يمثل تفشي للكوليرا، الذي أودى بحياة 29 شخصا في سوريا، خطرا عبر
جبهات الحرب المستمرة في البلاد منذ 11 عاما، ويثير المخاوف في المخيمات المكتظة بالنازحين، الذين لا تتوافر لهم مياه شرب نقية أو صرف صحي.
وفي البداية، تم ربط ذلك بالمياه الملوثة قرب نهر الفرات. لكن الوباء انتشر الآن في أنحاء الدولة الممزقة، وسُجلت إصابات في المناطق التي تسيطر
عليها الحكومة والمناطق التي تسيطر عليها قوات المعارضة على السواء. وإجمالا تم تسجيل
ألفي إصابة على الأقل حتى الآن.
وقالت صُبحة الجدوع (60 عاما)، التي تعيش في مخيم للنازحين
في محافظة إدلب الخاضعة لسيطرة قوات المعارضة: "كيف تريد ألا تصيبنا الكوليرا ومياه المجرور (مياه الصرف الصحي) تمر بجانب خيمتنا؟" وأضافت: "لم نعد قادرين
على النوم أو الجلوس؛ بسبب الروائح (الكريهة). منذ أيام طافت (فاضت) المجارير ودخلت
إلى خيمتي".
وتنتشر الكوليرا بسبب تناول الطعام أو الماء الملوث، ويمكن
أن تتسبب في إسهال حاد. ويقول الموقع الإلكتروني لمنظمة الصحة العالمية إن الكوليرا
يمكن أن تقتل المصابين بها في غضون ساعات إذا لم يتلقوا العلاج؛ لأن معظم من تنتقل
إليهم تظهر عليهم أعراض خفيفة أو لا تظهر عليهم أي أعراض.
وتسبب الدمار الناجم عن الصراع السوري في جعل البلاد عرضة
للخطر، وقضى على كثير من البنية التحتية، بما في ذلك محطات ضخ وتنقية المياه.
ويفاقم تغير المناخ مشكلة ندرة المياه في البلاد.
اقرأ أيضا: تفاقم إصابات الكوليرا في سوريا.. "المخيمات بخطر"
وقال الدكتور شهم مكي، مدير مركز الترصد الوبائي بمدينة إدلب: "بسبب الحرب صار فيه (هناك) دمار كبير للبنية الصحية (بشكل خاص) والبنية التحتية
بشكل عام. فانتشاره (المرض) خاصة في المخيمات يمكن أن يترك آثارا صحية جسيمة، ويسبب
الموت لأناس كثيرين".
وأودت الحرب بحياة نحو 350 ألف شخص منذ اندلاعها، إثر
انتفاضة ضد الرئيس بشار الأسد في عام 2011. وتقول منظمة الصحة العالمية إن 55 في المئة
من المنشآت الصحية في البلاد لا تعمل بسبب الحرب.
وقال جوان مصطفى، رئيس هيئة الصحة في الإدارة الذاتية لشمال
شرق سوريا، متحدثا عن مرض الكوليرا، إن الإصابات الأولى بالمرض رُصدت في الخامس من أيلول/
سبتمبر في محافظة دير الزور، قبل أن تظهر في مناطق أخرى من بينها مدينتا الرقة والحسكة.
وأضاف أن هناك أكثر من 4350 حالة اشتباه بالكوليرا في شمال
غرب سوريا ومئة إصابة مؤكدة.
ومضى قائلا إن الحالات تزيد، لكن ببطء لحسن الحظ، على حد تعبيره.
وقالت عمشة شحادة (45 عاما) إنها أخذت ابنتها إلى مستشفى
في الحسكة لإصابتها بإسهال وبدوار، وإن حفيدها ظهرت عليه نفس الأعراض. وأضافت: "كان سببه مياه الصهاريج الملوثة".
وهناك في الوقت الراهن حملات توعية بأسباب وأعراض الكوليرا
ووسائل الوقاية من الإصابة بالمرض.
وقالت إيفا هندز، مسؤولة الاتصالات في منظمة الأمم المتحدة
للطفولة (اليونيسف) في سوريا، إن المنظمة وشركاءها كثفوا نقل المياه بالشاحنات وتنقية
المياه بالكلور في مناطق الإصابات الساخنة؛ لضمان توافر المياه النظيفة.
وقالت: "الآن وقت العمل. نحن نستثمر بكثافة في إجراءات
منع المزيد من الانتشار".
دراسة: الطماطم الأرجوانية المعدلة وراثيا تقاوم السرطان
"الصحة العالمية": العالم يقترب من القضاء على جائحة كورونا
إنقاذ 50 مليون شخص من الإيدز والسل والملاريا خلال عقدين