عاد ملف حقوق الإنسان في مصر، ليتصدر سدة الخلاف من جديد بين إدارة الرئيس جو بايدن والكونغرس، مع كل نقاش يبدأ حول المساعدات العسكرية الأمريكية للقاهرة.
وقالت مجلة فورين بوليسي إن الخلاف يدور حول أحقية مصر في الحصول على المساعدات العسكرية السنوية التي تقدمها الولايات المتحدة، مع وجود سجل "كئيب" للقاهرة في مجال حقوق الإنسان.
وعلى مدار 35 عاما تقريبا، قدمت الولايات المتحدة 1.3 مليار دولار سنويا كمساعدات عسكرية لمصر بهدف تعزيز العلاقة الجيوسياسية المهمة بين واشنطن والقاهرة والمساعدة في استقرار العلاقات غير المستقرة بين مصر وإسرائيل التي تعتبر أهم حلفاء أمريكا في الشرق الأوسط.
وفي السنوات الأخيرة، وضع الكونغرس قاعدة تقضي بضرورة أن يكون جزء من هذا التمويل -حوالي 300 مليون دولار- مشروطا بتمسك الحكومة المصرية ببعض شروط حقوق الإنسان الأساسية.
لكن يمكن للرئيس التنازل عن هذه القاعدة لأسباب تتعلق بالأمن القومي، وفي كل عام تقريبا يستخدم الرؤساء الأمريكيون هذا التنازل للحفاظ على استمرارية هذه المساعدات.
وتريد جماعات حقوق الإنسان وبعض المشرعين، لا سيما أولئك الذين يتبعون الجناح التقدمي للحزب الديمقراطي، من بايدن أن يرسل رسالة إلى مصر مفادها أن الولايات المتحدة لن تقبل الوضع الراهن بإرسال نفس القدر من المساعدة العسكرية في ضوء سجل مصر الحالي في حقوق الإنسان.
ويجادلون بأنه من خلال القيام بأي شيء أقل من ذلك، فإن بايدن يستسلم للوعد الذي قطعه خلال حملته الرئاسية بأن يجعل حقوق الإنسان محورا للسياسة الخارجية للولايات المتحدة.
وكتب بايدن على تويتر في يوليو من عام 2020: "لا مزيد من الشيكات الفارغة لـ"الديكتاتور المفضل لترامب"، في إشارة واضحة للرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، الذي تولى منصبه عام 2014.
وقال مدير المناصرة في مشروع الديمقراطية بالشرق الأوسط، سيث بيندر: "إن حالة حقوق الإنسان في مصر مروعة تماما كما كانت قبل تولي بايدن السلطة، وكانت في العام الماضي كما هي الآن". وأضاف أن "السيسي من أكثر الديكتاتوريين وحشية في العالم"، فيما لم ترد السفارة المصرية لدى واشنطن على طلب مجلة "فورين بوليسي" للتعليق.
اقرأ أيضا: حقوقي فرنسي: قمة المناخ تجمّل وجه السيسي "النازي"
على الجانب الآخر، يتخذ مشرعون إلى جانب مجموعة من مسؤولي إدارة بايدن موقفا مغايرا، ويعتقدون أن مصر لا تزال حليفا مهما في الشرق الأوسط حتى في ضوء حكم السيسي الاستبدادي، بحسب المجلة الأمريكية.
ويجادل هؤلاء المسؤولون بأن مصر تتعاون مع واشنطن في مكافحة الإرهاب وتساعد المنطقة في الحفاظ على توازن مستقر مع إسرائيل.
ويجادل هذا الطرف بأن قطع المساعدات العسكرية عن مصر قد يؤدي في نهاية المطاف إلى الإضرار بالعلاقات الأمريكية المصرية، ودفع القاهرة إلى الاقتراب من المنافسين الجيوسياسيين مثل روسيا والصين، وفي النهاية لا تفعل شيئا يذكر لتغيير سجل البلاد في مجال حقوق الإنسان.
ومع تدهور العلاقات الأمريكية المصرية منذ الربيع العربي وصعود السيسي، فقد بدأت مصر، ثالث أكبر مستورد للأسلحة في العالم، بإحياء العلاقات مع روسيا.
وتوصل الجانبان إلى اتفاقيات تعاون لترقية الأسطول المصري القديم من الطائرات المقاتلة إلى طائرات "ميغ -29 إم".
وبدأ التعاون في مجال الطاقة النووية، ما أثار قلق واشنطن حتى إن المسؤولين الأمريكيين اشتكوا في الماضي من أن نظراءهم المصريين سمحوا للجيش الروسي - دون إذن أمريكي - بتفتيش الطائرات الأمريكية التي تطير دوريا إلى مصر.
اقرأ أيضا: WP: معاقبة بايدن لمصر تطور هام.. هل يستجيب السيسي؟
ويجادل بعض الخبراء بأن واشنطن يجب أن تفعل كل ما في وسعها لمنع القاهرة من التقرب أكثر من موسكو.
وقال ديفيد شينكر، المساعد السابق لوزيرة الخارجية لشؤون الشرق الأدنى خلال إدارة ترامب، وهو الآن زميل أول بمعهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى: "تعتبر القاهرة مبلغ 1.3 مليار دولار حقها- إنها أموالهم".
ما السر وراء غياب التغطية الإعلامية لمشاكل الأقباط بمصر؟
FP: مشاريع السيسي الوهمية أغرقت مصر بالديون وأفلست خزينتها
لماذا فشل السيسي بإصلاح اقتصاد مصر الذي يهيمن عليه العسكر؟