السفر بدون محرم.
ولا توجد هناك خطط للتواصل مع طالبان في الموضوعات المشتركة، كما يقول المسؤولون الأمريكيون.
ومن بينها الإفراج عن المتعهد الأمني مارك فريتش المعتقل لدى طالبان منذ أكثر من عامين. وتريد طالبان مقابل الإفراج عنه، بشير نورزاي، تاجر المخدرات الذي له علاقات مع طالبان والذي يقضي حاليا حكما مدى الحياة في الولايات المتحدة لمحاولته تهريب هيروين بقيمة 50 مليون دولار.
وترغب طالبان بتحسين علاقاتها مع المجتمع الدولي والاعتراف للحد من التضخم وتوفير السيولة المالية واستقرار البنك المركزي، في وقت تتجنب فيه الشركات الأجنبية أية عقود مع طالبان خشية الوقوع في شرك خرق العقوبات المفروضة على قيادة طالبان.
وحذرت الأمم المتحدة أن نسبة 90 بالمئة من سكان أفغانستان يعانون من نقص الطعام وأن حوالي نصف السكان على حافة الجوع.
ومنذ الانسحاب العام الماضي تبرعت أمريكا بأكثر من 774 مليون دولار للمساعدات الإنسانية، بشكل يجعلها أكبر مانح للبلد.
وتتناقض سياسات طالبان في أفغانستان مع رغبتها "بعلاقات إيجابية مع العالم" حسبما تشير اليافطات المعلقة على الوزارات وفي المطار.
وبدا التوتر بين طالبان والغرب واضحا بعد مقتل الظواهري، حيث شجبت العملية التي تمت على التراب الأفغاني لكنها قضت وقتا طويلا لكي تجيب على الاتهامات بتوفير الملجأ له.
ويقول إبراهيم باهيس، الخبير الأفغاني في مجموعة الأزمات الدولية: "هناك مستوى من الفهم بأن المواجهة مع القاعدة، لو لم يكن هناك مبرر لها، ستؤدي إلى تفكك الحركة، وهذا ما يمنع أي تحركات قوية ضد القاعدة".
وبعد مقتل الظواهري حدثت مظاهرات معادية لأمريكا في مناطق من أفغانستان. وأصدرت الحركة بعد صمت بيانا قالت فيه إنها لم تكن تعلم بوجوده في أفغانستان.
وفي البيان الذي صدر بعد اجتماع القيادة بقندهار: "لا يوجد أي تهديد على أي بلد، بما فيها أمريكا من أفغانستان".
كاتبة بريطانية: اغتيال الظواهري أربك طالبان وقدرتها على الرد
كاتب: نمط حياة الظواهري ساعد أمريكا على اغتياله
كاتب بريطاني: اغتيال الظواهري جاء بوقت حرج للقاعدة