يحاول الديمقراطيون الاحتفاظ بالغالبية الضئيلة في الكونغرس، في حين يريد الجمهوريون إعادة السيطرة على مجلسي الشيوخ والنواب لما كان عليه الأمر قبل الرئيس جو بايدن.
ويتحدث الخبير في الشأن الأمريكي خالد صفوري، في مقابلة مع "عربي21"، عن تأثير فوز الجمهوريين في انتخابات التجديد النصفي "Midterms"، على بايدن، وإن كان ذلك سيسبب عرقلة لسياساته، مؤكدا أنه يرجح فوزهم بالفعل.
وخلال شهر من الآن، ستعقد الانتخابات التي تمثل استفتاء على شاغل البيت الأبيض. فخلال أكثر من 160 عاما، لم يتمكّن حزب الرئيس إلّا نادرا من الإفلات من هذا التصويت الذي يوصف بـ"العقابي".
الثامن من تشرين الثاني/ نوفمبر الجاري، هو موعد انتخابات التجديد النصفي التي ستشهدها الولايات المتحدة، وتمثل أهمية كبيرة داخليا وخارجيا، يوضحها صفوري في هذه المقابلة:
- برأيك، هل يتمكن الجمهوريون من حصد أغلبية في مجلسي النواب والشيوخ، أم يفرض الموقف الدفاعي للديمقراطيين كلمته في انتخابات التجديد النصفي؟
أرى أنه ستكون هناك خسارة كبيرة للديمقراطيين في مجلس النواب، وبين محدودة وكبيرة أيضا في مجلس الشيوخ.
وأتوقع أن الجمهوريين سيتمكنون من حصد عدد كبير من المقاعد، وسيسيطرون على دفتي الكونغرس، النواب والشيوخ، بالتالي، فإن إدارة بايدن ستكون بما يسمى سياسيا "بطة عرجاء"، ما يعيقه عن تنفيذ خططه المقبلة وسياساته.
اقرأ أيضا: كيف سيكون شكل الانتخابات النصفية الأمريكية؟
هناك مؤشرات جيدة مثل انتهاء عمل لجنة تحقيق "6 يناير" التي تقوم بالتحقيق في الهجوم على الكونغرس الأمريكي بعهد ترامب، والتي كانت تعد ورقة ضغط بأيدي الديمقراطيين، ولكنها باتت بحكم المنتهية، مع مجيء الانتخابات القادمة.
- ما تأثير هذه الانتخابات على الملف الأوكراني بالنسبة للولايات المتحدة؟
عند الحديث عن أهمية هذه الانتخابات على الملفات الخارجية، يأتي في مقدمتها أن الجمهوريين ليس لديهم نفس الحماس لمساعدة أوكرانيا مثل الديمقراطيين.
ويعود ذلك لسببين، الأول أن حزب بايدن يكره روسيا وهذا ما كان يحركه في الملف الأوكراني، واعتقاد الديمقراطيين أن روسيا ساعدت الرئيس السابق دونالد ترامب في الفوز بالانتخابات حينها، وأنها تلاعبت في الوضع الداخلي الأمريكي.
أما السبب الثاني، أن الجمهوريين وقطاع كبير منهم لا يريدون الدخول في حروب أخرى، وهم يرون أن على أمريكا الاهتمام بالوضع الداخلي أولا.
- هل أثّر الإحصاء السكاني الأخير على مقاعد الديمقراطيين والجمهوريين في الولايات الأمريكية؟
الجمهوريون استفادوا بالتأكيد من الإحصاء السكاني الأخير، إذ كسبوا ستة مقاعد لصالحهم.
ولكنني لا أعتقد أن الإحصاء السكاني الأخير الذي جرى عام 2020 سيلعب دورا كبيرا في انتخابات التجديد النصفي، حيث لم نر تغييرا كبيرا في المقاعد، ففي حين أن بعض الولايات الجمهورية كسبت ستة مقاعد، لكنها أيضا في أخرى خسرت مقاعد مثل ولاية أوهايو.
وبعض الولايات المتأرجحة خسرت مقاعد أيضا، مثل بنسلفانيا وميشيغان. والأمر ذاته بالنسبة للولايات الديمقراطية التي خسرت مقاعد، مثل نيويورك وإلينوي.
أعتقد أن التأثير سيكون محدودا بأربعة أو خمسة مقاعد، وهذا لا يكفي لقلب المعادلة في انتخابات التجديد النصفي.
- كيف يؤثر فوز الجمهوريين -في حال حصل ذلك- على بايدن كرئيس، من حيث الرقابة البرلمانية وحظوظه في انتخابات الرئاسة المقبلة؟ وكذلك بالنسبة لحظوظ ترامب الذي ينوي الترشح والعودة للبيت الأبيض؟
كل التوقعات الآن تذهب إلى خسارة الديمقراطيين مجلس النواب، وبعض التوقعات تقول بأنهم ربما يحافظون على الأغلبية في مجلس الشيوخ، وهذا أمر أشك به حتى.
ولكن في حال حفاظ الديمقراطيين على مجلس الشيوخ، فإنهم سيستطيعون مساعدة الرئيس في بعض الأمور ليس إلا، ففي النهاية فإن مشاريع القرار بحاجة إلى شقي الكونغرس، بالتالي فإن سياسات بايدن ستتأثر، بالإضافة إلى أن حظوظه في انتخابات الرئاسة ستتأثر، بل ستكون غير موجودة، بالتالي لن يسمح الحزب له أو لنائبته هاريس بالترشح.
وبعد الانتخابات النصفية سنرى الطامحين من الديمقراطيين بالترشح.
وفي حال فوز الجمهوريين، فإن السياسة الخارجية لبايدن سيتم عرقلتها، مثل ملفات المناخ والبيئة والتعاون الدولي، بحيث أن الجمهوريين سيكونون حينها يسيطرون على ميزانية الدفاع والخارجية، ويمكن أن يحجزوا الأموال كشروط لوقف بعض برامج الحكومة الأمريكية.
- ما هي أولويات الناخب الأمريكي لاتخاذ قراره في انتخابات التجديد النصفي، هل الملفات الداخلية تطغى على الخارجية؟
في مقدمة الأمور الأكثر أهمية بالنسبة للناخب الأمريكي، الاقتصاد، وارتفاع أسعار البنزين والنفط، وهذا كله يؤثر بشكل مباشر على جيب المواطن الأمريكي.
الاقتصاد بشكل عام في أمريكا ليس بأوضاع سيئة جدا، فمعدلات البطالة منخفضة جدا بشكل تاريخي، والاقتصاد ما يزال ينمو، إلا أن ارتفاع الأسعار يؤثر بعبء كبير على الشعب الأمريكي.
الأمر الآخر هو مشاكل الإجرام، وربما يكون الأمر يشهد تضخيما إعلاميا، إلا أنه عامل كبير له تأثير على الناخبين الأمريكيين.
اقرأ أيضا: لماذا تكتسب الانتخابات النصفية الأمريكية أهمية بالغة؟
كذلك الهجرة غير المشروعة، فهي تشكل ملفا داخليا أساسيا أيضا، فنحو 70 في المئة من الشعب يريدون وقفها، ويتهمون بايدن بأنه تساهل في مواجهتها، والرئيس بالفعل تحت ضغوط من أعضاء كونغرس من حزبه من أصول لاتينية، لا سيما أن غالبية المهاجرين لاتينيون، بالإضافة إلى السود الذين اعترضوا على اعتقالات إدارة الهجرة للسود الفارين من هاييتي والفوضى الأمنية فيها.
أما في ملف المرأة داخليا، هناك حق الإجهاض، ولكنه تراجع عن الانتخابات السابقة من الرقم ٢ لدى اهتمامات الناخبين إلى الرابع تقريبا بحسب استطلاعات الرأي، وأقل أهمية لأن الديمقراطيين فشلوا في استثمار ورقة الإجهاض والمرأة في هذه الانتخابات.
- ما أهمية الانتخابات المحلية لحكام الولايات في التجديد النصفي؟
تتمثل بأنه في حال السيطرة على إحدى الولايات من خلال الانتخابات المحلية، فإنه يعطي نفوذا للحزب الفائز فيها في لعب دور بتقسيم الدوائر الانتخابية.
وهذا يلعب دورا في دعم المرشح الرئاسي في الولاية من قبل حاكمها، فكثير من الأحيان يكون تعاطف المواطنين مع اختيار حاكم الولاية بين المرشحين الديمقراطي والجمهوري.
- ما هي الولايات التي تكتسي "أهمية خاصة" في انتخابات التجديد النصفي هذه؟
الجميع في الولايات المتحدة ينظر إلى ثلاث ولايات تعد الأكثر أهمية، لأنها ستحدد مصير مجلس الشيوخ.
بنسلفانيا هي الأولى، التي كان من المتوقع أن يفوز فيها المرشح الديمقراطي بكل سهولة، لكن اتضح مؤخرا تراجعه بشكل كبير في الاستطلاعات، وأصبح الفارق بسيطا جدا بينه وبين المرشح الجمهوري. بالإضافة إلى أن عضو الشيوخ عنها كان جمهوريا، ولكنه تقاعد.
وكذلك هناك جورجيا، وهي ولاية جمهورية تاريخيا، ولم تصوت للديمقراطيين منذ أواخر الستينيات منذ 1968. وفجأة جاء عضوان بمجلس الشيوخ من الديمقراطيين بالانتخابات السابقة، والآن هناك مقعد كان من المفروض أن يستعيده الجمهوريون، ولكن مرشحهم ضعيف. وهناك متابعة كبيرة لجورجيا، التي تشهد مرشحين من السود، أحدهما جمهوري والآخر ديمقراطي.
الولاية الثالثة هي أريزونا، هي ولاية جمهورية تاريخيا أيضا، ولكن خسرها الجمهوريون في انتخابات الرئاسة السابقة، وصوتت لصالح بايدن، ولكنها تشهد حاليا انتخابات مهمة جدا في محاولة من الديمقراطيين المحافظة عليها أمام إصرار جمهوري لاستعادتها.
هذه الولايات الثلاث تمثل مؤشرا سينعكس على نتائج الانتخابات ككل، فهي ولايات في الشرق الأمريكي ما يعني أن انتخاباتها مبكرة، فإذا شهدنا فيها فوزا جمهوريا فإننا سنشهد اكتساحا جمهوريا، والأمر ذاته بالنسبة للديمقراطيين في حال فوزهم في هذه الولايات.