الولادة القيصرية هي واحدة من العمليات الجراحية
الأكثر شيوعا في العالم، وعلى الرغم من أنها يمكن أن تنقذ الحياة، إلا أنه غالبا
ما تتم من دون حاجة ضرورية لها، الأمر الذي قد يعرض النساء وأطفالهن للخطر، والوقوع
في مشاكل صحية. وقد ارتفعت معدلات الولادة القيصرية حول العالم في
المتوسط من 7 في المئة خلال عام 1990 إلى 21 في المئة عام 2021 حسب منظمة الصحة
العالمية.
أهمية
وجود بروتوكول وتصنيف دولي لتنظيم الولادة القيصرية:
وكانت منظمة الصحة العالمية قد اعتمدت تصنيف "روبسون" في عام 2015 كوسيلة لمراقبة وكبح جماح الزيادة المضطردة في أعداد العمليات
القيصرية، حيث يهتم التصنيف بوضع جميع النساء اللواتي في مرحلة الولادة ضمن عشر
مجموعات على أساس الخصائص التي يمكن تحديدها بسهولة، مثل عمر السيدة الحامل، وعدد
حالات الحمل السابقة، وحجم الطفل ووضعه داخل الرحم، ومدة الحمل، وندبات الرحم
السابقة، وعدد الأطفال وكيف بدأت آلام الولادة.
وفي تجربة رائدة قامت جامعة بنها بمحافظة القليوبية شمال القاهرة بالتعاون
مع منظمة الصحة العالمية، تم تطبيق تصنيف روبسون، وكانت نتيجة البحث هي تحديد أهم
أسباب انتشار الولادة بالعملية القيصرية في مصر؛ وتشمل ستة أسباب رئيسية: الأول هو
اتخاذ قرار إجراء الولادة القيصرية للمرة الأولى للسيدة الحامل بطريقة متسرعة، بسبب
عدم التدريب الجيد للفريق الصحي على المهارات الأساسية للولادة الطبيعية وافتقاد
نظم المتابعة الحديثة لسلامة الأم والطفل أثناء الولادة، أو خشية الوقوع تحت طائلة
عقوبات القانون الجنائي وتشمل السجن للطبيب عند حدوث أية مشاكل طبية. والثاني هو عدم
اعتماد تطبيق تصنيف روبنسون رسميا من قِبل الجهات المسئولة بالدولة، والثالث هو القطاع
الخاص، حيث أن الولادة القيصرية أقصر في الوقت وأوفر في التكلفة وأعلى في الربحية.
جاءت مصر في المرتبة الثالثة عالميا؛ حيث ارتفعت نسبة الولادات القيصرية إلى 72 في المئة عام 2021، بالمقارنة مع نسبة 50 في المئة عام 2014 حسب تقرير الجهاز المركزي للإحصاء من خلال المسح الصحي للأسرة المصرية؛ وذلك بما يقارب أربعة أضعاف النسبة العالمية
تعتبر زيادة نسبة وفيات حديثي الولادة بمثابة جرس إنذار يؤكد على وجود مشكلة حقيقة تلزمها مواجهة عاجلة وفعالة وشاملة
أولا: تقنين وضع بروتوكول مصري تبعا لتوصيات منظمة الصحة العالمية
حسب توصيف روبسون، ويتم التدريب عليه وتعميمه على جميع المنشآت الصحية
المختلفة مع وضع نظام حوكمة واضح ودقيق وصارم.
ثانيا: سرعة
الانتهاء من قانون المسؤولية الطبية في مجلس النواب بالتعاون مع نقابة
الأطباء والمجتمع المدني لضمان توفير الأمان المهني والفني للطبيب والفريق الصحي،
بعيدا عن القلق النفسي الذي يفرضه القانون الجنائي المطبق حاليا؛ والذي لا يفرق
بين المضاعفات الطبية والخطأ المهني والإهمال الشخصي، مما يؤدى أيضا إلى تحقيق
السلامة والأمان للمواطن بصورة عامة وضمان حقوقه.
ثالثا: ضرورة
توفير عدد كاف من حضَّانات الأطفال حديثي الولادة بمستوياتها المختلفة، وإعداد
أطقم التشغيل الفني المدربة، وتوفير كافة الاحتياجات بالمجان في المستشفيات
التابعة للحكومة، ودعم الدولة للإنفاق على المولود في المستشفيات الخاصة عند
الضرورة.
رابعا: التركيز
على الحد من مظاهر العنف ضد المرأة وحفظ حقوقها في المعرفة، وفي السرية
والخصوصية داخل عنابر المرضى وأماكن الولادة، وحقها في تخفيف الألم أثناء مراحل
الولادة الطبيعية.
خامسا: تفعيل برامج
نشر الوعي الصحي سواء بالزيارات المنزلية والندوات الخاصة أو بالإعلام الجماهيري، وتوفير
الدعم النفسي للحوامل والتشجيع المجتمعي على العودة لنشر ثقافة الولادة الطبيعية.
وتشمل
الاستراتيجية مرحلة متوسطة المدى وفيها:
أولا: الاهتمام
بمراكز رعاية الأمومة والطفولة بالريف والحضر، وإعادة رفع لافتة "دار
الولادة الطبيعية" التي كانت منتشرة من قبل؛ حيث أن المسمى نفسه يحقق
الهدف الإعلامي والتوعوي والصحي وإعادة نشر الفكرة مجتمعيا، ويمكن دمجها داخل إطار
فعاليات "مبادرة الأف يوم الذهبية" الموجودة حاليا لدعم صحة الأم والطفل،
وذلك لضمان المتابعة والفحص والتوعية على مدار أشهر الحمل التسعة بصورة دورية
مستمرة حتى تصل بالأم والطفل إلى بر الأمان.
سرعة وكفاءة مواجهة انتشار الولادات القيصرية بالاستثمار الأمثل للإمكانيات المادية والبشرية والمالية المتاحة، مع ضمان أقل تكلفة مالية ممكنة حتى نصل بالأم والطفل إلى بر الأمان، داخل إطار مفاهيم التنمية المستدامة والرعاية الصحية
هل استحوذت المخابرات على سوق الدخان في مصر أم مجرد "متحدات"؟!!