قال الأمين العام
للمجلس السوري للتغيير، حسان الأسود، إن "الروس هم أصحاب الكلمة العليا في
سوريا، حتى إن لم يكونوا قادرين وحدهم على إنجاز الحل، فإنهم قادرون على فرض
شروطه أو على الأقل تعطيله".
وشدّد الأسود، في
مقابلة خاصة مع "عربي21"، على أنه "لا يمكن أبدا تجاهل الدور
الروسي في سوريا، والمعارضة السورية مُلزمة على أخذ هذا الأمر بالحسبان"،
لافتا إلى أن "هناك على الدوام إمكانية المناورة السياسية، مع المحافظة على
مصالح الشعب السوري".
ولفت إلى أنه "ليست
هناك مؤشرات على وجود تغيّر جذري في الخارطة السياسية والميدانية في سوريا، وهذا
يعني أن تفاهمات أستانا التي رسمت خطوط الواقع الحالي لم تتغير، وبالتالي سنشهد
مناوشات محدودة لا غير تتعلق بقضايا جزئية ورسائل يرسلها المتخاصمون (الدوليون)
لبعضهم البعض".
وأكد أن "أهم
أسباب انعدام فرص الحل السياسي للأزمة السورية تتمثل في الدعم الروسي والإيراني
اللامحدود لنظام الأسد، وتشابك المصالح الدولية والإقليمية، وانعدام الرغبة
الدولية للحل، واتساع رقعة الصراعات في المنطقة".
وأشار الأسود، وهو
أيضا مدير الرابطة السورية لحقوق الإنسان ومجموعة القانون لأجل سوريا، إلى أن
"حل الأزمة في بلادنا سيبقى بعيد المنال ما لم يتوصل السوريون أنفسهم إلى
توحيد جهودهم، بحيث يفرضون على المجتمع الدولي حلا يناسب سوريا وشعبها".
وتاليا نص المقابلة
الخاصة مع "عربي21":
كيف تابعتم الهجمات الأخيرة على مخيمات النازحين في محافظة إدلب؟
كم هو مؤسف أن تكون
أجساد السوريات والسوريين صندوق بريد لرسائل الدول المتدخلة في الأزمة السورية،
لقد أصدرنا في المجلس السوري للتغيير بيانا، نددنا فيه بهذه الهجمات، ودعونا المجتمع
الدولي لتحمّل مسؤولياته في حماية المدنيين وتجنيبهم الأخطار.
إن هذه السياسة
الممنهجة التي يتبعها النظام وحلفاؤه الإيرانيين والروس تدلّ بشكل لا يقبل الجدل
على أنهم السبب الرئيس في الأزمة وفي معاناة الشعب السوري، كما يدلّ على استحالة
التوصل إلى أي حل بوجودهم، فهم أساس المشكلة، وليسوا جزءا من الحل.
لقد بات المجتمع
الدولي عاجزا عن القيام بأيّ خطوات تجاه هذه المأساة، وفي أوكرانيا، حيث تستحوذ
الحرب هناك على اهتمام العالم أجمع، لم يتمكن المجتمع الدولي من حماية المدنيين من
الهجمات الصاروخية والهجمات بالطيارات المسيرة، فهل يتمكن من القيام بذلك في
سوريا؟
هل نحن على أعتاب مرحلة جديدة في سوريا ربما تشهد تصعيدا دمويا في وقت لاحق؟
ليست هناك مؤشرات على
وجود تغيّر جذري في الخارطة السياسية والميدانية في سوريا، وهذا يعني أن تفاهمات
أستانا التي رسمت خطوط الواقع الحالي لم تتغير، وبالتالي سنشهد مناوشات محدودة لا
غير تتعلق بقضايا جزئية ورسائل يرسلها المتخاصمون لبعضهم البعض.
ما توصيفكم للتحركات الروسية الأخيرة في سوريا؟ هل هي انسحاب أم مجرد إعادة تموضع فقط؟
هي إعادة تموضع فقط لا
غير، لقد شكّل التدخل الروسي في سوريا نقلة نوعية في الاستراتيجية الروسية على
مستوى الجيوبوليتيك، فهذه الحلقة السورية كانت الأولى خارج المحيط الإقليمي القريب
للاتحاد الروسي، وبالتالي لن تتنازل عنه قبل أن تقبض ثمنه غاليا. على العكس من
ذلك، تستثمر روسيا في سوريا من أجل تقوية أوراقها في الحرب على أوكرانيا؛ فالورقة
السورية مهمة للتعامل مع إسرائيل، ومنعها من السير بعيدا في دعم أوكرانيا، وكذلك في
التعامل مع الدول العربية التي يهمها إبعاد إيران عن سوريا وعن حدودها، وبالتالي
ستكون مُضطرة للتفاوض مع الروس بهذا الشأن.
هل التفاهمات الروسية التركية الجارية سيكون لها انعكاس واضح على مستقبل الأزمة السورية؟
لا شك بأن الروس أصحاب
الكلمة العليا في سوريا، وحتى إن لم يكونوا قادرين وحدهم على إنجاز الحل، فإنهم
قادرون على فرض شروطه أو على الأقل تعطيله.
لذلك، فإن المعارضة
السورية مُلزمة على أخذ هذا الأمر بالحسبان، فلا يمكن تجاهل الدور الروسي أبدا. في كل الأحوال، هناك على الدوام إمكانية المناورة السياسية مع المحافظة على مصالح
الشعب السوري المطالب بحقوقه بالحرية والكرامة.
ما أبعاد وملابسات عمليات الاغتيال والتصفية للناشطين السوريين؟
لقد كان الثوار
المدنيون السوريون من الشباب والصبايا على الدوام شوكة في حلق النظام وحلفائه، ثم
باتوا شوكة في حلق قوى الأمر الواقع والمليشيات المختلفة التي سيطرت على الخارطة
السورية؛ لذلك كلّه كانوا مُستهدفين على الدوام من هذه القوى بالاعتقال والاغتيال،
وسوف يبقون كذلك.
وهل هذا نتيجة الاقتتال بين الفصائل المتناحرة؟
ليس لتناحر الفصائل
كبير أثر في هذه المسألة، بل لبنية هذه الفصائل القائمة على الاسترزاق على حساب
السوريين؛ فهي لا تمثلهم ولا تدافع عنهم، لذلك سيكون من الطبيعي أن تستهدف من
يقومون بذلك، أي الثوار المدنيين.
ما حقيقة ما قيل حول وجود تصدع في صفوف الجيش الوطني السوري، خاصة بعد انحياز بعض فصائله إلى جانب "هيئة تحرير الشام" في الاقتتال ضد الفيلق الثالث؟
لم يكن هناك شيء اسمه
"الجيش الوطني"؛ فانعدام وجود قيادة عسكرية واحدة، وانعدام وجود هيئة
أركان مسيطرة بشكل فعلي، وانعدام وجود هيكلية تنظيمية متسلسلة، وانعدام وجود سلسلة
واضحة للمسؤوليات وإصدار الأوامر، وانعدام وجود قيادة سياسية يتبعها هذا الجيش،
يدلّ على أن ما وجد ليس أكثر من تجميع لبعض الفصائل ضمن إطار رثّ مُهلهل لا يسمن
ولا يغني من جوع.
ما فرص وجود جيش "حقيقي" وموحد في شمال سوريا؟
بالنسبة لي، أعتقد أنه
ما من فرصة لبناء جيش وطني حقيقي دون تحقق مجموعة من العوامل والظروف، أهمها
استعادة المعارضة السياسية لقرارها الوطني، وهذا يعني تغيير هذه المعارضة بالكامل،
لأنها تابعة بالمطلق لبرامج عمل الدول. ثم لا بدّ من قيام الضباط الأحرار الشرفاء
ببناء جيش محترف من الصفر، واستبعاد جميع العناصر المدنية منه، واستبعاد
الإيديولوجيا والفصائلية والمناطقية عنه. غير ذلك سنبقى ندور في ذات الحلقة
المفرغة.
مؤخرا عادت هيئة التنسيق، ومنصة القاهرة، للمشاركة لأول مرة في وفد رسمي زار جنيف ضمن هيئة التفاوض السورية المعارضة.. فما دلالة ذلك؟
هي خطوة تدلّ على وجود
تحركات من نوعٍ ما، تقوم بها غالبا الدول الفاعلة في الملف السوري؛ فهذه التشكيلات
باتت تابعة بشكل أو بآخر لتلك الدول، وهي تلبي ما تطلبه منها. في كل الأحوال، يحتاج
هذا الأمر لبعض الوقت لمعرفة نتائجه.
هل هناك جديد على صعيد الحلول السياسية؟
لا جديد على صعيد
العملية الانتقالية حتى الآن، واتفاقيات خفض التصعيد لا تأثير لها سوى على الواقع
الميداني، فهي ترسم خطوط الاشتباك، وهي تثبّت مع الأسف إمكانيات تقسيم سوريا مستقبلا.
لماذا انعدمت آفاق الحل السياسي في سوريا؟
أهم أسباب انعدام فرص
الحل هي الدعم الروسي والإيراني اللامحدود لنظام الأسد، وهذا النظام لا يمكنه
تقديم أي تنازل لصالح الشعب السوري. ثاني الأسباب هو تشابك المصالح الدولية
والإقليمية، وثالثها انعدام الرغبة الدولية واتساع رقعة الصراعات في المنطقة. هناك
بلا شك الآن أولوية الحرب في أوكرانيا. سيبقى الحل بعيد المنال ما لم يتوصل
السوريون أنفسهم إلى توحيد جهودهم، بحيث يفرضون على المجتمع الدولي حلا يناسب سوريا
وشعبها.
الأمين العام لجامعة الدول العربية، أحمد أبو الغيط، دعا مؤخرا إلى تسوية الوضع "المأزوم" في سوريا، و"غلق صفحة الماضي بآلامها"، و"السعي نحو وضع جديد" يتيح لدمشق العودة إلى الانخراط في الجامعة.. ما تعقيبكم على تلك التصريحات؟
هي تصريحات تمثّل
الاتجاه المتعاظم لدى الأنظمة العربية، الذي يرى أن النظام انتصر عسكريا، ولا بدّ
من التطبيع معه. لكن هذا الحل غير قابل للتطبيق الآن على الأقل، بسبب موقف
السعودية وقطر ومصر، وبسبب رفض الشعب السوري لإعادة تعويم نظام القتل والإبادة
والمخدرات والجريمة المنظّمة.
ما الأسباب الحقيقية التي حالت دون عودة سوريا إلى الجامعة العربية؟
أعتقد أن موقف المملكة
العربية السعودية الرافض لهذه العودة وموقف مصر وقطر المساند لها كان لها الأثر
الكبير في عدم عودة النظام لجامعة الدول العربية. إضافة بالطبع للتأثير الأمريكي
غير المباشر على بعض الدول العربية.
وزير لبناني لـ"عربي21": الفراغ الرئاسي ينذر بأزمات خطيرة