ما إن
شهدت العلاقات الألمانية مع دولة الاحتلال تطورا لافتا في السنوات الماضية، حتى بادرت
الأخيرة لافتعال أزمة معها بسبب فعالية سيعقدها قريبا المعهد الثقافي الألماني الحكومي-
معهد غوته، حول ذكرى الهولوكوست والنكبة، مما حدا بوزارة خارجية الاحتلال للردّ بحدّة
على الفعالية بالزعم أنها "استخفاف صارخ بالهولوكوست، مع نية سافرة لاستغلال هذا
التقارب بين الحدثين التاريخيين بهدف تشويه سمعة إسرائيل".
إيتمار
آيخنر المراسل السياسي لصحيفة "يديعوت أحرونوت"، كشف أن "وزارة الخارجية
في تل أبيب تسودها أجواء من الغضب على ألمانيا بسبب توجه معهدها الحكومي عقد مؤتمره
في تل أبيب بمبادرة من حزب اليسار الراديكالي الألماني "دي لينك"، تحت عنوان
"فهم ألم الآخر: الهولوكوست والنكبة وثقافة التذكر"، مع العلم أنه كان مقررا
عقده اليوم الأربعاء، لكن المعهد اضطر لتأجيله إلى 13 تشرين الثاني/ نوفمبر بسبب الانتقادات
الإسرائيلية الشديدة".
وأضاف
في تقرير ترجمته "عربي21" أن "الحدث نظمته مؤسسة "روزا لوكسمبورغ"
التابعة للحزب الألماني، ويركز على التربية السياسية وفق مفاهيم التيار الاشتراكي الديمقراطي،
وهي تتلقى تمويلًا من الحكومة الألمانية، حيث يعمل معهد غوته، نيابة عن الحكومة الألمانية
في جميع أنحاء العالم، وكتب في دعوته أنه بعد 75 عامًا تقريبًا من إنشاء إسرائيل، لا
تزال الذاكرة قائمة حول منطقة متنازع عليها سياسيًا، وفيما يركز اليهود على الهولوكوست،
فلا زال الفلسطينيون يستذكرون ما حصل لهم في ذلك العام المصيري 1948، الذي سقط فيه
مئات الآلاف منهم ضحايا هروب وترحيل من قبل مقاتلين يهود، وهي أحداث "النكبة".
ونقلت
الصحيفة عن محافل دبلوماسية إسرائيلية في تل أبيب أنها "تعرب عن الصدمة والاشمئزاز
من الازدراء الفاضح للمحرقة، والنية السخيفة والمتلاعبة لخلق رابط بينها وبين أحداث
"أخرى" كل هدفها تشويه سمعة إسرائيل، وتدعو جميع الأطراف المعنية لإلغاء
ما وصفته بـ"الحدث المشين"، صحيح أنه تم تأجيل الحدث، لكن لم يتم إلغاؤه،
وزعمت الوزارة أن موقفنا من الحدث أنه "مخز ومشين"، ولا ينبغي أن يحدث في
أي تاريخ".
رئيس
منظمة "ياد فاشيم" لتخليد ذكرى المحرقة، داني ديان، زعم أن "المؤسسة
الألمانية من خلال احتفالها هذا إنما تسعى لتشويه لا يطاق للمحرقة، وإقامة هذا الحدث
سلوك لا يغتفر"، أما سفير الاحتلال في ألمانيا رون بروشوير فادعى أن "الفعالية
استفزاز ساخر، ولا ينبغي قبولها، وتغيير تاريخها تجميلي فقط لا يلغي المحاولة المعادية
للسامية لتقزيم ذكرى الهولوكوست، وهي فضيحة يجب ألا تصبح خطابًا فكريًا مقبولاً.
معهد
غوته رد على هذه الضجة الإسرائيلية بالقول إن "إحياء ذكرى الهولوكوست من قضاياه
المركزية، وخصصنا له العديد من المشاريع، والمعهد يمثل منصة للتفاهم والحوار، والمتحدثان
الإسرائيليان في الفعالية خبيران معترف بهما في مجال ثقافة التذكر وسياسة المصالحة".
تشير
هذه العاصفة الإسرائيلية المفتعلة إلى استمرار الاحتلال في استغلال حادثة المحرقة،
و"التكسب" من ورائها، ومحاربة كل من يسعى لربطها بأحداث تاريخية ليست أقل
سوءا منها مثل النكبة الفلسطينية، بالتزامن مع الخشية الإسرائيلية من الزيادة المطردة
في أعداد منكري المحرقة على شبكة الانترنت، وقد ارتفعت نسبتهم 30 بالمئة منذ عام
2016، في حين سجلت مواقع "فيسبوك" و"إنستغرام" و"يوتيوب"
تراجعا في هذه النسبة، لكن "تويتر" يشهد تزايدا.
وقال
تقرير أصدره الكونغرس اليهودي العالمي إنه منذ 2018 ارتفعت بصورة مزعجة لإسرائيل نسبة
من ينكرون وقوع الهولوكوست، ويستخدمون رموزا معادية للسامية، تعود للعهد النازي، واتهامات
لليهود بالمبالغة في الحديث عن المحرقة، وأعداد من ماتوا فيها، وفي حين أن ألمانيا
تشهد تراجعا في الظاهرة، فإن بولندا وسويسرا وصربيا أكثر الدول انتشارا في استخدام
العبارات النازية المعادية لليهود.
تحليل إسرائيلي: قلق من تحول "عرين الأسود" إلى ظاهرة
مطالبات إسرائيلية بتزويد أوكرانيا بالسلاح.. ما علاقة إيران؟
كاتب بيديعوت: الترسيم أضاع فرصة لخنق حزب الله بقرار أممي